الرئيسة \  واحة اللقاء  \  يخفضون النوايا في أمريكا:متابعة ما يصدر عن واشنطن بخصوص الأزمة السورية خلال الأيام القادمة مهمة

يخفضون النوايا في أمريكا:متابعة ما يصدر عن واشنطن بخصوص الأزمة السورية خلال الأيام القادمة مهمة

25.03.2015
جاكي خوجي


القدس العربي
معاريف/ مجازين 23/3/2015
الثلاثاء 24-3-2015
سارعت وكالات الانباء في انحاء العالم الاسبوع الماضي في اقتباس اقوال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مقابلته مع (CBS). فحين سئل كيري عن الازمة في سوريا، حيث تصادف هذه الايام مرور اربع سنوات على نشوبها، قال ردنا مفاجئا.
حيث قال "جميعهم متفقون على انه لا يوجد حل عسكري، وان هناك فقط حل سياسي"، واضاف "من اجل جلب الاسد إلى المفاوضات، علينا ان نوضح له ان جميعهم مصصمون على الوصول إلى هذه النتيجة، وان نغير وجهة نظره بالنسبة للمفاوضات". وردا على سؤال حول استعداده للحديث مع الرئيس السوري، اجاب كيري: "صحيح، في النهاية سنكون ملزمين بالحديث معه".
بكلمات اخرى اوضح كيري ان الاسد هو عنصر رئيسي في حل الازمة في سوريا، وانه من الممكن إجراء إتصالات معه. الوزير الأمريكي لم يكرر في المقابلة مواقف الولايات المتحدة التقليدية خلال سنوات الحرب في سوريا، والتي بموجبها ان النظام في دمشق فقد شرعيته، وعلى الرئيس ان يذهب إلى البيت.
قبل يومين فقط من ذلك، اجرى مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) جون بيرنان، مقابلة تفوه هو الآخر فيها بهذه الروح. "من سيأتي بعد الاسد، سوف يكون اسوأ منه"، هكذا قال رجل المخابرات رقم 1 في واشنطن. في دمشق، في طهران وفي لبنان كان هناك الكثيرون ممن ضحكوا تحت شواربهم. فقبل سنة او سنتين، لم يفوت الرئيس الأمريكي باراك اوباما اي فرصة من اجل الدعوة لاسقاط الاسد.
سارعوا في واشنطن لكبح الاقوال وللقول ان الاتصالات لن تتم مع الاسد نفسه، بل مع مندوبيه. وسارعت باريس ايضا للتحفظ من هذه التطورات، ولكن كان واضحا للجميع ان الحديث لم يكن عفويا من خلال التصريحين، او انه كانت زلة لسان، ولكنها اقوال قيلت بصورة متعمدة. من الممكن بالتأكيد ان إدارة اوباما درست مجددا مواقفها بخصوص سوريا وقررت انه من بين العدوين، الاسد والمنظمات الجهادية، فإن الاول هو اقل سوءا، وعليه من الممكن إبقاءه على حاله. يبدو ان الحديث يدور عن بداية تطورات درامية، والتي بها يتخلى الغرب عن التخيل او الحلم بإسقاط البعث في سوريا، يبدو ان حرب البقاء المرة جدا التي قام بها النظام العربي خلال العقود الاخيرة قد اثمرت. لمن نسي، فإنه قبل سنتين فقد تنبأ الكثيرون ان مصير الاسد هو جهنم، وان ذلك قريب.
"آن الأوان لأن يفهم الغرب ان بشار الاسد لا يعتزم الذهاب إلى اي مكان"، هكذا قال مندوب سوريا في المنظمة الدولية بشار الجعفري، واضاف "ان الاسد قوي، وبإمكانه الاستمرار".
 
الحساب السعودي
لقد لقي 220 الف شخص حتفهم في سوريا في السنوات الاربع للحرب. عدد كهذا يتضمن ايضا مقاتلي جيش الاسد ومسلحون من تنظيمات مختلفة ممن حاربوه. وعلى الاقل فقد ثلاثة ملايين انسان بيوتهم او انهم هربوا منها إلى احدى الدول المجاورة، هربا من الموت. فيما نزح حوالي سبعة مليون اخرين داخل البلاد، هربا إلى مناطق اقل اشتعالا. ومن بين الضحايا في اوساط الشعب السوري يوجد آلاف الاطفال وآلاف النساء.
وعلى مدار المعركة، وتقريبا منذ بدايتها، ادعى الاسد ورجاله ان معركة اقليمية تشن عليهم، واسموها "إرهاب". وهم لم يخطئوا. تحالف سني، بقيادة السعودية، اتخذت مكانا لها في الازمة، التي كانت في مراحلها الاولى تمردات داخلية.
في الواقع، فإن نظام البعث في سوريا اسس قوته على جثث المعارضين، ومن العدل ان يدفع الثمن. الطريقة التي يحارب فيها المتمردون، عبر المذابح التي يرتكبها بحق السكان المدنيين، تشبه الاب الذي اغتصب ابناءه. هذا النظام، المتوجب ان يهتم بأبناء شعبه، يلقي عليهم البراميل المتفجرة من الجو ويدمر احياءا كاملة، فقط من اجل ان يقضي على خلية متمردين يختفون فيها. ولكن الاسد ليس هو الوغد الوحيد في المشهد الذي امامنا. فاعداؤه مدانون مثله، واحيانا اكثر منه.
للسعودية يوجد حساب طويل مع بشار الاسد، اساسه خلافات تاريخية، ومنشأه في الخلاف العرقي الذي يدور في الشرق الاوسط. فقد كان لهم حساب شخصي. فقبل نحو العقد اقام الاسد مع نظرائه من حزب الله واصدقائه في طهران تحالفا، وتمكنوا سوية من التخلص من خصمه السياسي رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان الاسبق. حيث انفجرت سيارة مفخخة على مسار سيارته في الرابع عشر من شباط من العام 2005، حيث اصعدوه إلى السماء مع مرافقيه. حيث كان يمتلك فيلات في الرياض له ولافراد عائلته ويتمتعون بالجنسية السعودية.
ولكن اساس الحساب بين السعودية والاسد هو سياسي. فالسعودية ترى بإسقاط نظام الاسد ضرورة استراتيجية لاضعاف المعسكر الخصم بقيادة إيران. ويعتقدون في الرياض انه في حال سقوط نظام الاسد فسوف يبقى للإيرانيين فقط حزب الله الصديق الوحيد في العالم العربي، وبذلك من الممكن معالجة ذلك لاحقا. انها لعبة خطرة، حيث ضحايا هم السكان الابرياء، وهو من شأنه ان يخلق نوايا إرهابية، ومخاطر للمنطقة بأكملها. (الإيرانيون يدعون ان الشيعة هم الإسلام الصحيح.)
في السنوات الاخيرة انضم إلى ذلك المنافسة على قلب العزيزة أمريكا. فمنذ ان بدأت طهران تغازل واشنطن، تخوف السعوديون من ان التقارب فيما بينهما من شأنه ان يكون على حساب علاقاتها مع العربية السعودية.
 
فرنسا ضد أمريكا
منذ اندلاع الازمة السورية، في آذار من العام 2011، لم تظهر الولايات المتحدة تصميما. في اسرائيل، وايضا خارجها، لمحوا للأمريكيين عن سياستهم المترددة، وعندما تم سؤالهم عن تسوية اجابوا بقولهم "نحن نقود من الخلف". فإلى حين ظهور المنظمات الجهادية، وفي مقدمتها "الدولة الإسلامية" (داعش) وجبهة النصرة، قاد المعركة جيش سوريا الحر. وهو منظمة علمانية، يقودها ضباط سابقون في جيش الاسد. وكانت قواعده وقيادته تتركز في تركيا، وحظي بغطاء كامل وبدعم استخباري، وامني ومالي من تحالف دول سعت إلى اسقاط نظام الاسد. في هذا التحالف كان هناك اعضاء من الدول الغربية، وفي مقدمتها فرنسا، بريطانيا والولايات المتحدة. إلى ان تم طردهم من قبل داعش وابعدوا عن المنطقة، ولقد اعتاد قادة الجيش الحر على عقد لقاءات مع رؤساء اجهزة المخابرات الفرنسية، ومع نظرائهم الاتراك، وجهاز المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) والمخابرات البريطانية. وكانت معظم هذه اللقاءات تتم في باريس، اسطنبول وفي لندن، وتناولت بشكل اساسي التنسيق لمجريات الحرب وتزويد الوسائل القتالية لمليشيات المتمردين.
وعلى مدار المعركة، وفي الغرف المغلقة، تمسك الأمريكيون بمواقفهم المعتدلة والرصينة. فعلى سبيل المثال حالت واشنطن ودون مطالب المتمردين بتزويدهم بالسلاح المتطور. وسعت السعودية إلى تزويدهم بصواريخ مضادة للطائرات، ليتمكنوا بها من التصدي لطائرات سلاح الجو التابع للاسد، ولكن الأمريكيين وضعوا فيتو مطلقا على ذلك.
وفي مقابل موقف واشنطن الكابح، ضغطت فرنسا بكل قوتها على دواسة البنزين للسعي من اجل اسقاط نظام الاسد. وخرج كذلك مدربون عسكريون فرنسيون إلى الاردن وقاموا بتدريب المتمردين، وبشكل خاص بالاسلحة ووسائل القتال الفرنسية زودوهم بها. في المراحل الاولى نسبيا من القتال، اعتبرت فرنسا ذراع السعودية القوي، في العمليات ضد نظام الاسد، على غرار ما فعلته ضد حاكم ليبيا السابق معمر القذافي. الا ان التهديدات بإستخدام الفيتو من قبل روسيا والصين معا افشل هذه المساعي، وساهمت في ذلك بشكل ما في امن اسرائيل. تخيلوا لانفسكم لو ان نظام البعث انهار في سوريا، وعلى ابواب اسرائيل وجدت عراق جديدة؟.
بالعودة إلى الرياح الجديدة التي تهب من واشنطن. يكون من المهم خلال الاشهر القادمة متابعة الكلمات التي تخرج من هناك بخصوص الازمة السورية. احيانا، تتخذ واشنطن خطوة قليلة إلى الوراء، ولكنها ليست كافية لان تلقي بظلالها على اقوال كيري. اوساط في الدائرة السياسية قالوا ما ذكر، ان الاتصالات مع الاسد نفسه لن تتم، بل مع مندوبين من طرفه. رد خطير آخر ورد، كما هو متوقع، من فرنسا. فقد تحولت فرنسا خلال فترة الحرب في سوريا إلى المعبر الكبير عن المصالح السعودية. فقد سادت بين البلدين خلال السنوات الاخيرة علاقات اقتصادية وثيقة. فالسعودية تدفع وفرنسا تبيع، بشكل اساسي تجهيزات وعلوم عسكرية، بصفقات عملاقة تساعد كثيرا الاقتصاد الفرنسي في السنوات الاخيرة.
"بشار الاسد ليس جزءا من خطة الحل في سوريا"، هكذا اعلن وزير الخارجية الفرنسي ردا على الاقوال التي خرجت من فم وزير الخارجية الأمريكي. ولم يدخر وزير الخارجية لوران فابيويس، تأنيبا من واشنطن. وقال ان الحل يجب ان يكون سياسيا، وان يتم بصورة تدريجية، ولكن يجب ان يشمل إقصاء الاسد. واضاف المسؤول الفرنسي " اي حل غير ذلك سيكون بمثابة هدية لإرهاببي داعش. ولكن كيف ممكن ان نجعل الاسد يغادر برغبته.؟ هذا ما لم يقله فابيوس.