الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في سوريا: النصر العسكري ممنوع !

في سوريا: النصر العسكري ممنوع !

26.06.2013
د. عبد الحميد مسلم المجالي

الرأي الاردنية
الاربعاء 26-6-2013
استهلكت الدول الغربية الكثير من وقت الازمة السورية ، قبل ان تقبل ببحث لايزال غامضا ومبهما، لمطالب الثوار العسكرية ، بعد عامين من التضحيات ، ومجابهة محاولات تضليل الراي العام ، حول الاهداف النهائية للثورة .
ولاشك ان نتيجة معركة القصير ، وتدخل حزب الله في النزاع ، اللذين احدثا خللا في التوازن العسكري ، شكلا عنصرين حاسمين في اتخاذ هذه المواقف ، التي ترى ان تحقيق نظام دمشق وحلفائه نصرا ساحقا ، يعني سيطرة الاقلية الطائفية في سوريا على الاكثرية ، وهو ما اشار اليه وزير الخارجية الامريكي في خطابه امام اجتماع الدوحة الاخير بصراحة ، حيث حدد النسب العددية لطوائف سوريا قائلا إنه لايجوز سيطرة الطائفة العلوية الصغيرة على الطوائف الاخرى .
السلاح الذي تقرر ان يصل الى المعارضة السورية ، ليس الهدف منه كما اعلنت الدول الغربية ، تحقيق نصر عسكري على النظام . بل الوصول الى حالة توازن على الارض ، تؤدي الى الذهاب الى مؤتمر جنيف 2 ، دون شعور اي طرف بانه المنتصر وأنه القادر على ان يفرض شروطه على الطرف الاخر .
وعلى الرغم من ترحيب المعارضة السورية بهذا الموقف ، الا انه في الحقيقة لايعتبر موقفا متوازنا وعادلا ، ينسجم مع مطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة والتعددية ، ومع حجم تضحياته الكبيرة التي قدمها من اجل ذلك . فهذا الموقف ، يعني ان اقصى هدف للثورة السورية ، لن يتعدى تحقيق التوازن مع النظام ، وهو لايعني في الحقيقة توازنا عسكريا فقط ، بل سيؤدي الى تحقيق توازن سياسي يتقاسم فيه الثوار السلطة مع النظام . ولاشك في ان الموقف الغربي هذا ، لم يأخذ بعين الاعتبار سعي النظام السوري وحلفائه لتحقيق النصر الحاسم في اسرع وقت ممكن على المعارضة، واعادة الاوضاع العسكرية والسياسية الى ما كانت عليه ، وبالتالي فرض معادلة الحكم القادمة في سوريا ، وفقا لتطلعات النظام وحلفائه .
لقد تميز الموقف الغربي ازاء الثورة السورية منذ البداية بالغرابة والدهشة ، وطرح تساؤلات اغرب وادهش ، حول حقيقة سعي الغرب لمساعدة الشعوب على استرداد حقوقها وتحقيق مطالبها في العدل والحرية . كما طرح تساؤلات لاتزال قائمة حول اسباب استمرار الخوف الغربي المبالغ فيه ، مما تطرحه بعض الحركات الاسلامية المعزولة ، التي لاتشكل مكونا رئيسيا وفاعلا في الوجدان الاسلامي والعربي .
موقف غربي غامض ومتردد من الثورة السورية ، مقابل موقف روسي ايراني واضح وجسور لدعم وتأييد النظام السوري . وتلك معادلة تضفي نوعا من عدم التكافؤ الذي يقول الغرب انه يريد تحقيقه في ازمة تزداد تعقيدا كلما تم استهلاك وقت اكثر من زمانها، الذي يبدو انه سيكون اطول مما هو متوقع .
السلاح الغربي المقدم للثورة السورية اذن ، ليس لتحقيق النصر ، بل لتعزيز الموقف التفاوضي للثوار ، ولزيادة حصتهم في السلطة ليس اكثر. فالتضحيات التي قدمت على مدى اكثر من عامين ، لاتستحق اكثر من عدة مناصب وزارية ـ حسب الغرب ـ في سلطة مرفوضة وقاتلة ، تأكل لحم شعبها كل يوم .