الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الرئيس السوري… ربان السفينة أم القرصان؟

الرئيس السوري… ربان السفينة أم القرصان؟

10.06.2014
د. خليل قطاطو



القدس العربي
الاثنين 9/6/2014
أعلن السيد محمد جهاد اللحام (المحامي) رئيس مجلس "الشعب " السوري في الرابع من حزيران/يونيو الجاري، نتائج الانتخابات الرئاسية السورية التي اجريت في الخارج في الثامن والعشرين من أيار/مايو، والثالث من يونيو في الداخل، أي أن النتائج ظهرت بعد يوم واحد من انتهائها ولم نكن ندري أن التكنولوجيا السورية متقدمة الى هذه الدرجة، اللهم الا اذا كانت النتائج حاضرة سلفا قبل عدة أشهر مثلا، ولكن اللياقة السياسية تمنعهم من اعلان النتائج قبل اجراء الانتخابات. لم يستغرب أحد النتائج، فهل يتورع القتلة عن الكذب والتزوير؟ لم يصدق هذه النتائج سوى ايران وروسيا وحزب الله، وهنأت كوريا الشمالية، التي تعيش في عقلية القرون الوسطى الرئيس السوري بالفوز.
وصف السيد اللحام المناسبة ب"اليوم التاريخي" واقبال الشعب على صناديق الاقتراع ب"الكثيف"، وهنأ السوريين باختيارهم ربان السفينة الذي سيقودها الى بر الامان. هذا الربان يكاد يغرق السفينة في عرض البحر، وهو يقودها كالقرصان لا كالربّان. كان لا بد لعملية تجميل صغيرة، فنسبة ال99 بالمئة التي حفظناها في العقود الماضية لم تعد تليق بزمن الثورات، خفّضت نسبة فوز الرئيس الى 88.7 بالمئة لوجود مرشحين آخرين، حسان النوري وماهر الحجار، اللذين خاضا "معترك" الانتخابات كديكور ولزوم ما لا يلزم.
لنعد الى علم الحساب مع حضرة السيد اللحام، انه يقول ان عدد المسجلين للاقتراع هو اكثر من 15.8 مليون، وعدد الذين صّوتوا هو اكثر من 11.6 مليون، اي 73 بالمئة من مجمل الذين يحق لهم الاقتراع، فاذا أخذنا بعين الاعتبار ان القانون يقتضي أن الناخب في الخارج يجب ان يكون حاملا لجواز سفر ساري المفعول وعليه ختم الخروج من أي معبر حدودي، وكأن حكومته تتحكم فعلا بالمعابر الحدودية البرية. واذا اعتبرنا ان معظم اللاجئين سيقاطعون هذه الانتخابات، وان امريكا وكندا ومعظم الدول الاوروبية منعت اجراء الانتخابات على اراضيها، بالاضافة الى ذلك منعت السعودية وقطر والكويت الانتخابات على اراضيها ايضا، وفي هذه الدول ما يزيد على 1.6 مليون سوري، وكذلك مصر فيها اكثر من 300 الف سوري. ولنفترض ان هؤلاء السوريين في الخارج، الذين لم يصوتوا للاسباب المبينة اعلاه، يقاربون الاربعة ملايين ناخب، نطرح هذه ال4 من ال15.8، اذن ما تبقى في الداخل يقارب ال11.8 مليون ناخب. ولكن هناك من صوت في الخارج مثل من هم في لبنان والعراق، أي ان نسبة المقترعين في الداخل تتجاوز ال100 بالمئة، وسيادته لم يقل لنا كم هي نسبة الأراضي السورية التي يسيطر عليها نظامه، وهي في احسن الاحوال لا تتجاوز ال60 ٪، اي ان عدد المقترعين في الداخل لن يتجاوز ال 6  7 ملايين على احسن تقدير، وبقي له ان يقنعنا ان نسبة المؤيدين للرئيس بشار الاسد في الداخل هي أكثر من 100 بالمئة (حصل الرئيس بشار الاسد على 10.3 مليون صوت) أي اذا قسمنا 10.3على 6 فسنحصل على 172 بالمئة وهي النسبة الحقيقية للمؤيدين له. لقد خانت الرياضيات هذا المحامي السياسي، أو من أعد له الارقام ليلقيها امامنا على شاشة التلفاز الرسمي فيزيدنا تقززا من وجبة الانتخابات الرئاسية العفنة المنتهية الصلاحية.
اذن النسبة الحقيقية لفوز الرئيس بشار الاسد ليست 88 بالمئة، حسب البيان الرسمي بل 172 بالمئة، حسب التحليل المنطقي للارقام.
مبروك يا سيادة الرئيس فهذا فعلا هو يوم تاريخي، وربما تدخل موسوعة غينيس للارقام القياسية، لا ليس في القتل والتنكيل والتشريد والاعتقالات، لأنه يبدو أن مهمتك لم تنته بعد، بل بالفوز بالانتخابات الديمقراطية بنسبة لم يحصل عليها احد من قبل ولا من بعد، فهذا الرقم لن يحطّمه أحد، لا بد من الاستدراك هنا لأنك ستلعب مع منافسك الوحيد في المباراة النهائية مع المشير عبد الفتاح السيسي. كنا نشكو من نسبة ال99 بالمئة في عصر الديكتاتوريات، فاذا بنا نبتلي بنسبة تفوق ال 100 بالمئة في زمن الثورات، يبدو أن النحس يلاحقنا في كل زمان ومكان.
السيد حسن نصر الله يقول ان نتيجة الانتخابات الرئاسية السورية تؤكد ان لا حل سياسيا في سوريا من غير الاسد، يبدو انه صدّق النتيجة، وأنه كان ضعيفا في الحساب أيام المدرسة وبالأخص باب النسب المئوية، أو أن وهم الممانعة والمقاومة أضعف قدرات حزبه على التحليل المنطقي (والحسابي) للأحداث فوقف في الطابور الخطأ وساند قرصان السفينة الذي يتخبط بها منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات، معتقدا أنه ربّانها الذي سيصل بها الى بر الامن والامان، كما يعتقد ايضا السيد اللحام.
وصفت وسائل الاعلام العربية والغربية هذه الانتخابات بالمسرحية الهزلية. لقد جعل النظام السوري ورئيسه نفسيهما أضحوكة للعالم، لأنهما حتى الكذب لا يتقنانه.