الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأكراد في سوريا أمام الامتحان الأصعب

الأكراد في سوريا أمام الامتحان الأصعب

05.06.2014
علي نمر



القدس العربي
الاربعاء 4/6/2014
قبل أسابيع عدّة، أعلن عن اتحاد بعض الأحزاب الكردية، وذلك بالاندماج في كيان حزبي واحد، كتب الكثير عن الاتحاد قبل المؤتمر التوحيدي وبعده، ووجهت إليه الكثير من الانتقادات، وقيل أيضاً إن عدد الأحزاب التي تفكر بشكل جاد، أو التي وافقت من حيث المبدأ على ان مشروع الاندماج صحيحٌ، كانت بين أربعة فقط، لكن ما هو متوقع أن يشهد الاتحاد انضمام أحزاب أخرى، نظراً للسيناريو المتوقع على الأرض، والظروف التي تعيشها المنطقة الكردية من تجاذبات، والتي ستشهد اصطفافات جديدة وأوتوماتيكية، وقد يكون اختيار طرف على حساب آخر أصعب من تحليل المرحلة ذاتها.
إن كان الهدف من عملية الاندماج الحزبي أو الاتحاد السياسي حسب التسمية الشائعة توحيد القوى الكردية المتقاربة تحت راية واحدة، حتى مع اسمه الجديد "حزب الديمقراطي الكردستاني  سوريا"، وأيضا تشكيل جبهة قوية تكون مهمتها الحقيقية التصدي لمن يحاول أن يجعل من المنطقة "آبوجية اللون والرائحة"، سواء مع الإدارة الذاتية ومؤسساتها أو "الجيش" المشكّل من وحدات الحماية الشعبية التي هي بالأصل جناح عسكري من أجنحة حزب العمال الكردستاني ذاته، فإن ما نحن مقدمون عليه يشبه الكارثة، أو البركان الذي لا تعلم متى سينفجر ويأخذ معه الأخضر واليابس.
هذا الاحتمال الخطير لم نأت به من فراغ، لأن الوقائع على الأرض تؤكد أن الخصمين، حزب الاتحاد الديمقراطي بقيادة صالح مسلم، والحزب الجديد برئاسة سعود الملا، لن يتمكنا من تفعيل وثيقة التحالف والعمل المشترك، رغم إعلانهما عن ذلك في أكثر من تصريحٍ ومناسبة، ولن يستطيعا توحيد المعارضة الكردية المتمثلة بالمجلس الوطني الكردي المنضوي في ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، ومجلس غرب كردستان، لذلك فإن كل ما يتم القيام به من إجراءات وقوانين ودساتير من الإدارة الذاتية لن تكون لها أي قيمة في ظل الانقسام الكبير بين الحركة الكردية ككل، وبالتالي فإن ما تسمى "دولة غرب كردستان" أو كما تسمى كردياً "روج آفا" هي قبضٌ للريح!
غير خفي على أحد أن مشروع التوحيد الحزبي هذا كان مطلباً رئيسياً دعت إليه أغلب القوى السياسية الكردية، وعلى وجه الخصوص التي اتحدت مبكراً، وذلك بعد أن ازدحمت الحياة السياسية بأسماء العديد من الأحزاب الوليدة، حيث لم نتوقع في يوم من الأيام أن يصل العدد لثلاثة وثلاثين حزباً، جميعها تناضل لنفس الهدف والغاية وذات البرنامج، ولم يعد المتابع والمهتم بالشؤون الكردية، أو حتى الكردي ذاته قادراً على التمييز بين الأحزاب، بسبب البرامج والأسماء المتشابهة، والغريب أن معظم هذه الأحزاب الوليدة لا يتجاوز عدد أعضاء بعضها أصابع اليد.. ومع ذلك تصنف نفسها تحت راية الحركة الوطنية الكردية، لذلك يبقى السؤال هو: إن كانت جميعها تشبه بعضها، فلماذا تأسيس أحزاب جديدة؟ وما الذي يميزها عن الأحزاب القائمة؟
إن على قادة الحركة الكردية الاعتراف بأن تأسيس أحزاب جديدة بعد الانشقاقات المستمرة فيها منذ سبعينيات القرن الماضي هدفه تحويل المشهد الحزبي إلى فوضى بتخطيط متفق عليه على الأقل "أمنياً"، أو الاعتراف سلفاً أنها جميعاً مجرد دكاكين يجلس على بابها قادتها منتظرين نصيبهم من "الكعكة" كردستانياً حسب التابعية والتأييد، أو لكي يحقق كل منهم زعامة كما الزعامات العشائرية الموجودة تاريخياً في صفوف الحركة وما تزال، لذلك فليسمح لنا قادة الحزب الجديد الجواب عن السؤال التالي: هل ما أنجزتموه هو توحيد أم اتحاد أم جمع أم اندماج..أم ماذا؟
أخيراً لابد من توضيح لماذا أكدنا أن الاتحاد السياسي أمام الامتحان الأصعب؟ لأن مرض الأحزاب الكردية كما غيره البحث عن زعامة، ومن يبحث عنها سيرفض بشدة، آجلاً أم عاجلاً التوحد أو الاتحاد أو الاندماج تحت راية واحدة، وذلك لأن كلا منهم فتش عن دوره ووظيفته ومكانته في الكيان الموحد قبل المؤتمر بأشهر، وهذه كانت أحد الأسباب الرئيسة لتأجيل المؤتمر أكثر من مرَّة، وبالتالي توزيع الحصص بما فيه القائمة "الضامنة" حين الانعقاد، فهل من كان زعيماً ورئيساً أو سكرتيراً عاماً أو قيادياً في الحزب يرضى أن يصبح عضوا مثل سائر الأعضاء وكأن شيئاً لم يكن؟
وحتى لا يفهمنا البعض أننا نتهكم على الحركة الكردية وأحزابها، فأنا شخصياً مع الاتحاد أو الاندماج أيًّاً كان، لا بل سأصفق لأي اتحاد بين شخصين، فكيف والحال بين حزبين أو أكثر، ومع ذلك سأطرح تساؤلاتي الأخيرة على سائر الأحزاب الكردية السورية على أمل أن يأتيني الجواب وهي: لماذا كل هذه الأحزاب؟ وما الفرق بين حزب كردي، وكردي آخر في مدينة القامشلي، على الرغم من أن برامج معظم هذه الأحزاب نسخة طبق الأصل؟ وهل من سوء حظ "الكوردايتي"  تحمل كل هذه الأحزاب والفقاعات؟