الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فيلم سوري طويل

فيلم سوري طويل

05.10.2015
حمود أبو طالب



عكاظ
الاحد 4/10/2015
يصعب كثيرا الاتفاق مع القائلين إن روسيا فاجأت العالم، وأمريكا بالذات، بدخولها ساحة الحرب السورية بشكل مباشر. مثل هذا القول بعيد عن الحقيقة والواقع لأن روسيا منذ فترة وهي تطلب من بعض الدول السماح لطائراتها بعبور مجالها الجوي باتجاه سوريا، وسفنها تبحر باتجاه السواحل السورية، فهل عجزت تقنيات الرصد الأمريكية المتطورة عن اكتشاف حمولات تلك الطائرات والسفن، وهل فشلت استخباراتها في توقع ما تنوي عليه روسيا من خلال ذلك الجسر الجوي والبحري. يصعب تصديق ذلك لأن كل شيء تم في العلن، وحينذاك لم تفعل أمريكا شيئا غير مطالبة بعض الدول بعدم السماح للطائرات الروسية بالعبور، لكنها عبرت دون عقبات، واستطاعت روسيا حشد السلاح مع الخبراء والطيارين والفنيين وغيرهم، وعندما حانت ساعة الصفر انطلقت طائراتها وبدأت تحركاتها.
الدعم السياسي الروسي لنظام بشار منذ بدء الأزمة السورية واضح وصريح، وفي الجانب الآخر كانت مواقف أمريكا المتخاذلة أكثر سوءا وأشد تأثيرا في وصول الأوضاع إلى المأساوية التي هي عليها الآن. كل مافعلته أمريكا هو تشكيل تحالف لضرب «داعش» قام إلى الآن بأكثر من خمسة آلاف ضربة لم تستطع إحداث شيء يذكر، بينما النظام يبيد السوريين ويدفع الملايين للهرب بحثا عن اللجوء خارج دائرة الموت العبثي، في أسوأ كارثة إنسانية في العصر الحديث. وبعد الاتفاق على الملف النووي الإيراني الذي هندسته أمريكا تواجدت إيران في سوريا بمزيد من الجرأة والثقة والكثافة لتصبح طرفا رئيسيا وعلنيا في اللعبة بفضل أمريكا.
كل هذا والدب الروسي يرتب أوراقه وينسج خططه المبنية على نتائج التخاذل والنكوص الأمريكي وما يسمى بالمجتمع الدولي الذي يدور في فلك أمريكا، واستطاع التمويه بأداء دبلوماسي بارع اشترى به الوقت متحينا اللحظة المناسبة بعد أن سارع باحتواء إيران في تحالف ضم تحت جناحه العراق كحاجة هامة للجغرافيا العسكرية القادمة، وبذلك تكون روسيا قد وفرت السلاح ورتبت الحلفاء ولم يعد أمامها سوى التمهيد للبدء، وقد استطاعت ذلك في وقت وجيز.
وبعد بدء الضربات الجوية كانت المفارقة الكبيرة أن أمريكا لم ترفع صوتها بالاحتجاج على الأقل وإنما طالبت روسيا بقصر ضرباتها على الإرهابيين.
وعندما تقول روسيا بأن عملياتها قد تستمر من ثلاثة إلى أربعة أشهر فإن ذلك لن يحدث، سوف يطول أمدها.. وهكذا اشترك الكبار والصغار في إخراج فيلم سوري طويل واستثنائي في كل شيء.