الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ينبغي عدم الاسراع الى التدخل في سورية

ينبغي عدم الاسراع الى التدخل في سورية

28.08.2013
يغيل ليفي



القدس العربي
الثلاثاء 27/8/2013
زادت في الايام الاخيرة الدعوات الى عملية عسكرية امريكية في سورية، عقب تقدير يقول إن نظام الاسد استعمل السلاح الكيميائي. والمنطق الذي يقف وراء هذا الضغط هو أن التدخل العسكري لمواجهة النظام وتسليح المتمردين ايضا قد يُضائل سفك الدماء. وهذا هو المنطق الذي وقف وراء مهمات التدخل التي نفذتها الجيوش الغربية في العقود الاخيرة، لكن هذا المنطق مُختلف فيه، ويمكن أن نعدد ثلاثة اسباب على الأقل يمكن أن تفضي بالتدخل العسكري الى نتيجة عكسية وتزيد سفك الدماء ولا تُقلله.
إن التدخل نفسه أولا يكلف ضحايا، فقد أفضت الهجمات الجوية لقوات حلف شمال الاطلسي في كوسوفو (1999) وفي ليبيا (2011) وهو النموذج الذي يريد مؤيدو التدخل في سورية تحقيقه الى قتل عشرات المدنيين والى ضرر باهظ بالبنى التحتية المدنية.
ثانيا إن مجرد التدخل يزيد في قوة الحرب الاهلية، فهو يُبعد امكانية الحسم العسكري، أو صوغ تصالح ويمنح الطرفين طاقة للاستمرار في القتال. اضافة الى ذلك كلما زاد التدخل وشعر النظام بأنه مهدد أحدث ظروفا لزيادة قوة هجماته على مدنيي الطرف الثاني. وهذا درس ممكن استيعابه ايضا من حرب كوسوفو وليبيا.
والسبب الثالث، وهو الأهم، هو زعزعة النظام السياسي القائم وتشكيل نظام سياسي جديد وهو في هذه الحال نظام سوري سيقوم فوق أنقاض نظام الاسد. وليست هذه مسارات يمكن أن تُهندس بتدخل عسكري خارجي قصير الأمد. إن شرعية نظام استبدادي تُقاس ايضا بوجود كتلة حرجة داخلية قادرة على اسقاطه وانشاء نظام جديد. إن هذه المقاومة الداخلية قد أفضت الى سقوط جزء كبير من النظم الاستبدادية في العقود الأخيرة. ويُقوي التدخل العسكري هذه الشرعية بصورة صناعية، بحيث لا تعتمد على دعم سياسي من أسفل، ويمنح قوى المعارضة شرعية صناعية ايضا. ولو اعتمدت هذه القوى على دعم سياسي واسع في الداخل لأمكن أن تُسقط النظام وتُنشئ نظاما جديدا، من دون تدخل خارجي. وهكذا فان نتيجة التدخل الصناعي هي أنه في اللحظة التي يتوقف فيها يصعب على المعارضة أن تُنشئ نظاما بديلا مستقرا. ويزيد هذا الاخفاق في سفك الدماء.
إن التطورات في العراق وافغانستان في السنوات الاخيرة هي مثال جيد على فشل محاولة انشاء نظام سياسي مستقر، بعد أن أفضى تدخل خارجي كانت تعوزه شرعية داخلية قوية في الدولتين الى اسقاط النظام القائم. وفي ليبيا أفضى انهيار نظام القذافي، بفضل هجمات حلف شمال الاطلسي، وعدم القدرة على انشاء نظام بديل مستقر يتمتع بشرعية داخلية، الى صراع بين عصابات مسلحة، وتجبي ليبيا ثمنه باهظا. وبحسب تقديرات مختلفة تقترب كلفة الصراع من نصف ضحايا الحرب الأهلية التي سبقت انهيار نظام القذافي.
إن السؤال الجوهري اذا هو هل يفضي التدخل في سورية، مع الاخذ بتجربة الماضي، الى النتيجة المأمولة، أي هل يزيد في الأمن الشخصي لمواطني سورية، وأن يساعد على انشاء نظام حكم جديد يُنهي الحرب الأهلية. وحتى لو استقر رأي القوى الغربية على التدخل فسيكون من الصواب حدّ سعة العملية ورفض هدف اسقاط النظام واستبداله بآخر وهو اجراء فيه احتمال كبير لسفك دماء في المستقبل. ومهما يكن الأمر فاننا نقترح على الاسرائيليين الذين يدعون بحماسة الى تدخل امريكي أن يتذكروا أن هذا الاجراء قد يزيد في عدم الاستقرار في جارتنا الشمالية الشرقية.
هآرتس 26/8/2013