الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المآلات القاتمة للثورة السورية.. ما الممكن؟ وما المتاح؟

المآلات القاتمة للثورة السورية.. ما الممكن؟ وما المتاح؟

30.09.2015
محمد الحجلي



القدس العربي
الثلاثاء 29/9/2015
لم يبق الكثير من الوقت ليعلن الرئيس الروسي بوتين تدخل روسيا العسكري في سوريا لإنقاذ الأسد من سقوطه. فجميع المؤشرات تدل على ذلك. إبتداء بالتقدم المطرد لـتنظيم الدولة الإسلامية، ومرورا بالتغيرات الطارئة في مواقف الدول الغربية، وتصريحات الأسد التي أعلن فيها أن جيشه تعب، وبدأ يتراجع، وإنتهاء بتعرض السفارة الروسية في دمشق للقصف بقذائف الهاون. ولا شك في أن هذا جعل الأسد في وضع مريح جدا. ولم لا؟ وهو يتمتع بحماية روسية رغم أن هذه الحماية الروسية، تتم بتنسيق مع المحتل الإسرائيلي للجولان السوري؟
مؤشرات التدخل الروسي في سوريا، جاء في خضم المتغيرات التي طرأت في ميدان الصراع في سوريا. فبالأمس كان الصراع فقط بين النظام وقوى الثورة والمعارضة السورية، المتمثل في الجيش السوري الحر. ومعظم دول العالم، كانت تساند وتآزر ثورة الشعب السوري والمعارضة السورية. واليوم يتأهب بوتين للتدخل العسكري في سوريا. ولا شك في أن هذا التأهب يستند إلى تلك العبارة الممجوجة التي يمتطيها كل من يحمل السلاح لقمع حقوق الشعوب العربية: مكافحة الإرهاب والجماعات الإسلامية المتطرفة.
الملاحظة الواضحة هي أن الأسد بدأ يمسك بحبل النجاة. فاستطاع أن يسوق للعالم، أنه ليست هناك ثورة في سوريا. وكل ما هناك جماعات إرهابية مسلحة (تنظيم الدولة وجبهة النصرة. أما الجيش السوري الحر، فلم يعد له وجود). هذا الخطاب هو الذي بدأ بوتين تسويقه لتبرير تدخله العسكري في سوريا. وقد تأتى له ذلك، بعدما بدأت المعارضة تنزاح من قيادة الثورة السورية، وبدأ يحل محلها تنظيم الدولة وجبهة النصرة.
كل هذا وغيره، يدل على أن الوضعية العامة في سوريا تسير في الإتجاه المعاكس لمصلحة الثورة السورية، وأن إئتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، بدأ يزاح من قيادة الثورة ويقترب من النفق المسدود، وهذا مؤلم جدا.
لكن أمام هذا الوضع، يجب ألا يشعر الإئتلاف بالخيبة أوالتذمر. فالحلول عندما تغيب، لا تنعدم كليا. لكن الحقيقة الآن، أنه ليس أمام إئتلاف الثورة والمعارضة السورية سوى النصر في مثل هذه الأوضاع..
والحل الذي لا يمكن للأسد أن يستطيع مواجهته – وهوالحل الذي سيقوم اعوجاج الخطابات السياسية الغربية حول الثورة السورية، وسيضع حدا لإلتفافات وتبرمات تلك الخطابات والتصريحات الإنتهازية. وهو ايضا الحل الذي سيضع حدا لبوتين ومخططاته للتدخل العسكري، ويقضي نهائيا على تنظيم الدولة وجبهة النصرة -يتمثل في الإحتكام إلى القاعدة الجماهيرية الثورية السورية، والعودة إلى الحاضنة الشعبية لأنها السند الوحيد الذي لا يمكن القضاء عليه، أو حتى الإلتفاف عليه. فالإفراط في التعويل على المجتمع الدولي لوحده، مع ما يتضمنه من ميول نحوالعمل العسكري، والتفريط في السند أوالحاضنة الشعبية، مع ما يتضمنه من تخل عن القيادة السياسية للعمل الثوري، هوالذي بدأ يسحب البساط من تحت أقدام إئتلاف الثورة والمعارضة السورية، وهوالذي أدى إلى هذا الحجم من المعانات الكارثية للشعب السوري التي تفوق التصور.
الاحتكام إلى القاعدة الجماهيرية والعودة إلى الحاضنة الشعبية لن يتطلب من إئتلاف الثورة والمعارضة السورية سوى تنظيم تجمعات جماهيرية للاجئين السوريين في الملاجئ، وفي المدن التي تحكم فيها المعارضة لمخاطبهم وإبلاغهم بأن المجتمع الدولي خذل ثورتهم، وأن هذا المصير المأساوي المفتوح على أفق لا متناه من معاناتهم، ليس قدرهم، بل هوتخطيط وتآمر على الثورة السورية، وأن الحل الوحيد والمتاح الآن هوالخروج إلى مظاهرات الإحتجاج والتنديد، ليس فقط ضد نظام الأسد وضد روسيا وإيران وحزب الله ، بل ضد المجتمع الدولي الذي تخلى عن الشعب السوري، وضد الغرب المتبرم في خطابه ومواقفه السياسية، وضد الأمم المتحدة التي حصرت مأساة الشعب السوري في اللجوء وليس في بطش النظام.
الإحتكام إلى القاعدة الجماهيرية، والعودة إلى الحاضنة الشعبية، والخروج إلى مظاهرات الإحتجاج و التنديد، هو الحل الوحيد الممكن والمتاح أمام المعارضة السورية لقيادة الشعب نحو تحقيق أهداف الثورة. أما خيار إستعمال السلاح في مواجهة النظام، فقد تم تجريبه خمس سنوات.. و لاحاجة للتذكير بنتائج هذا الخيار.