الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في (قوة) الموقف التفاوضي للمعارضة السورية

في (قوة) الموقف التفاوضي للمعارضة السورية

28.12.2015
وائل مرزا



المدينة
الاحد 27/12/2015
في (قوة) الموقف التفاوضي للمعارضة السورية "عندما تُكثرُ التفكيرَ بمحدودية قدراتِك، تأكد أنها ستكونُ كذلك". هذه قاعدة شائعة في علم المفاوضات، وعالمها، يجدر بالمعارضة السورية التأمل فيها بشكلٍ كبير. الأرجح أن عملية المفاوضات في سوريا بدأت منذ زمنٍ بعيد، لكن المؤكد أن انطلاقها ترسخَ مع مؤتمر فيينا منذ أشهر. لابد من إدراك هذه الحقيقة لفهم كل ماجرى ويجري من يومها على إنه جمعٌ لأوراق تفاوضية، وهو مايقوم به النظام وحلفاؤه بمختلف الوسائل. وفي حين يُشكك البعض في قدرة المعارضة السورية على الدخول في هذا الاستحقاق الصعب، تغيب عن بال هؤلاء، وآخرين من المعارضة نفسها أحياناً، جملة تصريحات ومواقف وأحداث تصب في تدعيم الموقف التفاوضي لها.
نطرح في هذا المقام بضعة أمثلة من أحداث الأسبوعين الأخيرين فقط.
فيوم الأربعاء قبل الماضي، 16 كانون الأول / ديسمبر، تحدثت كلٌ من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة سامنثا باور عن أن "التوصل إلى حل طويل الأجل لا يشمل بشار الأسد".
وفي نفس اليوم أيضاً، اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير جديد لها أن آلاف الصور التي تم تسريبها عن معتقلين قضوا تحت التعذيب داخل سجون نظام الأسد تشكل "أدلة دامغة" على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
في اليوم التالي، الخميس، وافق مجلس النواب الأمريكي على مسودة قرار طرحت للتصويت، تتعلق بفرض عقوبات مالية جديدة على ميليشيا حزب الله، بموافقة 422 نائباً على القرار، دون اعتراض أي نائب. ثم جاء يوم الجمعة يحمل تأكيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن بشار الأسد فقد شرعيته ويتعين أن يرحل عن السلطة ليفتح الباب أمام إنهاء "إراقة الدماء" هناك. وفي نفس السياق، شدّد كل من وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس والبريطاني فيليب هاموند في الأمم المتحدة على ضرورة رحيل الأسد.
بعدها بيوم، أكدت وزارة الخارجية التركية على أن تركيا تدعم الحل القائم على تنحي بشار الأسد من منصبه بعد تسليم كافة صلاحياته لهيئة الحكم الانتقالية خلال مرحلة الانتقال السياسي، وذلك تعليقاً على قرار مجلس الأمن الدولي 2254 حول سورية. ويوم الأحد الماضي أكدت منظمة (هيومن رايتس ووتش) في تقرير أصدرته أنها وثقت "أكثر من 20 حالة استخدام للقنابل العنقودية" منذ بدء الاحتلال الروسي عدوانه في 30 أيلول / سبتمبر الماضي. واعتبرت المنظمة في تقريرها أن استخدام القنابل العنقودية "يشكل انتهاكاً للقرار الدولي 2139 الصادر عن مجلس الأمن في 22 شباط (فبراير) 2014 ..".
أما يوم الثلاثاء فقد قالت وزارة الخارجية النرويجية إنها تراقب بقلق شديد الحشد العسكري الروسي في سورية، موضحة أن التقارير التي تخرج حول قصف الطيران الروسي الذي يستهدف أهدافاً أخرى غير تنظيم داعش تُعقد الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي.
في اليوم التالي، الأربعاء، أعلنت منظمة العفو الدولية أن القصف الجوي الذي تشنه طائرات الاحتلال الروسي في سورية قد يرقى إلى جريمة حرب، بسبب عدد المدنيين الذين قتلتهم الضربات الجوية.
وخلال اليوم نفسه، أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في افتتاح جلسة مجلس الشورى السعودي، على ضرورة الانتقال السياسي في سورية، والذي "يتضمن وحدة السوريين وخروج القوات الأجنبية والتنظيمات الإرهابية، التي ما كان لها أن تجد أرضاً خصبة في سورية لولا سياسات نظام الأسد التي أدت إلى إبادة مئات الآلاف من السوريين وتشريد الملايين".
يوم الخميس أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً لتسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى ملايين السوريين، من دون موافقة مسبقة من نظام الأسد. ودان مجلس الأمن "استمرار وجود العراقيل أمام نقل المساعدات الإنسانية عبر خطوط القتال وتكاثرها" .
في نفس اليوم اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار المقدم من السعودية والإمارات وقطر عن حال حقوق الإنسان في سورية. وجدد مشروع القرار تأكيد الالتزام بإيجاد حل سياسي للأزمة وتطبيق بيان جنيف وإطلاق عملية سياسية بقيادة سورية تؤدي إلى تحول سياسي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري من خلال هيئة حكم انتقالية شاملة ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، وبما يضمن استمرارية المؤسسات الحكومية. ودان بشدة جميع انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان ، ولا سيما جميع الهجمات العشوائية، بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة في مناطق مدنية .
هذه التصريحات والتقارير والمواقف والقرارات كلها عناصر قوة في الموقف التفاوضي للمعارضة السورية لاينبغي مرورها ك (أخبار) يومية . وهنا يكمن المعنى الحقيقي للسياسة باعتبارها (فن المُمكن). فهذا (الممكن) لدى البعض مُستحيلٌ لدى آخرين، في حين أنه (أقل الممكن) لفريقٍ ثالث يجب أن تعمل المعارضة كل ماتستطيع لتكون جزءاً منه في أقرب الآجال