الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في سوريا، الكرد يبحرون بمفردهم

في سوريا، الكرد يبحرون بمفردهم

09.12.2013
كريستوف أياد


[كريستوف أياد- صحيفة "لوموند" الفرنسية (28 تشرين الثاني 2013)
المستقبل
الاحد 8/12/2013
إبتداءً من الثاني عشر من تشرين الثاني، أصبح لكردستان السورية إدارة ذاتية. الخبر أعلن عنه "حزب الاتحاد الديموقراطي"، وهو الأخ التوأم لـ"حزب العمال الكردي" التركي الذي يتزعمه عبد الله أوجلان.
وبموجب هذا القرار، تخضع المنطقة الكردية السورية، المسماة "كردستان الغربية"، للتقسيم الى ثلاث مناطق، تملك كل واحدة منها جمعية عامة محلية، وإدارة خاصة، فضلاً عن ممثلين لها في الحكومة الإقليمية المؤقتة؛ وهي مخولة إدارة الأراضي الكردية في شمال شرقي سوريا، وكل شمالها، على امتداد الحدود التركية والعراقية.
بيان "حزب الاتحاد الديمقراطي" يشرح قراره: "إن أولى مهمات الإدارة الانتقالية سوف تكون الإعداد لقوانين الانتخابات المحلية والانتخابات العامة"؛ ويضيف البيان إن وظيفة هذا الكيان سوف تكون إدارة المسائل "السياسية والعسكرية والأمنية في المنطقة وفي سوريا عموماً".
منذ انسحاب القوات الحكومية صيف 2012، أصبحت القرى والمدن الكردية بإدارة المجالس المحلية، وفي معظم الأحيان تحت سيطرة "حزب الاتحاد الوطني"، وذراعه المسلحة، "قوات الدفاع الوطني الكردي".
الإعلان الأخير لهذا الحزب لا يغير شيئاً في الواقع، ولكنه يشكل ضربة قوية للثوار السوريين. والإعلان هو تأكيد على الاستقلال الذاتي الكردي؛ وبه، يُضعف "الحزب" مصداقية التمرّد ضد الأسد، ويضع العراقيل أمام توحيد صفوف القوات المعادية للحكومة والمرشحة لإدارة بلاد يجري تقسيمها... وذلك قبل نهاية الحرب الأهلية الدائرة الآن.
"الائتلاف الوطني السوري" كانت ردة فعله عنيفة ضد إعلان "حزب الاتحاد الديموقراطي"، واصفاً هذا الحزب بـ"التشكيل المعادي للثورة السورية"، وناعتاً الإدارة التي يزمع إقامتها بأنها "فعل إنفصالي يحطّم كل علاقة مع الشعب السوري الذي يقاتل من أجل دولة سورية موحدة، حرة، غير ديكتاتورية، وذات سيادة على أراضيها". بيان "الائتلاف" ينتهي بشحنة عنيفة ضد "الحزب"، يصفه بـ"التشكيل الداعم للأسد، والذي يعمل ضد مصلحة الشعب السوري وضد مبادئ الثورة". وما يزيد من عنف ردة فعل "الائتلاف الوطني السوري"، أن رئيسها، أحمد الجربا، هو إبن إحدى قبائل محافظة دير الزور، التي تتنافس مع الكرد على أراضيها.
منذ بداية الانتفاضة السورية، في آذار 2011، و"حزب الاتحاد الديموقراطي" لم يتوقف عن التلاعب والخداع، باحثاً عن مصلحته وحسب. كان متفاهماً مع النظام، والنظام بالمقابل كان يسايره خلال الأشهر الأولى من الانتفاضة. بعد ذلك انضم "الحزب" الى مجموعات كردية منضوية تحت إدارة "المجلس الوطني الكردي"، الأقرب الى المعارضة السورية الديموقراطية، وذلك بغرض ردع النظام خارج مناطق السيطرة الكردية. كل ذلك قبل أن ينفرد "حزب الاتحاد الديموقراطي" بأعماله، من دون انتظار ردود المعارضة، ولا حتى ردود المجلس الوطني الكردي. وقد أعلن أحد أعضائه رفضه للـ"خطوة المتسرّعة والأحادية التي اتخذها الحزب، وهي تذهب في الاتجاه غير الصحيح". الأحزاب الكردية الأخرى ترتاب من ممارسات "الحزب"، وهي ترى أنها تنزع نحو الهيمنة.
"حزب الاتحاد الديموقراطي"، من جهته، يأخذ على المعارضة غير الإسلامية بأنها لم تبذل شيئاً للدفاع عن المناطق الكردية التي تعرّضت في الربيع الماضي لهجمات المجموعات الجهادية مثل "داعش" و"جبهة النصرة"، وحتى تشكيلات سلفية مثل "أحرار الشام"، وكلهم يدينون "الحزب" بسبب ماركسيته، ويصفونه بالـ"الكافر". بالإضافة الى تلاعبات الجارة التركية، التي ترى بزوغ كيان كردي سوري مستقل ومتحالف مع "حزب العمال الكردستاني"، تهديداً لها، فإن كردستان سوريا سوف تكون محط أطماع كثيرة، فهي تحتوي على معظم الاحتياط النفطي، القليل.