الرئيسة \  واحة اللقاء  \  آفاق التسوية السياسية السورية في مؤتمر فيينا!

آفاق التسوية السياسية السورية في مؤتمر فيينا!

04.11.2015
الطاهر إبراهيم



القدس العربي
الاثنين 3/11/2015
انشغل العالم أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015 بالبحث عن نهاية لخمس سنوات من القتل والتهجير أقام سوقها بشار الأسد في سوريا. اجتمع وزراء خارجية أربع دول هي روسيا وأمريكا وتركيا والسعودية في فيينا، تفرقوا كما اجتمعوا من دون اتفاق.
قيل في حينه إن موسكو أحبطت اللقاء حين أصرت على اعتبار بشار الأسد جزءا من الحل. ثم اتفق على توسيع الاجتماع، بحيث دعي الغائب المهم إلى الاجتماع وهو إيران، ودعيت دول تكملة عدد مثل مصر ولبنان، إذ غيابهما كحضورهما لا يقدم ولا يؤخر.
وحدهما السعودية وتركيا تعرفان أن اللقاءات ممارسة علاقات عامة. إذ إن الغائب الأكبر هو الفصائل المقاتلة على الأرض، مثل أحرار الشام وجبهة النصرة والجبهة الجنوبية، غيبت فلم تدع، ولم تهتم هي في أن يكون لها مقعد على طاولة اللقاءات.
فهي لا تهتم بمن حضر ومن غاب، إذ إنه لا يوجد في أجندتها إلا القتال حتى يزول نظام بشار الأسد من الوجود وينكسر أنف إيران وتنحسر إلى ما وراء الحدود يوم كان الشاه يحكم إيران، لا حبا في الشاه،بل كبحا لدور طهران التي ابتلعت حتى الآن أربع دول عربية كانت قبل احتلالها ملء السمع والبصر.
موسكو تعتبر أن سلاحها الجوي كفيل بأن يجعل لها الحق في أن يكون لها أوسع المقاعد حول طاولة المفاوضات.
أما واشنطن، فتعتبر أن الفصائل المقاتلة أكبر عقبة في إمضاء أية تسوية للنزاع في سوريا. وقد جربت أن يكون لها مقاتلون من الجيش الحر يأتمرون بأمرها، فكانت فضيحة الفضائح حين صرفت 400 مليون دولار على تدريب من تسميهم سوريين معتدلين، فلم تجد في نهاية التدريب من هؤلاء المعتدلين إلا أربعا من الجيش الحر يأتمرون بأمرها.
موسكو التي جردت أسطولها الجوي، فقصفت المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون، واستهدفت المستشفيات التي تداوي جرحى القتال ليست لديها إلا معدات صدئة ومئات من الجرحى، فلم توفرهم طائرات بوتين.
نقول لموسكو هذه التي جاءت لتنقذ بشار الأسد فيبقى في السلطة، إنها لو استطاعت أن تدركه قبل أن تدوسه جحافل المقاتلين، فتكون أنقذته من موت محقق. وإلا فالمقاتلون السوريون أقسموا ألا يدعوه يخرج من سوريا إلا قطعا، فقد فعل في سوريا ما لم يفعله نيرون في روما.
أما واشنطن التي تتباكى على مصير سوريا إذا ما أطيح بشار دون أن يخلفه من يحكم سورية في اليوم التالي، فنقول لها: اتركينا من شرورك ونحن بألف خير من الله.
المقاتلون الذين لقنوا ميليشيات طهران دروسا لن ينساها من بقي منهم على قيد الحياة، وجعلوا زعيم الأشرار حسن نصر الله "يشهق فلا يلحق"، سيجعلون بوتين يلعن الساعة التي قرر فيها أن يجرب حظه في سوريا، هؤلاء المقاتلون هم بناة سوريا.
ففي اليوم التالي الذي تنظف فيه سوريا من أشرار بشار وإيران يعود كل مقاتل إلى حيه يعمر فيه ما خربه المجرمون.
أما الضباط الذين انشقوا عن جيش بشار فسوف يعودون إلى ثكناتهم ليقولوا للعالم كله ولواشنطن بالذات: إن الجيش الذي قاتل بشار ونصر الله وفيلق القدس، الذي طرد من أرض سوريا، هذا الجيش قادر على أن يعيد سوريا إلى ما كانت عليه يوم تسلط عليها حافظ الأسد وزمرته الأشرار.
لن يكون هناك فراغ في سوريا. ولن يكون أبناء سوريا مثل حكام العراق الذين جاؤوا على ظهر دبابة أمريكية عندما احتلت أمريكا العراق. فقد فعل أولئك أسوأ مما فعله جورج بوش وتوني بلير، حين كانوا أدوات في يد واشنطن ويد طهران. وتركوا "بول برايمر" يسرح الجيش العراقي الذي كان أقوى جيش في المنطقة العربية.
وإذا كان بوتين يعتقد أنه يقوم بعملية قصف تمهيدي ليجعل الفصائل المقاتلة ترفع راية التسليم، فقد رأى خلال شهر و2000 طلعة جوية،وكان المقاتلون يتقدمون على الأرض تحت القصف.
بوتين الذي أرسل وزير خارجيته إلى فيينا يوم الجمعة في 30 تشرين الأول/أكتوبر وهو يعتقد أن المعارضة المحسوبة على النظام هي في جيبه،وسيقتسم الكعكة مع ائتلاف المعارضة ومن هم محسوبون على واشنطن. لكن هؤلاء وأولئك، حتى الآن لم يتفقوا على من سيعلق الجرس في عنق القط الذي يقاتل على الأرض.
لقد كانت الفصائل المقاتلة من اللباقة بحيث إنها لم تقل لائتلاف المعارضة: إنكم تفاوضون من دون أن يفوضكم أحد. لكن في الوقت الذي يتقدم هؤلاء وأولئك يتفاوضون لاختيار من سيحكم سوريا سيجدون أنهم لا يملكون من الأمر شيئا، وأن من بذل دماء مئات الآلاف هو من يحق له أن يشرع لمصير سوريا من خلال نواب الشعب الذين يختارهم السوريون.
كلمة لا بد منها لمن وجد نفسه عضوا في ائتلاف المعارضة من دون انتخاب من الشعب: أنتم لا يحق لكم أن تمثلوا الشعب السوري.
غاية ما في الأمر أن واشنطن سوف تملي رغباتها ثم تقول لكم تعالوا ابصموا. ومن جملة ما ستبصمون عليه هو أن تعتقلوا من قاتل النظام من أحرار الشام وجبهة النصرة وغيرها، فهل تفعلون؟