الرئيسة \  مشاركات  \  يساريون يرفضون أن تحرر جبهة النصرة مدينة إدلب .. لماذا؟

يساريون يرفضون أن تحرر جبهة النصرة مدينة إدلب .. لماذا؟

18.04.2015
الطاهر إبراهيم





عندما استطاعت فصائل سورية سبعة أهمها جبهة النصرة وأحرار الشام وخمس أخرى، أن  تحرر مدينة إدلب، تنفس أبناء إدلب الصعداء وسارعوا فرحين إلى حقول الزيتون يتفقدونها. فقد كانوا منعوا من قطف زيتونها تحت التهديد بالقتل على مدى ثلاث مواسم. لكن التحرير أزعج البعض، لأن البديل، حسب قولهم، كان مجيء ("القاعدة" الذي لا يشتهيه عاقل لبلده).  
فقد كتب حازم الأمين مقالا أواخر شهر آذارالمنصرم نشرته إحدى الصحف العربية المهاجرة تحت عنوان: "هل كان علينا أن نهلل للنصرة في إدلب"؟ معلقا على تحرير إدلب من الاحتلال مستنكرا أن تحل محل بشار(جبهة النصرة أي تنظيم القاعدة الذي لا يشتهيه عاقل لبلده) حسب تعبير الكاتب. قبل التعليق على ما جاء بين القوسين أعلاه، أؤكد أن أكثرية جنود جبهة النصرة والفصائل الست التي شاركت في تحرير مدينة إدلب كانوا من المحافظة نفسها،أي أن حماسهم لتخليص إدلب كان دافعه حبهم تخليص بلدهم من الجرائم الأسدية. لم يكن حازم الأمين وحده، فقد شاركه حفنة من الكتاب السوريين اليساريين، فقد نقل حازم عن صفحة ياسين الحاج صالح على الفيسبوك (ضيقَه بمشهد عَلَم النصرة في إدلب).
المقال مليء بمغالطات جمة. فقد عبر عن خيبته فقال: (هل كان علينا أن نُسقط النظام في إدلب طالما أننا لانستطيع أن نُحل سلطة مدنية محله)؟وليس صحيحا أن السوريين كانوا بين خيارين سيء وأسوأ:إمابشار أسد وإما جبهة النصرة؟ يقارن الكاتب جرائم بشار بمذبحة المبعوجة التي قتل فيها تنظيم داعش (وليس النصرة أو الفصائل الست) حوالي 45 من أهلها.
على أنه لم تكن داعش مشاركة في تحرير إدلب.ولو كان حازم الأمين أمينا بالمقارنة كان ذكّر القارئ باحتجاز جبهة النصرة راهبات دير معلولا، اللواتي خرجن من الاحتجاز وهن يمتدحن معاملة النصرة، ما جعل نظام بشار يشيط غيظا. إن وضع داعش والنصرة في سلة واحدة، هو سير على خطى واشنطن، والمستفيد من ذلك أساسا هو نظام بشار أسد.
قلت:المقال يغيظ من هم أمثالي من محافظة إدلب حيث فرح أبناء المحافظة كما فرح أهل جبل الزاوية عندما طردت جبهة النصرة عسكر جبهةَ ثوار سورية وقائدها جمال معروف من جبل الزاوية، وجمال هو أمير من أمراء الحرب أساء لأهل جبل الزاوية مع أنه ابن الجبل. وكانت واشنطن تعتبر جمال معروف من المعتدلين الذين تسلحهم.
استطرادا، في هذه العجالة فإنني أؤكد على أمرين: قبل ثورة الحرية والكرامة السورية لم يكن للقاعدة أنصار في سورية. والذين حاربوا في أفغانستان من السوريين عادوا إلى المنافي دون أن يحملوا معهم فكرا قاعديا إلا قلة، ومنهم أبو مصعب السوري الذي اعتقلته واشنطن وسلمته لنظام بشار. أما الأمر الثاني، فلم تكن سورية أصلا موطنا للسلفيين كما كان الحال في مصر.  إلا ما كان من أمر الشيخ ناصر الدين الألباني عالم الحديث المشهور يرحمه الله. المثال الآخر كان عالم إدلب الرباني الشيخ نافع شامية يرحمه الله. كان ذلك أثناء الحكم الوطني. الشيخان لم يتجمع حولهما في سورية إلا أعداد قليلة من تلاميذهما السلفيين.
استطرادا آخر: عندما أعلن أبو محمد الجولاني انتماءه إلى قيادة أيمن الظواهري، إنما أراد أن ينفي أي علاقة له مع أبو بكر البغدادي. ففي الوقت الذي كانت جبهة النصرة تقاتل فيه بشار أسد في كل مناطق سورية،كانت تؤمن للمناطق التي تسيطر عليها المواد التموينية الضرورية مثل السكر والطحين والقليل من المحروقات، بينما كان المواطن يعاني العسف والجور حيث يحكم داعش. كما لم يكن داعش يقاتل النظام إلا في الأماكن التي فيها آبار بترول أو غاز. غير ذلك لم يكن هناك قتال بين داعش والنظام. ويشذ عن ذلك استيلاء داعش على مخيم اليرموك، لأنه منطقة رخوة بجوار دمشق، يريد أن يحرم منها الفصائل المقاتلة.
لم يكن حازم الأمين وحده من اعتبر تحرير إدلب على يد الجهاديين السوريين أمرا سيئا. فقد شاركه حفنة قليلة من الكتاب السوريين. حيث شاركه الهجومَ على تحرير إدلب على يد جبهة النصرة، الكاتب السوري فائز سارة في مقال له في الشرق الأوسط يوم 5 نيسان الجاري. فهو يشكك فيما إن كان تحرير إدلب على يد النصرة أفضل أم بقاؤها تحت حكم بشار أسد؟ يحرض فائز سارة المحيط الإقليمي لمنع جبهة النصرة من الاستيلاء على مدن أخرى كي لا تقع تحت التطرف، وذلك لعمر الله كبيرة وطنية، ولم أقل إسلامية لأن سارة كاتب علماني.
استطرادا فإن فائز سارة كان يتبوأ مركزا مهما في الائتلاف السوري قبل أن يطاح به. وكان يومها لا يستطيع أن يصرح برأيه هذا لمكانه في الائتلاف، وسيكون خالف مواقف آخرين من أمثال برهان غليون الذي قال: إن قتال النصرة ليس أولوية عندنا. أما معاذ الخطيب الذي كان أول رئيس للائتلاف فقد ندد بوضع النصرة على قائمة الإرهاب.