الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في انتظار إبراهيمي جديد

في انتظار إبراهيمي جديد

17.05.2014
د. عوض السليمان


القدس العربي
الجمعة 1/5/2014
لا أعتقد أن أحداً من السوريين توقع استمرار الأخضر الإبراهيمي في منصبه كمبعوث أممي وعربي لسوريا، وكلنا يعلم أن الرجل ما كان إلا موظفاً في الأمم المتحدة التي تعمل بدورها موظفة لدى أمريكا والغرب. ونعلم أن تعيينه في ذلك المنصب لا يختلف عن تعيين الدابي ومن ورائه عنان، وما ذلك إلا وسيلة ما يسمى المجتمع الدولي الناجعة لإطالة عمر نظام بشار الأسد.
مع ذلك فإننا نقرّ أن الأخضر الإبراهيمي أخذ وقتاً أطول من صاحبيه معاً، وهذا ليس من مهارته السياسية أو حنكته الدبلوماسية بل من رغبة الغرب في جرّ المعارضة السورية إلى جنيف واحد ومن بعده جنيف اثنين.
أرادت الولايات المتحدة الأمريكية الحصول على السلاح الكيماوي السوري فهددت بضربة عسكرية لقوات الأسد، وهي تعلم يقيناً أن الأسد مستعد أن يسلم كل شيء في سبيل البقاء على كرسيه، وبالتالي فهي تعلم أن الضربة لن تتم. ومن أجل أن تتأكد واشنطن من القضاء على السلاح الكيميائي كان لا بد لها من أن توافق على المقترحات الروسية ببقاء بشار رئيساً لسوريا بحيث يشرف على الاتفاق المبرم بين الطرفين.
كان الأمريكان يدركون جيداً أن تسليم السلاح لا يتم بين ليلة وضحاها، وبالتالي فإن إبقاء الأسد في منصبه مصلحة أمريكية صهيونية بامتياز، والنتيجة فإنه لا بد من بقاء الأخضر الإبراهيمي في منصبه لفرض جنيف اثنين على المعارضة السورية فرضاً وسحب وفد الائتلاف إليها.
كانت مسرحية هزلية تسلى بها النظام، واستهزأ من خلالها بوفد المعارضة، ونقله من وهم إلى آخر ومن الرمضاء إلى النار. واستمرت المفاوضات في جنيف على صدى أصوات البراميل المتفجرة في المدن السورية حيث ضاعف الأسد تقتيله للسوريين في تلك الفترة بنسبة الثلثين، وهذا طبيعي طالما أن الغرب رحب بموافقته على جنيف اثنين واعتبر ذلك خطوة في الطريق الصحيح، وما هو إلا طريق الحفاظ على الأسد في سبيل الوصول للسلاح الكيميائي.
لم يقدم الأخضر أي شيء للشعب السوري على الإطلاق، بل نسبت إليه تهديدات على شكل تصريحات، أطلقها بعد لقاءاته بالأسد، حيث قال إما خطتي وإما الجحيم ولدى رفض المجلس الوطني خطته تلك تمت مجزرة حلفايا التي ذهب ضحيتها مئات الأبرياء وهم ينتظرون الحصول على الخبز.
لم يكن الإبراهيمي شفافاً ولا صادقاً ولو كان كذلك لرفض المهمة من جذورها، أو على الأقل لاعترف مباشرة بمسؤولية الأسد عن القتل في سوريا، وهو الأمر الذي تجنب أن يذكره صراحة.
في الشهر التاسع من العام 2012 صرح الإبراهيمي أن مهمته صعبة وأنها تكاد تكون مستحيلة ولكنه سيخوض غمارها، ويحق لنا أن نسأل الرجل فلماذا تخوض غمار المهمة المستحيلة إذاً؟ أ من أجل الضوء والتقوت من دماء السوريين؟. وقد بدأ الرجل تلك المهمة بالطلب من الطرفين أي المعارضة والنظام وقف العنف، ولعل الرجل ظن أن الجيش الحر يقصف المدن بالطائرات وصواريخ سكود.
لا نشك أن المسألة برمتها اتفاق بين الدول الكبرى وكان الإبراهيمي مجرد عنصر فيها للأسباب التي ذكرتها آنفاً.
لقد كان الإبراهيمي يدرك أنه لا وجود لإرادة دولية من أجل حماية الشعب السوري ولكنه مع ذلك استمر في جولاته بين إيران وموسكو ودمشق دون أدنى أي فائدة، اللهم إلا مضيعة الوقت والحفاظ على نظام بشار الأسد.
لن يتأخر السيد بان كي مون في إيجاد بديل للأخضر المستقيل، ولعل البديل قد أعد منذ زمن طويل حتى قبل تعيين الدابي مبعوثاً في تلك المهمة.
الأسد يترشح للانتخابات رئيساً جديداً، وتستمر البراميل ويستمر القصف بالطائرات والمجتمع الدولي يجهز مبعوثاً جديداً لعدة سنوات أخرى.