الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الثورة السورية تنتظر الشعرة التي ستقصم ظهر البعير

الثورة السورية تنتظر الشعرة التي ستقصم ظهر البعير

17.03.2018
إيفا كولوريوتس


القدس العربي
الخميس 15/3/2018
في الفترة الأخيرة من عمر الثورة السورية بدأ مفهوم الواقعية السياسية يزداد التعامل به تهرباً من بعضهم من مسؤوليته في حماية المدنيين السوريين ، و تغطيةً من بعضهم لتعديل موقفه السياسي تبعاً لمصلحته الشخصية ، فيما استخدم بعضهم هذا المصطلح كوسيلة للتأثير على همم المقاتلين في الداخل السوري ، إلا أن مفهوم الواقعية السياسي الذي يتمسح به العديد عملت به و بقوة حركة طالبان، حينما كانت تواجه أشرس القوى العسكرية على الأرض في وقتها، و هو الاتحاد السوفييتي ، فاقتنص الأفغان أقل الفرص و الدعم البسيط ليحطموا إحدى أشرس الإمبراطوريات ، فهل الشعب السوري أقل همة أو أضعف حماساً من الشعب الأفغاني ؟ و الجواب هو لا و السنوات السبع العجاف الماضية خير دليل ، كما أن الواقع السياسي الحالي للثورة السورية هو أفضل بمراحل من حال الأفغان في ذلك الوقت لكن هناك من يريد أن يرى الجزء الفارغ من الكأس .
بات ديكتاتور المهاجرين يسيطر على ما يقارب الـ60 في المئة من الأراضي السورية ، و باتت المعارضة السورية المسلحة تسيطر على 10في المئة و الميليشيات الكردية تسيطر على 22 % و تنظيم الدولة 8% ، بلغة الحساب و الواقعية السياسية فالأسد عاد و بقوة ، و الثورة السورية قد خسرت معركتها ، كما أن أكراد سوريا بهذا الشكل تمكنوا من فرض كنتونهم الانفصالي، أما تنظيم الدولة الإسلامية فيصارع أنفاسه الأخيرة ، قد يكون هذا هو التوصيف الأمثل للكثير من المحللين الغربيين و العرب و يشاطرهم هذا الرأي ممثلون عن المعارضة السورية السياسية و معظم قيادات الخليج العربي ، إلا أن للقصة بقية .
سوريا ديكتاتور المهاجرين ليست سوى مزرعة روسية إيرانية ، فالروس هم أصحاب الكلمة العليا للخيار السياسي و التفاوضي لنظامه ، كما أن موسكو صاحبة الرأي الأول في أي عملية عسكرية تتم ، فيما أصبح اللوبي الإيراني يتحكم بالعمود الفقري للنظام من حيث العملة و الاقتصاد و الأجهزة الأمنية ، كما أن ميليشياتها الطائفية الشيعية متعددة الجنسيات المنتشرة في الشمال و الجنوب تلعب دور قواعد أمامية للإمبراطورية الفارسية التي يحلم بها الولي الفقيه في قم ، و بهذا المشهد يصبح التوصيف القائم على انتصار الأسد مفرغا من معناه.
و إن ما جرى هو استغلال طهران الثغرة الدولية أو التغافل أو التساهل للتوسع في سوريا ، واستغلال موسكو سياسة أوباما القائمة على ترك كرة اللهب تكبر ، فيما يبقى الأسد كأدلة وظيفية لإضفاء الشرعية المغمسة بدماء السوريين الأحرار لوجود هاتين القوتين على الأراضي السورية ، إلا أن للقصة بقية ……
نعم خسرت المعارضة السورية المسلحة مساحات واسعة من الجغرافية السورية بشكل ملحوظ ، كما أن دائرة داعميها تقلصت ، إلا أن هذا التقلص قد تكون له إيجابيات مرتبطة بقدرة العقلاء في القيادات الثورية على إعادة ترتيب الأوراق الداخلية للبيت السوري الثائر بحيث تكون بداية لانطلاقة أكثر ثبات و أقل عشوائية مما بدأت عليه في عام 2012 ، فالداعمون الوهميون واقعياً دعموا الثورة أولاً بالخطابات الرنانة التي لا تسمن من جوع ، ثم دعموها بالفتات العسكري تحت بند الدعم المشروط والشروط كانت كما يلي :
أن لا تدخل هذه القوى العاصمة السورية دمشق.
أن لا تتمدد القوى الثورية نحو قرى العلويين في الساحل في ريف حماة الغربي.
أن لا تتجه قوى المعارضة السورية المسلحة في محافظتي درعا و القنيطرة نحو طريق عمان دمشق و أن تبقيه خطاً مفتوحاً.
أن لا تتمدد قوى الثوار في درعا نحو محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.
كما أن الداعمين هم من منعوا ثوار حلب من إتمام السيطرة على الجزء الغربي من المدينة منتصف عام 2014 قبل أن تسقط بأكملها بيد حلف الديكتاتور نهاية عام 2016 .
هذا الدعم المشروط بشكل أو بآخر هو من أعطى ديكتاتور المهاجرين وقتاً كافياً ليلتقط أنفاسه و يعيد ترتيب أوراقه التي عرضها للبيع لاحقاً ، و بشكل أو بآخر قد يكون تقلص عدد الداعمين هو لمصلحة الثورة ، فيما ارتباط عنق الأسد بحبل داعميه من وجهة نظري سيكون الخطأ الأخير .
المصطلح العربي الشهير " الشعرة التي قصمت ظهر البعير " قد يكون التوصيف الأصح للأيام المقبلة فيما يخص بقاء الأسد ، فالأجواء الدولية بدأت تتعكر ، بدأ الجميع يعيد ترتيب أوراقه و من ضمنهم اللاعب الأهم واشنطن ، فالأمريكيون بدأ صبرهم ينفد من خط طهران بيروت ، كما أن التحرك الروسي الأخير نحو الضفة الشرقية لنهر الفرات والتي جوبه بقوة من واشنطن يشير أن خطوط النفوذ التي تم اعتمادها من قبل لافروف و تيلرسون خلال اجتماعهما في العاصمة الفلبينية مانيلا صيف العام الماضي أصبحت غير واقعية للطرفين ، فالروس لن يقبلوا بنصف الكعكة الخالي من النفط و الغاز ، كما أن دخول اللاعب الإسرائيلي على دائرة الصراع في سوريا من خلال ما جرى على الحدود السورية الإسرائيلية يؤكد بأن تل أبيب لن تبقى صامتة أمام النفوذ الإيراني المتزايد في الأراضي السورية، و مسألة تحركها الجوي الموسع في الجنوب السوري هي مسألة وقت لا أكثر ، كنتيجة إن أي صراع قد يتطور بين الروسي و الأمريكي أو بين الأمريكي و الإيراني أو بين الإسرائيلي و الإيراني سيكون رأس الديكتاتور أول الساقطين ، فانتظروا إني معكم من المنتظرين .
بحر من الدماء ضمن دائرة من جميع أنواع الموت التقليدي و غير التقليدي هذا هو مختصر المشهد في الغوطة الشرقية والاستسلام ما ينتظرونه منها . أيها الثائر المحاصر في بيتك و بستانك يا من تركت وحدك لا تستمع لما تقوله السوخوي و لا تعر انتباها للمندوب البريطاني المرهف الإحساس حينما يغطي عار حكومته بثلاث أوراق من الكلمات و الجمل في حضرة مجلس أسس لأمنهم ، أنت وحدك كافياً لتحمي بيتك و بستانك ….. صمودك أيها الثائر المحاصر وحدك شعرة قد تقصم ظهر البعير في قصر المهاجرين ….
 
كاتبة من اليونان مختصة في شؤون الشرق الأوسط