الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الروس… مواقف و"مهمة قذرة"

الروس… مواقف و"مهمة قذرة"

13.10.2015
منى مقراني


القدس العربي
الاثنين 12/10/2015
منذ إتفاقية سايكس بيكو "المشؤومة "الى يومنا هذا ، لم تكن روسيا حليفا للعرب على الأقل في المحطّات الفاصلة من تاريخ الأمة ، ولا نصيرا بالمعنى الحقيقي للكلمة عدا بيع السلاح للقوميين العرب في مرحلة من مراحل كفاحهم ضد إسرائيل والنتائج لا تحتاج الى إعادة تذكير، بل إنّ مواقفها في تناغم دائم مع بريطانيا وفرنسا وأمريكا فيما بعد ، دعونا نلق نظرة خاطفة على أكثرهذه المحطّات إيلاما في الذاكرة العربية والتي إتّخذ فيها الروس مواقف لا تقلّ لؤما عن المواقف الأمريكية والغربية.
رضاهم عن تقاسم المنطقة العربية أو الهلال الخصيب آن ذاك، فقد ذكرت مصادر في التاريخ أن الإتفاق الذي عقده الفرنسيون مع الإنكليز كان بمباركة الإمبراطورية الروسية في تلك الحقبة.
2- حين أسّس الروس الإتحاد السوفييتي الذي قام على مبدأ المساواة ومناصرة كل الشعوب التي ترزح تحت وطأة الإمبريالية العالمية كان من حظ العرب أن هذه الدولة الشيوعية هي أوّل من إعترف بالكيان الإسرائيلي في فلسطين.
3-وهوالموقف الأقرب للذاكرة العربية إذ عند بداية الإحتلال الأمريكي للعراق لم يستخدم الروس الفيتو ضد الإحتلال الأمريكي رغم "تلميح"وزير خارجيتهم إيفان إيفانوف آن ذاك في 3من آذار/مارس 2003 بأن بلاده "قد تستخدم" الفيتو ضد غزو العراق، لكن لم يشاهد أحد فيتو روسيا الذي لوّحت به، وأحتل العراق وكل ما نشهده اليوم من مآس ليس أكثر من تحصيل حاصل لما حدث بداية في العراق.
هاجس أمريكا وبريطانيا والغرب عموما، هو واحد أوحد لا يتبدل ولا يتغير لا مع مرور الوقت ولا مع إقامة أحلاف وصداقات جديدة في المنطقة وهو :"أمن إسرائيل" أولا وآخرا، والكل في المنطقة العربية وخارجها يعي هذه النقطة جيدا، وعلى هذا الأساس تمت إقامة أنظمة وحكومات في غفلة من الزمن وتثبيتها أو إزاحتها إن فقدت فاعليتها لتستبدل ليس إلاّ، بأنظمة أكثر تفانيا في تقديم الولاءات والتنازلات،بل وإثارة الطائفية ومشكل الأقليات إن لزم الأمر…. وروسيا حقيقة ليست إستثناء في فهم "اللازم"، ومنه نفهم هذا التماهي والتناغم في المواقف بين الروس والأمريكيين بخصوص الملف السوري ، وإن بدا الموقفان ظاهريا متناقضين.
الموقف الأمريكي من الثورة السورية والذي ينطبق عليه مثل إخوتنا في مصر الشقيقة" أسمع كلامك أصدقك، أشوف أفعالك أستعجب؟"، كان جليا وواضحا يوم قصف نظام بشار الأسد الغوطة الشرقية بالكيميائي21آب / أغسطس 2013 ولم يحرك الرئيس الأمريكي "المسالم" ساكنا في حينها ، فرغم التهديد والوعيد وحديثه الدائم عن الخطوط الحمر التي تحولت مع مرور الوقت الى ضوء أخضر للنظام السوري وكأنّ لسان حاله إفعل ما شئت ودمّر ما إستطعت ففي المحصلة كل الخراب الذي عمّ سوريا يخدم إسرائيل.
والباحث في شؤون المشرق العربي العسكرية والسياسية يعلم يقينا،" طبعا عدا محورالممانعة والمقاومة"،أنّ روسيا لم يكن بمقدورها التدخل رسميا وعلنيا بالشكل الذي تقوم به الآن لولا الضوء الأخضر الأمريكي، هذه هي الحقيقة ولا شيء آخر ، والدليل هو إقدام روسيا على هذه الخطوة فقط بعد لقاء فلاديمير بوتين بالرئيس الأمريكي باراك أوباما على هامش الدورة 70للجمعية العامة للامم المتحدة في 29أيلول/ سبتمبر الفائت.
ولو كان "الدّب الروسي" بإستطاعته ممارسة البلطجة العسكرية كنظيرته أمريكا، لماذا إنتظر حتى عقد لقاء مع باراك أوباما؟ ولماذا ظلّ متفرجا على إنهيار النظام واستنزاف حليفه الرئيسي في المنطقة إيران؟ ليس هذا فحسب،بل سبق هذا التدخل الخطير في سوريا إتصالات مع إسرائيل، عدوة محور الممانعة؟،وتمّ عقد لقاء بين "نتن ياهو"وبوتن في 21ايلول/ سبتمبر 2015 حيث ترأّس رئيس الوزراء الإسرائيلي وفدا مهما ممثلا برئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، ورئيس هيئة الأمن القومي،والسكرتير العسكري للحكومة.
ونشر مؤخرا المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات دراسة بعنوان: زيارة نتنياهو موسكو: لجنة عسكرية مشتركة للتنسيق في سوريا. أهم ماجاء فيها:
(إستجابت روسيا في العقدين الماضيين، لطلبات إسرائيل والولايات المتحدة بعدم تزويد سوريا بأسلحة روسية "كاسرة" للتفوق العسكري الإسرائيلي).
وهذا دليل قاطع على أنّ تماهي المواقف ومراعاة أمن إسرائيل ليس وليد الثورة في سوريا وماحدث بعدها من تبعات ، بل هي سياسة روسية وخط لم تحد عنه يوما، وما يتم لحد الساعة على الأرض هو إتفاق عسكري أمني بين روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وبما أن الروس متمسكون بالرئيس السوري أوكلت لهم هذه المهمة "القذرة"رسم خريطة "سوريا المفيدة" بالطائرات على أرض الواقع ، و بذلك تصدق مقولة الرئيس المصري الراحل أنور السادات في كلمة مسجلّة ومتداولة بكثرة في الآونة الأخيرة عن حافظ الأسد، حينما قال بأنه باع سوريا للإتحاد السوفييتي "سابقا" كي يأمن على نفسه وطائفته ، ويبدو أنّ إبنه أسوأ منه بحيث مزّق وطنا ووضعه في مزاد علني :سوريا لمن يدفع أكثر،أين العرب من كل هذا ؟.