الرئيسة \  واحة اللقاء  \  يكفي العربي أن يختار مُحتله؟!

يكفي العربي أن يختار مُحتله؟!

29.09.2015
منار الرشواني



الغد الاردنية
الاثنين 28/9/2015
السؤال الأهم الذي لم يُطرح على حسن نصرالله في مقابلته الأخيرة، لكنه أجاب عنه بكل وضوح، هو ذاك المتعلق بالتنسيق الروسي-الإسرائيلي المعلن بشأن عمليات الطرفين العسكرية في سورية! فكما هو متوقع، رحب نصرالله بالتواجد العسكري الروسي في سورية من دون قيد أو شرط، في موقف منطقي طالما أن حزب الله يعمل في حدود حماية المصالح والنفوذ الإيرانيين في المنطقة، والتي تتطلب حتماً إبقاء بشار الأسد "رئيساً" بأي ثمن.
في المقابل، تبقى معلقة الإجابة عن سؤال مبررات العرب الداعمين للأسد، فسادا واستبداداً، من المتحدثين باسم "العروبة" و"الشعوب العربية المقهورة"، ناهيك عن "السيادة". فهؤلاء الذين لا يترددون في بلادهم عن تبني بدهية أن الفساد والاستبداد يولدان الإحباط والعنف وحتى الإرهاب، بما يوجب الإصلاح، هم أنفسهم من يجعلون قتل السوريين "فضيلة"! هل لأن الأسد، أباً وابناً، ديمقراطيان، وقد تمرد ملايين السوريين على هذه "النعمة" فاستحقوا القتل الجماعي؟! إذا كان هذا ما يراه أنصاره، فلنا أن نتوقع منهم بالتالي أن يخوضوا الانتخابات في بلادهم ببرنامج يعد بتطبيق النموذج الأسدي ما قبل 2011 على الأقل!
طبعاً، حتى بشار الأسد لا يجرؤ، على القول بديمقراطيته واحترامه لحقوق الإنسان السوري بأدنى الحدود على امتداد حكمه، كما حكم أبيه. إلا أن كلمة السر كانت دائماً أنه بالاستبداد والفساد، واسمهما الحركي "المقاومة والممانعة"، تحرر فلسطين. ويبدو دليلاً كافياً هنا أن إيران، رأس "المقاومة والممانعة"، فيما تدعم الأسد في سورية، تقوم بالشيء ذاته مع المخلوع علي عبدالله صالح في اليمن، تماماً كما دعمت نوري المالكي في العراق، فأوصله حتى إلى عصور وباء الكوليرا! لكن إذا كان نصف قرن غير كاف لتحرير سنتيمتر واحد من فلسطين، فترى كم حجم الاستبداد والفساد اللذين نحتاجهما للتحرير الكامل؟! أما الأهم من ذلك، فهو إذا كان الاستبداد والفساد هما وصفة النصر، فلماذا يطالب أنصار الأسد بالإصلاح في بلادهم؛ هل قرروا التخلي عن فلسطين والانخراط في المؤامرة الكونية ضدها؟!
أيضاً، إذا كان قد تم تسليم العراق وسورية لإيران، تنكل بشعبيهما قتلاً وتهجيراً، باسم "المقاومة والممانعة"، فلماذا مع كل اعتداء إسرائيلي في فلسطين وسواها تُخصص حملات التشهير والردح للدول العربية، فيما تُستثنى إيران وملاليها من أي كلمة نقد، ناهيك عن أي هجوم أو تخوين؟! بل وفي يوم استباحة المسجد الأقصى بمناسبة السنة العبرية الجديدة، كان الرد الإيراني رسالة تهنئة من الرئيس حسن روحاني ليهود العالم -أجمع- بمناسبة العام اليهودي الجديد!
وبعد كل ذلك، يصبح التقارب الإيراني-الأميركي، برأي أتباع طهران "حصافة وذكاء" يجب أن يتعلم منه العرب! هل يعنون القيام بشيء مما كانوا يصفونه بالخيانة عندما كان يقوم به القادة العرب؛ من قبيل التعامل مع حكومة "المنطقة الخضراء" عقب الاحتلال الأميركي لبغداد، والتنسيق مع الأميركيين منذئذ، وقبل ذلك التعامل مع الصهاينة إبان الحرب العراقية الإيرانية، فيما عرف بـ"إيران غيت"؟!
مع هكذا تناقضات، سيغدو إنجازاً طبيعياً يستحق الاحتفال "العروبي!"، استبدال الاحتلال الأميركي للعراق "العربي" باحتلال فارسي؛ واستبدال الاحتلال الفارسي لسورية "العربية" (أو تعزيزه) بتواجد عسكري روسي! لكن مع هكذا إنجاز أيضاً، يكون قد آن الأوان لهؤلاء أن يجدوا ذريعة أخرى للتقرير نيابة عن السوريين والعراقيين وسواهما، فقد أسقطوا هم أنفسهم العروبة/ الذريعة.