الرئيسة \  تقارير  \  يديعوت أحرنوت :تفرقة منظمة

يديعوت أحرنوت :تفرقة منظمة

06.02.2022
هدار غيل


هدار غيل – عاد
الغد الاردنية
السبت 5/2/2022
حسن (29 سنة) نال لقب العامل المميز في شركة تأجير السيارات التي كان يعمل فيها، ورغم ذلك، عندما تبين أنه سرقت سيارات من الفرع، كما يروي، اعتبر هو المشبوه الفوري. وسرعان ما استدعي لحديث استيضاح. “قالوا لي إننا نقلص القوى البشرية، لكن بالتوازي قيل لنا إننا ملزمون بتجنيد المزيد من العاملين، يروي ويضيف: “في أثناء الاستيضاح سألوني حتى مباشرة: يوجد هنا عشرة عاملين، بمن تشك؟”.
يقول حسن إن التجربة في مكان العمل ليست منقطعة بالطبع عن الحياة كعربي في المجتمع الإسرائيلي. “كمن يعيش ويعمل هنا، إحساسي هو أنهم لا يريدونك هنا. بدلا من دمجي في المجتمع وكأن بهم يقولون لي إنه من الأفضل لي أن أكون مجرما”.
حتى التفرقة التعديلية، كما يتبين، لا تساعد ضد مظاهر العنصرية. بل أحيانا العكس تماما مثلما عاشت التجربة ساريت (44 سنة)، التي تعرضت لمعاملة مهينة فقط لأنها تنتمي الى الطائفة الإثيوبية. “على مدى سنة ونصف، عملت في وزارة حكومية كبيرة كمديرة أمن المعلومات”، تقول وتضيف: “الوظيفة كانت مخصصة منذ البداية لأبناء الطائفة الإثيوبية، كتفرقة تعديلية، وقُبلت اليها بعد تصنيفات طويلة. ولكن من اللحظة الأولى التي وصلت فيها الى هناك عانيت من العنصرية، لم يعطوني أي فرصة”.
رغم سيرتها الذاتية المبهرة، تروي ساريت، استهدفها المديرون. “جئت مع 14 سنة تجربة، مع ألقاب أكاديمية، تعلمت هندسة البرمجة واجتزت الكثير من الدورات في المجال. وتلقيت مهام غير مناسبة لمكانتي. كل اقتراح لي رد ردا باتا. وكان الهدف الإثبات لباقي العاملين أني لا أعرف شيئا. وعاملوني هم أيضا بما يتناسب مع ذلك. تلقيت إهانات واستخفافا حتى يومي الأخير في مكان العمل. كان هذا جحيما. تعذيبا حقا. في أعقاب العمل هناك عانيت من مظاهر القلق. وقد ألحق هذا بي ضررا حقيقيا”.
حق نيل الرزق بكرامة”           
وبالفعل لأحاسيس حسن وساريت القاسية يوجد أيضا أساس. تقرير جديد لوزارة الاقتصاد والصناعة يرسم صورة حزينة بموجبها ما تزال سوق العمل في المجتمع الإسرائيلي مفعمة بالتفرقة وبالعنصرية. هكذا، مثلا، 33 في المائة يتحفظون من العمل مع زميل عربي. 27 في المائة يتحفظون من العمل مع زميل حريدي و9 في المائة يتحفظون من العمل مع سليلي اثيوبيا. 32 في المائة يتحفظون من العمل تحت مدير عربي. 22 في المائة يتحفظون من العمل تحت مدير حريدي، 8 في المائة يفضلون ألا يعملوا تحت مدير من أصل إثيوبي، 14 في المائة تحت شخص من ذوي الإعاقات و6 في المائة من العمل مع مديرة.
في التوزيع الى قطاعات سكانية، نجد أن المعطيات أقسى من ذلك. 85 في المائة من القطاع الحريدي غير معنيين بالعمل الى جانب عربي، و45 في المائة غير معنيين بزميل إثيوبي، 29 في المائة من العرب يتحفظون من العمل الى جانب حريدي.
تشكل سوق العمل عمليا انعكاسا للمجتمع الإسرائيلي كله الذي ما يزال مصابا بالعنصرية وبالتفرقة. وفقا لمعطيات وزارة العدل، رغم الاستقرار في السنتين الأخيرتين سجل ارتفاع في عدد الشكاوى التي استقبلت في الوحدة الحكومية لمكافحة العنصرية مقارنة بالعام 2018. في حينه رفعت 234 شكوى في السنة بينما في 2021 رفعت 458 شكوى. منها: 24 في المائة من الملفات فتحت على عنصرية تجاه سليلي إثيوبيات، 24 في المائة ضد أبناء المجتمع العربي، 6 في المائة بالنسبة لسليلي الاتحاد السوفياتي السابق، 4 في المائة ضد الشرقيين و10 في المائة ضد الحريدين.
نتائج مطابقة لصورة تمثيل الفئات السكانية المختلفة في سوق العمل”، تقول مريم كبها، مأمورة مساواة الفرص في العمل. “أؤمن بأنها تنبع أساسا من عدم المعرفة وغياب اللقاء الحقيقي والإيجابي بين القطاعات المختلفة في المجتمع. الاستنتاج الأساس هو أنه كلما خلقنا أماكن عمل أكثر تنوعا، سننجح في خلق التغيير المنشود الذي يؤدي أيضا الى مجتمع أكثر احتواء وتسامحا”.
تفويت الفرصة هو للاقتصاد، المرافق والمجتمع الإسرائيلي. فقد أثبتت بحوث عديدة في العالم بأن التنوع التشغيلي يخلق تنوعا فكريا، عصف أدمغة وتنوعا فكريا من عوالم المضمون والثقافات المختلفة، ما يؤدي الى النمو أكثر بكثير من المصلحة التجارية التي تتميز باللون الواحد”.
وتضيف وزيرة الاقتصاد والصناعة اورنا بربيباي، أن التعرض للمساواة في مكان العمل هو هدف استراتيجي وطني. “في ضوء الفوارق الباعثة على التحدي، علينا أن نشجع أرباب العمل على زيادة التنوع في التشغيل، كي نضمن المساواة الكاملة ليس فقط في القبول للعمل بل وأيضا في خلق ظروف تشغيلية متساوية، محيط عمل يسمح وبالطبع الحق في نيل الرزق بكرامة”.
تفرقة خفية
وعلى حد قول المحامي ايتسيك داسا، مؤسس العيادة لتحقيق المساواة في جامعة بار ايلان، فإن العنصرية لا تختفي مع السنين بل فقط تصبح أكثر ذكاء. وهو يقول “في السنوات الأخيرة يصل الينا المزيد فالمزيد من التوجهات عن التفرقة في أماكن العمل. فأرباب العمل على وعي بمقتضيات المساواة التي تنطبق عليهم في موقفهم من عامليهم، ولكن من جهة أخرى، لا تخفي العنصرية والخطاب في المجتمع الإسرائيلي تطرفا فقط. وهذا يؤدي الى أن التفرقة الخفية تتزايد، بمعنى أن أرباب العمل على وعي بآثار التصريحات العنصرية المباشرة مما ما يزال لا يمنعهم من التفرقة والإهانة بطرق أخرى”.
المحامية حايا مينع هي الأخرى، المختصة في القانون الإداري وترتيب المكانة في إسرائيل لا تفاجئها النتائج، وتقول “إنه لأسفي العنصرية متجذرة بقوة شديدة، بحيث أصبحت أمرا اعتياديا في قسم من مؤسسات الدولة. فأنا أصطدم بحالات من العنصرية والتفرقة. ويجد هذا تعبيره في الأسئلة التي تطرح على المرشحين والعاملين، في أقوال مهينة تقال لهم وفي المطالب التي تطرح عليهم. هذا الوضع يتطلب تغييرا فورا لا يحتمل أن تسمح دولة إسرائيل بعنصرية وتفرقة كهذه”.
في الأسبوع المقبل، سيعقد حدث تحت عنوان “نوقع على التنوع في التشغيل” في مقر الرئيس في القدس، بقيادة مأمورية مساواة الفرص في العمل في وزارة الاقتصاد والصناعة والهستدروت، حيث سيوقع ميثاق يدعو الى تشغيل متنوع في أوساط عموم الجماعات التي يتشكل منها المجتمع الإسرائيلي.