الرئيسة \  تقارير  \  في أيام ترامب الأخيرة..تناثرت السجلات الحساسة في كل مكان وذهب بعضها لبيته بدلا من الأرشيف الوطني

في أيام ترامب الأخيرة..تناثرت السجلات الحساسة في كل مكان وذهب بعضها لبيته بدلا من الأرشيف الوطني

23.08.2022
إبراهيم درويش


إبراهيم درويش
لندن – “القدس العربي”:
الاثنين 22-8-2022
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا حول الأيام الأخيرة للرئيس السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض. وقالت إن عشرات الصناديق المليئة بالوثائق كانت جاهزة لكي تنقل إلى الأرشيف الوطني إلا أن بعضها انتهى في مقر إقامته بفلوريدا.
وفي التقرير الذي أعدته ماغي هابرمان وكيتي بينر وغلين ثرش قالوا إنه في الأيام الأربعة الأخيرة من حكم ترامب نظر مساعد له إلى المكتب البيضاوي ليجد أن كل شيء لا يزال على حاله، حيث كانت صور الرئيس معلقة ومرتبة حول “ريزليوت اوفيس” مما يعني فوضى أخيرة لتجميع كل شيء قبل حضور الإدارة المقبلة، بشكل يعكس فوضى أربعة أعوام من حكم ترامب. وفي المكاتب داخل المكتب البيضاوي أحضرت الصناديق لكي يملأها مساعدو الرئيس بالوثائق التي كانت مبعثرة في كل مكان والصناديق فارغة. وتراكمت الأوراق على طاولة الطعام في مكتب ترامب البيضاوي كما كانت طوال فترة حكمه ولكنها أصبحت مثل تلة من الأوراق. وفي غرف الإقامة العليا بالبيت الأبيض لم تكن هناك أية إشارات عن قرب نهاية فترة ترامب. وتم رمي الوثائق التي تجمعت في الأشهر الأخيرة في مكتبه بصناديق لكي ترسل إلى الأرشيف الوطني، ولم يتم إرسال العشرات منها.
وقام المسؤولون باستخراج رسائل أرسلها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ- أون لترامب، حسب ملاحظات وصفت للصحيفة.
 أين ذهبت كل المواد؟ ليس واضحا.
وما هو واضح هو أن الطريقة العشوائية في تعامل ترامب مع شؤون الحكومة -وهي مشكلة مزمنة- استمرت في إحداث الفوضى التي خلقها بسبب رفضه القبول بنتائج انتخابات عام 2020، وهو ما دفعه لإطلاق العنان للرعاع المؤيدين له كي يقتحموا مبنى الكونغرس. وقاد عدم استعداده للتخلي عن السلطة بما في ذلك رفضه إعادة وثائق الحكومة التي جمعها أثناء فترة حكمه إلى معركة قانونية لم يكن بد عنها وهددته ومساعديه بالمسؤولية القانونية. ورغم إخبار المسؤولين في البيت الأبيض مارك ميدوز، آخر رئيس طاقم لترامب في البيت الأبيض أن هناك عشرات من الصناديق الواجب نقلها إلى الأرشيف الوطني، يحتوي بعضها على رسائل مهمة مثل كيم جونغ- أون وأخرى عالية السرية إلا أن عددا منها وجد طريقه إلى مار- إي- لاغو، نادي ومقر ترامب، وذلك حسب عدة أشخاص على معرفة بالأمر.
وقادت أفعال ترامب ورفضه إعادة الملفات للأرشيف الوطني وزارة العدل لمراجعة الأمر هذا العام. وحصل المدعون على إذن لتفتيش مار-إي- لاغو والبحث عن الوثائق التي تحتوي على مواد حساسة للأمن القومي. ويقول المحققون إن التحقيق قد توسع ولا يزال مستمرا وينظر فيه إلى احتمال خرق قانون التجسس وعرقلة مسار العدالة. وتقول الصحيفة إن معظم الأسئلة حول إساءة التعامل مع الوثائق تقود لترامب الذي طالما تعامل مع الرئاسة كشركة خاصة.
ولكن الناس حوله أشاروا لدور ميدوز الذي أشرف على عملية الانتقال الرئاسي. وأكد ميدوز للموظفين في البيت الأبيض أن الحفاظ على الوثائق سيأتي بعد طلب رسمي، وأنه سيؤكد على التزام الإدارة بقانون السجلات الرئاسية، وذلك حسب أشخاص على معرفة بالأمر.
ولكن مع اقتراب عقارب الساعة للنهاية ركز ترامب على محاولة أخيرة للعفو عن أشخاص وتجاهل العملية الانتقالية. ورفض متحدث باسم ترامب الرد للتعليق، ووصف ترامب نفسه تفتيش عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) مقر إقامته بعملية “تصيد”. وقال مكتبه إنه كان هناك أمر عام يرى أن المواد التي نقلت من مقر الإقامة في البيت الأبيض لم تعد سرية حالة نقلها، مع أن تفتيش أف بي أي لم تكن له علاقة بكون المواد سرية أو غير سرية. ورفض محام لميدوز التعليق.
 وفي خطابه الأخير قال ترامب “نحن لسنا إدارة عادية”، وهو محق في كلامه لأنه تعامل ومنذ اللحظة الأولى التي دخل فيها البيت الأبيض مع وثائق الحكومة وحتى الموظفين فيه كملك شخصي “هي ملكي” كما قال مساعد سابق. وهذا ليس هو الواقع، فبحسب قانون السجلات الرئاسية فكل وثيقة وسجل نابع من المكتب البيضاوي هو ملك لدافع الضريبة الأمريكي، سواء كانت ملفات تخص الأمن القومي الأمريكي أو مجموعة من الوثائق غير السرية التي يتم تحميلها إلى خادم مؤمن في بنسلفانيا أو الملاحظات التي كان يكبتها ويمزقها من دفتر الملاحظات ويرميها في المرحاض.
 ويجب تقييمها كلها والحفاظ عليها كجزء من تاريخ البلد في الأرشيف الوطني. وحتى لو حاول ترامب التلاعب بقانون السجلات الرئاسية إلا أن مساعديه كانوا يعرفون بدقة بنوده وتداعياته. ووضع أول مستشار لترامب في البيت الأبيض دونالد أف ماكغان الثالث نظاما حول كيفية التعامل مع الوثائق وقدم عرضا للموظفين حول القانون. بعد انتخابات عام 2020 عقد موظفو البيت الأبيض اجتماعا حول كيفية أخذ الوثائق التي تجمعت في مكتب ترامب على مدى عدة شهور. وبنهاية فترة ولاية ترامب شعر مستشار البيت الأبيض بات سيبولون ونائبه باتريك أف فيلبن بالقلق من طريقة تعامل ترامب مع الوثائق. ولا يعرف المدى الذي ذهب فيه الرجلان لتطبيق القانون، وبخاصة أن ترامب كان على خلاف مع سيبولون بعد الانتخابات.
وأضيف للفوضى استقالة ديريك ليونز، مسؤول أمن طاقم البيت الأبيض في 18 كانون الأول/ديسمبر 2020، وهو ما ترك ميدوز الذي كان نائبا في مجلس النواب وبدون خبرة تنفيذية قبل انضمامه إلى فريق ترامب، مسؤولا عن العملية الانتقالية التي لم يكن الرئيس يريد المشاركة فيها. وخلافا لترامب فقد قام المسؤولون في إدارتي باراك أوباما وجورج دبليو بوش بتشكيل فرق بحثت ونظفت البيت الأبيض من كل وثيقة تمت للأرشيف الوطني وجعلوا من وثائق الحكومة أولوية. ولا يعرف إن كان ميدوز فعل نفس الشيء، لكن المسؤولين أرسلوا في الأسابيع الأخيرة رسائل إلكترونية لكل الدوائر في البيت الأبيض حثوا فيها المسؤولين على إعادة كل شيء يعود للحكومة، ودعا ميدوز المسؤولين للالتزام بالأمر. وطمأن ميدوز المسؤولين أنه سيتحدث مع ترامب حول استرجاع كل الوثائق المتراكمة في مقر إقامته.
وبعيدا عن تأكيدات ميدوز ومتابعته لها فإن المسؤولين في الأرشيف الوطني اكتشفوا أن هناك وثائق مهمة غير موجودة. واتصلوا مع سكوت غاست، الذي عمل محاميا في مكتب الاستشارة القانونية للبيت الأبيض أثناء فترة ترامب، وكذا فيلبين، وهما الرجلان اللذان عينهما ترامب في أيامه الأخيرة مع ميدوز للتعامل مع الأرشيف الوطني. وكان المؤرشفون مصرين على استرجاع رسالة من الزعيم الكوري لترامب وأخرى تركها باراك أوباما على مكتب ريزليوت لترامب بعد انتهاء ولايته وكلاهما تحمل أهمية تاريخية.