الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ‏داعش: هل تتوقف أم تتوسع؟

‏داعش: هل تتوقف أم تتوسع؟

28.08.2014
إيال زيسر


القدس العربي
إسرائيل اليوم – 26/8/2014‏
الاربعاء 27-8-2014
إن سلسلة انتصارات تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في صحارى العراق وسوريا التي أفضت الى انشاء خلافة اسلامية بزعامة الخليفة ابراهيم (أبو بكر البغدادي)، زعيم المنظمة، في مساحة تبلغ عشرة أضعاف مساحة دولة اسرائيل تقريبا – هي بلا شك من أهم الأحداث التي عرفها الشرق الاوسط في السنين الأخيرة، بل ربما في عشرات السنين الاخيرة.
وقد عملت ظروف خاصة تتعلق بالزمان والمكان في مصلحة المنظمة منها انهيار الدولة العراقية في أعقاب غزو جيش الولايات المتحدة لها في 2003 ونشوب الثورة السورية بعد ذلك، وقد أبعدا أو أضعفا جدا نظامي الحكم السوري والعراقي وهما الوحيدان اللذان كانا قادرين على احتواء هذه الظاهرة بل القضاء عليها.
جرى على المنظمة في السنة الاخيرة تطوير حقيقي حولها من مجموعة مجانين هاذية الى منظمة قوية تشبه دولة حتى إنها دولة في الطريق. وكبر مع المنظمة ايضا الخطر على العالم كله.
أولا فصلت المنظمة نفسها عن المنظمة السقف، القاعدة، التي كانت تنتمي اليها وأصبحت كيانا مستقلا بلا حدود وبلا ضوابط. ويوجد تعبير عن شعور بالثقة بالنفس وعن مشاعر العظمة عند زعيمها أبو بكر البغدادي، في اعلان الخلافة الاسلامية.
وثانيا اجتذبت المنظمة إليها مجموع قوى المعارضة التي كانت تعمل متفرقة مع شجارات داخلية في شرق سوريا وغرب العراق. وهكذا أصبح يواجه بشار الاسد والحكومة العراقية لأول مرة منظمة متمردين واحدة تسيطر سيطرة فاعلة على مناطق واسعة باعتبارها حاكمة وحيدة لا مجموعة واحدة من مجموعات متمردين مختلفة.
وثالثا انشأت المنظمة ايضا نظاما اداريا – مهما يكن بدائيا ومنفرا – في المناطق التي احتلتها وعرضت لاول مرة بديلا – لا عسكريا فقط بل مدنيا ايضا – عن حكومتي سوريا والعراق.
لكن كل ذلك كان الجزء السهل في حملة احتلال المنظمة. فالحديث عن مناطق صحراوية يسكنها سكان قليلون، والسكان فيها في الاكثر قبائل بدوية يسهل تجنيدها لمعركة الجهاد، أو سكان سنيون في قرى وبلدات نائية يمتلئون كراهية للحكومة الشيعية في العراق أو لعائلة الاسد العلوية في دمشق.
وتواجه منظمة داعش الآن معضلة وهي هل تُثبت سلطتها في المناطق التي استولت عليها، دون أن يعوقها عن ذلك عائق؟ وهل تطهرها من سكان رافضين ومن أبناء طوائف أقليات تراهم كفاراً؟ وهل تبذل جهدا في تثبيت جهاز اداري وبناء قاعدة اقتصادية صلبة للدولة التي تنشئها؟ وهل تبذل جهدا في بناء جيش يحمي انجازاتها هذه؟.
وفي مقابل ذلك هل يجب عليها أن تحاول التقدم الى جنوب العراق الذي يسكنه الشيعة والى مركز سوريا حيث يسيطر النظام السوري وحيث يحتشد معظم جيش بشار والى الاردن الهاشمية بل الى تركيا؟.
إن خطر التوسع توسعا يفوق قدرة المنظمة على الاحتواء واضح، وكذلك ايضا خطر مواجهة سكان شيعة أو أكراد معادين ودول قوية نسبيا كتركيا والاردن.
وفي مقابل ذلك فان طبيعة المنظمة هي طبيعة اتساع وحرب جهاد، والدولة التي تقيمها والجيش الذي تؤسسه هما دولة وجيش يُبنيان ويؤسسان على الحروب والاحتلال والقوة البشرية المجندة لهما أو نتاجهما.
يُبين كل ذلك أن داعش لن تكف عن جهادها، لكن ينبغي أن نفرض أنها ستظل تحصر جهودها في العراق وسوريا حيث توجد لها مجال مداورة وقتال. وستدع الاردن وتركيا والعربية السعودية الآن إلا اذا لاحظت نافذة فرص واغراءا على هيئة ضعف أو زعزعات داخلية في هذه الدولة لن تحجم عن استغلالها. وستحاول أن تُذكر اسرائيل بوجودها، لكن قدرتها على العمل على اسرائيل ما زالت محدودة الى أن تبلغ الحدود السورية في هضبة الجولان.
إن للمنظمة حدودا ويمكن أنها بلغت أقصى درجة اتساعها في المرحلة الحالية، لكن الانباء السيئة هي أنها لا تنوي أن تختفي، ولا يبدو أن أحدا لا النظام السوري ولا النظام العراقي قادر على إبعادها عن مواقعها. واذا لم تتجه المنظمة الى هجوم على الغرب كالهجوم الارهابي في 11 أيلول فانه يصعب أن نرى الولايات المتحدة توجه قوتها عليها ما عدا وخزات على هيئة هجمات مفرقة ومحدودة بطائرات حربية.