اخر تحديث
الأحد-28/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ في سوريا : داعش أم دواعش؟
في سوريا : داعش أم دواعش؟
17.11.2015
د. محمد أحمد الزعبي
1.
لابد من الإشارة بداية إلى أن " داعش " ( الدولة الإسلامية المزعومة ) كتعبير وكتنظيم ، إن هو إلاّ أحد مخرجات التلاقي والتلاقح الطائفي والسياسي المشبوه ، من جهة بين مثلث نظام عائلة الأسد في سورية ، وحزب حسن نصر الله في لبنان ، ونظام ولاية الفقيه في طهران ، ومن جهة أخرى ، نظام " اليوم التالي " لسقوط الاتحاد السوفييتي في نهاية ثمانينات القرن المنصرم ، أي النظام العالمي الجديد ، ومفكريه الاستراتيجيين أمثال صوموئيل هنتنجتون ( صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي الجد يد ) وفرانسيس فوكوياما( نهاية التاريخ والإنسان الأخير) الذين يرون في العلمانية الغربية وفي الاقتصاد الحر والديموقراطيىة الأوروأمريكية المثل الأعلى الذي على كافة دول المعمورة اتباعه ، لتصبح دولاً متطورة مثل أوروبا وأمريكا .
لايخفي الكاتب انحيازه وتبنيه لكل من العلمانية والديموقراطية ، بل والسوق الحر أيضاً ، ولكن هذا الانحياز وهذاالتبني لايمكن أن يصل به حد القبول بعلمانية أوديموقراطية مشروطة تلغي الآخر المختلف ، وهو مايمثل طعنا بمبدأ كل من العلمانية والديموقراطية في آن واحد. كما لايمكن أن يصل به ( الكاتب ) هذا الإنحياز والتبني ، إلى قبول أن تفتح أبواب ونوافذ وسماء بلده سوريا وتحت أية ذريعة ، لكل من هب ودب ، سواء لنصرة أهل الشام ، أو لتأسيس دولة إسلامية في العراق والشام ماأنزل الله بها من سلطان ، أو للمحافظة على مرقد الست زينب ( كي لاتسبى الست مرتين!!) ، أو حتى لمحاربة الإرهاب أو محاربة داعش .التي بات متفقاً على إدانتهما ( داعش والإرهاب ) من قبل كافة الأطراف ، بل وعلى النظر إليهما كتعبيرين مترادفين ، ولا سيما بعد أحداث باريس المؤسفة والمؤلمة يوم 13/14 نوفمبر الجاري .
2.
إن رفضنا كمواطن سوري عربي مسلم ل " داعش " ، إنما يعود بصورة أساسية إلى كونها فصيل متعصب سلفوي تكفيري ، وبالتالي خارج عن مبادئ وقيم الإسلام . إننا لانقرأ الإسلام لا بعيون داعشية حولاء ، وعقول يابسة صماء ، ولا بعيون من تحوم طائراتهم في سمائنا ليل نهار، وتسقط براميلها وقنابلها المحرمة دولياً فوق رؤوس الجميع ( من مع داعش ومن ضدها ) ولا سيما الأطفال الأبرياء ، وإنما نقرأ الإسلام بعيون وعقول مفتوحة ومنفتحة على مبدأ " الاجتهاد" الذي هو ركن من أركان الإسلام دون منازع .
لقد سمحت لنا تلك الضجة العالمية الكبرى ، التي أثارها بداية النظام السوري ومن يشد على يديه من العرب والعجم ، ولاحقاً أمريكا وأوربا وروسيا ، حول داعش ،( سواء تحت هذا المسمى ، او تحت مسمى " العصابات المسلحة "، أو " الإرهاب " ) أن نتوقف عند هذه الظاهرة المثيرة للجدل ، لنقول فيها رأياً يمكن أن يكون بدوره مثيراً للجدل أيضاً .
يدخل في إطار مابات معروفا ( في سوريا خاصة ) ب " داعش " ـ وهذا حسب رؤيتنا الخاصة ـ ثلاث مجموعات ، متداخلة ومتماثلة من حيث الشكل ( اللباس ، الذقن ، الراية ) ، ولكنها متباينة من حيث المضمون ، سواء في موقفها ( المعلن أو المضمر ) من نظام عائلة الأسد وشبيحته ومناصريه ، أو في فهمها الخاص لتعاليم الاسلام ، سواء في عموديهً الأساسيين : القرآن والسنة ، أو في عموديه الفرعيين : الإجماع ، والقياس القائم على الاجتهاد . هذه المجموعات الثلاث هي :
أ) داعش النظام ، وهي مجموعة تابعة للنظام السوري ، وتتلقى الأوامر منه ، فيما ينبغي فعله أو عدم فعله. ولعل هذه المجموعة " المصطنعة " الدخيلة على الثورة، ربما تكون المسؤولة عن قسم أساسي من تلك الأفعال المدانة أخلاقياً ، والتي جرى ويجري تسويقها عالمياً على أنها أفعال إسلامية !!. إنها واقع الحال لعبة النظام وأنصاره المعروفين ، وهدفها الأساسي ، هو تشويه صورة ثورة آذار 2011 السورية ، بل وثورات الربيع العربي كلها داخلياً وخارجياً .
ب) مجموعة الإسلاميين المتطرفين الذين كانوا في سجون بشار الأسد ، وأطلق سراحهم وهو يعلم أنهم سيقاثلونه ، بما هم جماعة سلفية متطرفة ومتعصبة ومرتبطة بالماضي على حساب الحاضر والمستقبل ، بحيث يمكن للنظام توظيف مواقفهم وآراءهم المتطرفة في تبرير مشروعه الطائفي ، ولاسيما تحالفه المشبوه مع إيران وحسن نصر الله ، ولاحقاً بوتين ، وفي تقديم هذه الآراء والمواقف المتطرفة والمتعصبة والبعيدة عن وسطية الإسلام ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس / البقرة 143) للعالم عامة وللغرب خاصة على أنها هي الإسلام .
ج) مجموعة الإسلاميين السلفيين المتطرفين ، أي الذين يعتبرون الكمال في الماضي وليس في الحاضر ولا في المستقبل . وهم من هذه الزاوية مسلمون "رجعيون" أي يدعون إلى الرجوع إلى الوراء بدل التقدم إلى الأمام ، ولكنهم يعتبرون مع ذلك أقل تطرفاً وتعصباً في آرائهم ومواقفهم من داعش السجون . إن مايجمع بين هذه المجموعة و المجموعة التي قبلها ( داعش السجون )، هو عداؤهما للآخر المختلف ، سواء أكان هذا المختلف من أتباع المذاهب والديانات الأخرى ، أو أكان مسلماً مخالفاً لهما في الرأي والموقف ، وهو ما سمح للعالم بإدخالهما معاً في توصيف إجتماعي وسياسي واحد هو " الإرهاب" وجعل بالتالي كلمة داعش مرادفة لغوياً لكلمة لإرهاب . وجات أحداث باريس ليلة 13 / 14 الجاري لتؤكد صحة هذه المرادفة .
3.
إن الإشكالية التي يطرحها موضوع داعش هي ـ وفق تصورنا ـ أن وحدة الشكل ( اللباس ، الذقن، الراية السوداء ) بين أتباع المثلث الداعشي الذي مر ذكره، قد جعلت الأبواب والنوافذ مشرعة بين أتباع هذا المثلث ، وسمح بالتالي للنظام ولأعوانه في الشرق والغرب أن يوظفوا هذه الورقة الداعشية في مشاريعهم المعادية لثورات الربيع العربي ، ولا سيما في تكوين دواعش مضادة لهذه الثورات ، على قاعدة " لكل شيئ آفة من جنسه " مثل : ( الحشد الشعبي في العراق ، قوات الدفاع الوطني في سورية ، الحوثيون ( أنصار الله ) في اليمن ، حزب الله في لبنان / حالش ، سرايا قاسم سليماني الإيرانية ، بعض الفصائل الكردية .. الخ ) وذلك بغض النظر عن الفارق الكمي والنوعي بين هذه الجماعات والمجموعات ، وعن الفارق في أهدافها الظاهرة والمضمرة . كما أن عدداً من الدول الغربية ( الغزو الأوروأمريكي للعراق عام 2003 ، الغزو الروسي لسوريا 2015 ، الدعم الأوروأمريكي للأنظمة االاستبدادية في الوطن العربي ولا سيما في سورية والعراق ومصر ) ، جعلت من " داعش " الجسر الذي تعبر عليه ومنه إلى سماء وأرض العرب ، تحقيقاً لمصالحها الاقتصادية والسياسية المعروفة للجميع .
إننا واقع الحال في سورية ، أمام عدو واضح المعالم ، يمثله مثلث بشار الأسد والخامنئي وبوتين ، وتمثل داعش بالنسبة إليهم الثلاثة القاعدة التي تنطلق منها صواريخهم وطائراتهم لتقتل أطفالنا ونساءنا ، بينما تقف في الضفة الأخرى معارضة مشتتة عاجزة مرتبكة الرأي والرؤية ، تنتظر براميل النظام المتفجرة تنزل فوق رؤوسها كل صباح ، ثم تقضي سحابة يومها في دفن من قتلتهم هذه البراميل ، ولكن أيضاً ، في البحث عن مناطق أو بلدان آمنة تؤوي مابقي من عائلاتهم ، وتحميها من جحيم براميل بوتين وبشار الأسد ، القادمة إليهم في اليوم التالي ، ولا يهم أن تكون هذه البلدان عربية أو أجنبية ، وأن يكون الطريق إليها آمناً أو غير آمن .
نعم إن داعش ( الدولة الإسلامية المزعومة ) هي من أعطى الدول الأخرى ، البعيدة عن العراق والشام الحجة والتبرير لحشد جيوشهم في سمائنا وفوق أرضنا ، وعليها أي داعش إن كانت صادقة في ادعاءاتها الإسلامية ، أن تتخلى عن رموزها المحزنة التي عفا عليها الزمن ، ولاسيما الراية واللباس ، بل وعن تنظيمها الذي بات مداناً عربياً وإسلامياً وعالمياً ، والذي جلب إلى بلداننا وإلى ربيعنا العربي معظم المتاعب التي نعاني منها اليوم ، وأن تنضم إلى الجيش السوري الحر ، الذي أخذ شرعيته من رفض عناصره من الضباط وضباط الصف والجنود إطلاق النار على إخوانهم المتظاهرين وانشقاقهم عن جيش بشار الأسد " العقائدي "!! أي الطائفي على هذا الأساس ، وتعمل تحت رايته الوطنية المعروفة ، راية استقلال سوريا عام 1946 .