الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في الطريق إلى لندن

في الطريق إلى لندن

23.01.2016
جمانة غنيمات



الغد الاردنية
الخميس 21/1/2016
يعقد الأردن الكثير من الأمل على مؤتمر لندن للدول المانحة بشأن أزمة اللجوء السوري، والذي ينعقد الشهر المقبل؛ ضمن السعي إلى خلق أفق للاقتصاد الوطني الذي يعيش أزمة مركبة، ناجمة، أولا، عن موارد البلد المحدودة؛ وثانيا، عن العبء المالي والاقتصادي والاجتماعي للجوء الاستثنائي.
مؤتمر لندن هو الثالث بهذا الشأن، بعد اجتماعين مماثلين عُقدا في الكويت خلال السنوات الماضية. وقد تقرر نقله إلى بلد آخر، فكان الاختيار لبريطانيا، بعد تنافسها مع ألمانيا على استضافة القمة.
للأردن ملفه الخاص الذي يحمله إلى لندن، ويتمثل أساساً في أزمته المالية بسبب وجود 1.4 مليون سوري على أرض المملكة، تعادل تكلفة استضافتهم نحو ربع الموازنة العامة المقدرة بحوالي 8.5 مليار دينار، فيما لا يتلقى الأردن من الدول المانحة أكثر من 10 % من هذه الكلفة.
وملف اللجوء في الأردن بات له أكثر من وجه. فإضافة إلى ذاك المالي الاقتصادي الاجتماعي، هناك الأهم المتمثل في الوجه الأمني. ويتواجد اليوم على حدودنا الشمالية نحو 16 ألف لاجئ سوري يعيشون في ظروف صعبة، لكن ملاحظات ومعلومات تتعلق بطبيعتهم بحكم المناطق التي أتوا منها، تجعل الاعتبارات الأمنية تتقدم على المالية، مع سعي الأردن لإدخالهم بعد التدقيق الأمني المطلوب.
اهتمام الأردن بمؤتمر لندن بدا منذ فترة باهتمام ملكي كبير، إيمانا بأن هذا الاجتماع قد يشكل فرصة لانطلاقة اقتصادية مختلفة في العام الحالي، تساعد المملكة على مواجهة أزمتها المتراكمة.
ضمن الأهداف المنشودة، تمكّن الأردن، بالتعاون من الدول الأوروبية، من تغيير قواعد المنشأ الخاصة بالإعفاءات الممنوحة للصادرات إلى منطقة الاتحاد الأوروبي، والذي بات يدرك اليوم بشكل أكبر تبعات وكلف اللجوء، لاسيما أن إجمالي عدد اللاجئين السوريين في كل الدول الأوروبية مجتمعة لا يتجاوز نصف العدد الموجود في الأردن.
وتحقيق هذه الخطوة يعني مساعدة كبيرة للمملكة على زيادة حجم الصادرات إلى الأسواق الأوروبية، أو حتى مضاعفتها. ولذا فإن تعديل قواعد المنشأ التي تتضمنها الاتفاقيات التجارية، يسمح بالحصول على إعفاءات جمركية تفضيلية منصوص عليها في اتفاقيات التجارة الحرة.
الهدف الثاني، والعادل تماماً بدوره، هو معاملة الأردن الذي يتعرض لضغوطات كبيرة، بشكل مماثل للدول الفقيرة من قبل البنك الدولي. ما يعني تسهيل شروط الاقتراض، وبالتالي تخفيف النمو الكبير للدين العام. إذ تبعا للمؤشرات الاقتصادية، تُعامل المملكة حالياً في هذا الجانب كعضو في شريحة الدول متوسطة الدخل، بما يزيد من كلف الاقتراض.
الهدف الثالث، وهو أيضا حاجة ملحة ومهمة، يتمثل في إقناع الدول المانحة بإنشاء استثمارات منتجة لفرص العمل في المملكة، تساعد في تشغيل الأردنيين والسوريين. فمسألة تشغيل السوريين ضرورية من وجهة نظر رسمية، لأكثر من سبب. أولها، إنساني، كونه لا يمكن منع اللاجئين من العمل لتوفير مصدر دخل. كما أن هذا العمل، ثانياً، يحيّد كثيرا من التبعات السلبية لبقائهم معطلين عن الإنتاج.
وتتعزز ضرورة توفير فرص عمل للاجئين، بتوقع بقائهم لفترات طويلة بيننا. إذ تقدر مدة إقامة اللاجئ بحسب دراسات مؤسسات أممية، بنحو 17 سنة. وهؤلاء بحاجة أيضاً لخدمات وبنية تحتية. وعدم توسيع قاعدة الاقتصاد، يعني عجز الأردن بإمكاناته المحدودة عن الوفاء بالتزامه الإنساني تجاههم.
إزاء كل ذلك، يملك الأردن قاعدة قوية للتفاوض. فمن حقه على الدول المانحة أن تقيس ما يحصل عليه مقارنة بما يتحمله. ولا بد أن يقر المجتمع الدولي ككل، بأن ما تتحمله الدول المستضيفة للاجئين ومجتمعاتها المحلية، ولاسيما الأردن، عجزت عنه دول عظمى، وتنصلت منه بلدان ثرية.
والدعم الدولي والأوروبي للمطالب/ الحقوق الأردنية متوفر؛ فبريطانيا على لسان رئيس وزرائها، حثت الدول الأوروبية أمس على مساعدة المملكة والتخفيف عنها لمواجهة أعباء اللجوء. وهو ما أشارت اليه السفيرة الأميركية في عمان أمس خلال لقائها إعلاميين، ليبقى المطلوب هو حزم من المسؤول الأردني لاستغلال الفرصة الثمينة والمستحقة حتى لا تضيع.