الرئيسة \  تقارير  \  يديعوت :غازات الدفيئة.. تهديد عالمي أخطر من كورونا والحروب الدامية

يديعوت :غازات الدفيئة.. تهديد عالمي أخطر من كورونا والحروب الدامية

28.10.2021
القدس العربي


القدس العربي
الاربعاء 27-10-2021
في العام 1824 طرح جوزيف فورييه، عالم رياضيات ومهندس فرنسي، نظرية ثورية بموجبها تختزن طاقة تجد تعبيرها في الحرارة في الغلاف الجوي للكرة الأرضية. وتعزز ادعاء فورييه بعد عقد من ذلك في قياسات جون تيندل، وهو فيزيائي بريطاني ومن أهم الفيزيائيين في القرن التاسع عشر، وحظيت باعتراف كامل في بداية القرن العشرين مما يعرف اليوم بأثر الدفيئة. منذئذ وحتى اليوم، حامت الأزمة البيئية هناك في خلفية النشاط العلمي، لتذكر الإنسانية بما يحصل. شيء ما سيئ.
غير أنه ستمر أكثر من 30 سنة إلى أن ينهض إنسان ما ويعرض برهاناً تجريبياً لأول مرة للتأثيرات البشرية على المناخ.
منذئذ وحتى اليوم، تختبئ أزمة المناخ في زاويتها الخجولة. ملاذ منظمات الخضر ومحبي الطبيعة. غير أنه يمكن أن يقال هذا بشكل لا لبس فيه: نحن في كارثة بيئية، ولا يلوح في الأفق شيء يوقفها. إذا كان أحد ما بحاجة لتذكير بذلك، يكفي النظر إلى العناوين التي نشرت في تقرير الأمم المتحدة أمس، والتي تشير إلى ذروة جديدة في تركيزات غازات الدفيئة. فهذه لا تشق الأرض من تحت أقدامنا فقط، بل تثبت مرة أخرى بأن ليس لزعماء الدول المتطورة نية لتغيير عاداتها الفاسدة.
يكشف التقرير ارتفاعاً حاداً أكثر في معدلات الارتفاع المتوسط في العقد الأخير، وذلك رغم الانخفاض المؤقت في الانبعاثات في أثناء الإغلاقات بسبب أزمة كورونا. لم نزد الانبعاثات فحسب، بل سرعناها عدة أضعاف بعد أن عادت الصناعة للعمل بكامل قوتها مع الخروج إلى الشوارع. ببساطة: نحن لا نفعل شيئاً كي نحقق الهدف الذي قررناه لأنفسنا في اتفاقات باريس في 2015، من حيث 1.5 درجة مئوية فوق الوضع ما قبل الثورة الصناعية.
لم يعد هذا ضوء تحذير خطير آخر. هذه هي العناوين التي سترافقنا في التشويشات المناخية الاقتصادية الخطيرة التي ستنزل علينا في السنوات القادمة. مثلما نرى الآن في أرجاء العالم. فيضانات، طوفانات، جفاف، موجات حر متطرفة، عواطف وذوبان جليد – هذه ليست شعارات الآخرة. حاولوا فهم ما يحصل لأسعار الخضار والفواكه عندما يتدمر محصول كامل ولا يصل إلى المستهلك. تصوروا ماذا سيكون مصير بلدات كاملة ستغرق جراء ارتفاع مستوى الحر. ماذا يكون مصير موجات اللاجئين الذين سيعانون من جراء ذلك. وهذا حتى قبل أن نتحدث عن المخاطر الفورية، والأمراض، والفيروسات الجديدة التي ستتحدى عالم العلم والطب. هذه ليست أرقاماً أو شعارات فارغة من المضمون، إنه الواقع الذي نندفع نحوه، وحتى لو لم يكن يتعلق بهذا الإنسان أو ذاك فإنه سيؤثر علينا جميعاً. قبل لحظة من انطلاق مؤتمر المناخ الـ 26 للأمم المتحدة الأسبوع القادم في غلاسكو في اسكتلندا، يجب أن نفهم كيف تتحول الأقوال إلى أفعال. لعل هذا هو التحدي الأكبر في عصرنا، أكثر من أزمة كورونا وأكثر من الحروب المضرجة بالدماء. مندوبون من نحو 200 دولة سيصلون، بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة جو بايدن ورئيس الوزراء نفتالي بينيت. عليهم جميعاً أن يفهموا بأن مستقبل البشرية – ولا أبالغ في الوصف- موضوع على أكتافهم. إذا لم يتخذوا القرار بالانتقال فوراً وعلى نحو كامل وجارف إلى الطاقات المتجددة فسنعود إلى النقطة إياها التي خرجنا منها في 2015. لقد مللنا الدعوة بالأقوال، حان الوقت لينتقل الزعماء إلى الأفعال.
غازات الدفيئة.. تهديد عالمي أخطر من كورونا والحروب الدامية
يديعوت 26/10/2021