الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في القصير.. نكون أو لا نكون

في القصير.. نكون أو لا نكون

04.06.2013
سمير الحجاوي

الشرق
الثلاثاء 4/6/2013
في القصير معركة حامية الوطيس يستخدم فيها نظام الأسد كل أنواع الأسلحة، الدبابات وراجمات الصواريخ والمدافع والبراميل المتفجرة وكل أنواع القنابل، وتساعده في إجرامه عناصر حزب الله الشيعي اللبناني وعناصر من الحرس الثوري الإيراني والميلشيات الشيعية العراقية، وأخيرا ضباط من كوريا الشمالية.
كل هذه الجيوش تقاتل حفنة من المجاهدين وثوار الجيش السوري الحر على 9 محاور، وتستخدم كل ما لديها من قوة وطائرات استطلاع إيرانية للسيطرة على القصير، ولكن هؤلاء القتلة المجرمين يستخدمون أسلحة أخرى في قتالهم ضد هذه الثلة المؤمنة، فهم يستخدمون سلاح الخبز والماء ويعمدون إلى تجويع السكان وقطع المياه لتعطيشهم، ويكفي أن أشير إلى سيطرة عناصر حزب الله على خزانات المياه في منطقة القصير وقطع المياه عن المدينة المحاصرة، وهو الأمر الذي تجرمه القوانين الدولية وتحرمه الشرائع السماوية.
المعركة في القصير مواجهة وجودية وهي معركة "إما أن نكون أو لا نكون"، فنظام الأسد وحلفاؤه من حلف الشيطان الذين يقاتلون في سبيل الطاغوت والباطل يستخدمون كل دباباتهم وطائراتهم وميلشياتهم لكسب المعركة، وينتهكون كل الشرائع والقوانين والأخلاق، وثبت أنهم بلا ضمائر أو أخلاق أو إنسانية، في حين يقاتل الشعب السوري وثواره من أجل الحرية والعدالة والكرامة والإنسانية، وهو سينتصر بإذن الله لأنه يقاتل دفاعا عن قضية عادلة.
في القصير يسجل الشعب السوري ملحمة قل نظيرها، تذكرنا بالمدن العظيمة التي عضت على جراحها ولم تصرخ، وصمدت ولم تنحن، وقاتلت ولم تنكسر، من ستالينغراد الروسية إلى هانوي الفيتنامية و"بيروت الفلسطينية" وجنين ومصراتة الليبية وبابا عمرو الحمصية السورية.. القصير تدخل التاريخ بسواعد ثلة من الرجال الذين قاتلوا وما وهنوا وما استكانوا وما ركعوا إلا لله.. فهي تقاوم حلف الشياطين والدجالين والكذابين والقتلة والمرتزقة وشذاذ الآفاق، ومن يريدون أن يحرقوا "دين محمد" كما ظهر في هتافات عناصر حزب الله في القصير، ويهتفون لقتل المشركين والكفار الوهابيين، ويغنون تمجيدا للقتل واجتثاث الرؤوس واقتلاع الجذور، فيما يقف العالم كله متفرجا على المذبحة ولا يحرك ساكنا، ولا يقدر حتى على إصدار بيان استنكار، لأن روسيا في المرصاد، وفي الوقت الذي يزود "الأصدقاء الحقيقيون" الأسد بكل ما يحتاجه من أسلحة وأموال ومعدات ورجال، فيما يقف "أصدقاء سوريا" من العرب والعجم وهم يتفرجون على الدماء التي تسيل دون أن يفعلوا شيئا باستثناء تقديم بعض الدعم الإنساني الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، فالعرب تائهون على الخارطة، والغرب يبحث عن "ثوار مناسبين معتدلين" لكي لا تصل الأسلحة إلى "الأيدي الخطأ"، وفي الوقت الذي تبحث فيه أوروبا وأمريكا عن "الأيدي الصح" يموت السوريون جماعات وعائلات بالجملة في القصير والغوطة الشرقية وداريا وغيرها من المدن السورية التي تموت خنقا وحصارا، فحمص محاصرة من سنة تقريبا والغوطة الشرقية 8 أشهر وداريا من 6 شهور والقصير من 3 أسابيع، ومع هذا لا يرى العالم جرائم الحرب هذه، ولا الجرائم ضد الإنسانية، ويصمت حين يقول له نظام الأسد الإرهابي إن الصليب الأحمر الدولي لن يدخل القصير إلا بعد توقف المعارك، هل هناك نظام أكثر إجراما من هذا النظام، وهل هناك عالم أكثر وقاحة وجبنا واقل مروءة وإنسانية من هذا العالم، ويعجز عن تمكين الثوار من إخراج 1500 جريح من القصير، من بينهم 70 طفلا، حيث تتعفن جروح 200 مصاب بسبب نقص الدواء، وتعلن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن 3500 شخص على الأقل -معظمهم من النساء والأطفال- تمكنوا من الفرار من القصير إلى بلدة مجاورة دون أن يساعدهم أحد، وأكثر ما روع العالم هو شعوره "بالفزع إزاء مستوى العنف" في القصير، فيما يعلن الأطباء في القصير عن نفاد إمدادات الأوكسجين ويطالبون بإخلاء الجرحى والمصابين.
قرى كاملة دمرت في ريف القصير، منها البرهانية وأبوحوري وسقرجة والنهرية والضبعة والتل، ودفنت تحت قذائف حزب الله وقوات الأسد والمليشيات العلوية والشيعية وتحت ركام المناقشات في الأمم المتحدة، فيما تدفن القضية كلها في مجلس الأمن، وينتظر العرب الفرج و"الحل السياسي".
سواء تحرك العرب أم لم يتحركوا.. وسواء أرادوا نصرة السوريين أم نكصوا على أعقابهم.. فإن معركة القصير معركة فاصلة، فيها يواجه العرب إيران ونظام الأسد الطائفي البغيض وتحالف الأقليات الحاقدة على العرب والعروبة والإسلام ومن يدعمهم من قوى دولية، وإذا لم يتصدى العرب لهذا الحلف الشيطاني في القصير والغوطة وداريا وحمص وحلب وحماة ودير الزور ودرعا فإنهم سيضطرون إلى مواجهته في عقر دارهم، فالمشروع الإيراني القومي الديني لا يقف عند حدود القصير، بل يحلم بإقامة "الدولة الفاطمية الإسماعيلية" والثأر من عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي..
على العرب أن يواجهوا هذا الحلف الشيطاني في القصير.. قبل أن يأتي إليكم في عقر داركم وعندها لن تنفعكم لا أمريكا ولا بريطانيا ولا فرنسا ولا الغرب كله.. فمعركة القصير أقل كلفة من المعركة الكبرى في أماكن أخرى إذا كسبوا جولة قصير.