الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في مآلات جنيف 2

في مآلات جنيف 2

26.01.2014
اليوم السعودية


25/1/2014
قبل ما يقارب الثلاثة أعوام، خرج الشعب السوري، مطالبا بالحرية والقضاء على الفساد والاستبداد. وبدلا من الاستجابة للمطالب المحقة والمشروعة، جاء الرد قصفا للآمنين ولحركة الاحتجاجات السلمية، بالمدفعية والدبابات والبراميل المتفجرة، واستخدام أسلحة الدمار الشامل.
تقدمت قوافل الشهداء، التي لم تستثن محافظة أو مكونا اجتماعيا أو دينيا أو طائفة، أو فئة عمرية من مكونات الشعب المظلوم. وتحولت المواجهة بين الشعب المطالب بالحرية وبين النظام المستبد إلى ما يشبه حرب إبادة وتطهير عرقي. وكان الثمن المدفوع من أجل نيل الشعب كرامته، غاليا جدا، من الدم والقهر، وانتهاك الأعراض وقهر القيم الإنسانية. تجاوزت أعداد الضحايا ما ينوف على المائة وخمسين ألف شهيد، جلهم من المدنيين، الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الحرب القذرة المفروضة عليهم.
لقد وقف العالم متفرجا على المذبحة، دون أن يحرك ساكنا أمام بكاء الثكالى والأطفال. بل إن بعضا من القوى الكبرى، اختارت الانحياز للظالم ضد الضحية. واستخدمت الفيتو لتحول دون صدور أي قرار أممي يوقف شلالات الدم، ويضع حدا، يعيد للسوريين كرامتهم المستباحة.
جنيف الأول وجنيف الثاني، ليسا سوى خطوتين ضئيلتين، على طريق اعتراف المجتمع الدولي، بأن ما يجري على الأرض الصورية، لم يعد محتملا، وأن استمراره يهدد الأمن والسلم الدوليين.
جنيف2، لن يكون له معنى، إن تجاهل المطالب المشروعة، التي ناضل من أجلها السوريون، وقدموا التضحيات الجسام في سبيلها. والحديث عن تسويات سياسية تؤمن مواصلة النظام لمسيرة قمعه التي اعتاد عليها، أمر خطير جدا. هناك من يريد لجنيف2، أن يكون طاولة تنتهي بوثيقة تسليم من قبل المعارضة لصالح النظام الاستبدادي، وأن تعاد عقارب الساعة إلى الوراء.
الحل السياسي المقبول من السوريين بعد نضالهم الذي أبهر العالم أجمع، لن يكون إلا بحكومة انتقالية، بصلاحيات كاملة، يستبعد منها، من تلطخت أيدهم، بدماء الأبرياء والمدنيين. ولن يكون منطقيا، تناسي ما جرى، من تجاوزات وحرب إبادة، لأن معنى ذلك التسليم بمشروعية ما ألحقته عصابات النظام من قتل وتدمير وخراب، في طول سوريا وعرضها.
وإذا اعتبر المجتمع الدولي، أن جنيف2، هو محطة لاحتواء ثورة الكرامة السورية، والتراجع عن أهدافها، فإن ذلك سيكون محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وذلك بالضد من قوانين التاريخ ومعطياته.
جنيف 2 هو بين خيارين، الانتصار للحق وللكرامة الإنسانية، وذلك هو السبيل الوحيد لوقف نزيف الدم، أو التخلي عن الشعب السوري، الذي سيكون عليه مواصلة الكفاح من أجل تحقيق حريته وكرامته.