الرئيسة \  تقارير  \  يديعوت أحرونوت : مطلوب اقتصاد حرب

يديعوت أحرونوت : مطلوب اقتصاد حرب

04.06.2022
سيفر بلوتسكر


سيفر بلوتسكر
الغد الاردنية
الخميس 2/6/2022
في شباط 2022 نشبت حرب في أوروبا. روسيا بقيادة الرئيس بوتين غزت اوكرانيا، ودول الغرب، بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وقفت الى جانب كييف. لا بالجنود، نعم بالسلاح، الذخيرة، التكنولوجيا العسكرية، المساعدة الاستراتيجية وفرض عقوبات اقتصادية جسيمة على الحمل – هكذا وعدوا – على روسيا. منذئذ والحرب هناك تتواصل بقوى عالية.
مع ذلك، حكومات الغرب المساندة للجهد العسكري الاوكراني لم تستوعب بعد بان ادارة الحرب تتطلب اقتصاد حرب. اضافة الى الكلفة المالية المباشرة للحرب فان حربا في قلب اوروبا تؤثر سلبا على كل المنظومة الاقتصادية العالمية، تضعضع استقرارها وتضعفها. فهي تتسبب بارتفاع حاد في الاسعار، ظواهر نقص في الغذاء والمواد الخام الحرجة والى هزات ارضية في الاسواق. تشديد آخر للعقوبات ضد روسيا، نتيجة القرار الاخير للاتحاد الاوروبي للقطع حتى 90 في المئة من استيراد النفط منها، لن يضر الاقتصاد الروسي فقط. فهو سيلقي بظلال مظلم آخر على الاقتصاد الاوروبي والعالمي.
ا توجد حروب ديلوكس. المقارنات الشعبية الان في اسرة الاقتصاديين بين انفجار التضخم المالي في اميركا في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي وبين انفجاره الحالي غير ذات صلة وغير مجدية. فالواقع الجغرافي السياسي ومستوى العولمة مختلفان اليوم جوهريا عن الوضع الذي ساد في العالم بعامة وفي الولايات المتحدة واوروبا بخاصة قبل 43 سنة. سياسة فائدة عالية جدا انتهجها في حينه محافظو بنوك مركزية كان بوسعها أن تنتصر على التضخم المالي وان كان بثمن ارتفاع حاد في البطالة. في صيف 2022 هذه وصفة عابثة. وحدها هزيمة جيش الغزو الروسي واتفاق سلام دائم بين موسكو وكييف يمكنهما أن ينتصرا الان على التضخم التضخم المالي. والى أن يحصل هذا مطلوبة اجراءات حكومية غير عادية تتخذ مثلها عادة في اقتصاد الحرب. مثلا، تعطيل الزامي للسيارة الخاصة مرة في الاسبوع الى جانب تقليص الضرائب على البنزين. مثلا: ضريبة عالمية خاصة على الطيران. مثلا، ضغط شديد غير اديب على دول الخليج كي تزيد بمعدل الخُمس انتاج النفط والغاز. مثلا، دفع حوافز سخية لمزارعي شمال اميركا، اوروبا وجنوب شرق آسيا كي يعملوا باكبر سرعة ممكنة على منع النقص في الغذاء والجوع. مثلا، تجميد اسعار الكهرباء والمياه.
ان الرفض العنيد للحكومات في الغرب الديمقراطي للاعتراف بالوضع الخاص للاقتصاد في الحرب من شأنه أن يتسبب قريبا بموجات احتجاج اجتماعية واسعة النطاق. احتجاج سيجبرها على أن تفرض على اوكرانيا صيغة استسلام معيبة لروسيا. في هذه الاثناء، المؤشرات على الاستياء الجماهيري ما تزال محصورة في الشبكات الاجتماعية وبهوامش السياسة المؤطرة، لكنها تتعاظم من يوم الى يوم. في استطلاع اجري في الشهر الماضي وكشفته هذا الاسبوع منظمة “الشراكة للديمقراطية” تبين أن اقلية لا بأس بها، نحو 12 حتى 15 في المئة من الجمهور الراشد في فرنسا، ايطاليا، اليونان، بلجيكا ودول غربية متطورة اخرى، اعتقدت في اثناء اجراء الاستطلاع بان المساعدة لاوكرانيا “سخية اكثر مما ينبغي”. وحتى تسامح الالمان والاسبان الذين ما يزالون يدعمون في غالبتهم الساحقة المساعدة الموسعة لاوكرانيا، من شأنه أن ينتهي اذا ما وعندما يصبح التضخم المالي هناك من منزلتين. وهذا اليوم غير بعيد. التضخم المالي السنوي الالماني كاد يتجاوز في ايار عقبة الـ 8 في المائة والاسباني الـ 9 في المائة – ذرى اعلى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ان قصور السياسة الاقتصادية التي ترفض الاعتراف بوضع الحرب وتبحث عن حلول نقدية لازمة حقيقية من شأنه أن يمنح الانتصار في اوكرانيا لبوتين وحكومته. اما ثمن انتصارهم فستدفع الديمقراطية.