الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الميليشيات الكردية: تطهير عرقي في سبيل تحقيق حلم الدولة

الميليشيات الكردية: تطهير عرقي في سبيل تحقيق حلم الدولة

04.07.2015
ميسرة بكور



القدس العربي
الخميس 2/7/2015
تتواصل عمليات التطهير العرقي الممنهج واسع النطاق ضد السكان العرب والتركمان على يد ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، في مدينة تل أبيض وريفها بريف الرقة الشمالي، بهدف جعل المنطقة كردية خالصة و التي لا يشكل الأكراد فيها نسبة 20%، وتستمرعملية التهجير في قرى "عبدي كوي، والجارخ، وبير كنو، والكتكانية وبندر خان، والحرية والدناي وحروب، وتل احمر" التي باتت خالية من أهلها، ويهددون باقي القرى المحيطة، "الجلبة والطباش" بالاضافة إلى ذلك قيام هذه المليشيات الكردية بحرق كل من قرى "جهجاه واكورمازات، والويبدة" التي تم نهبها بالكامل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قرى عين عيسى، كما تم تحويل مدرسة "نسيبة المازنية" في المدينة إلى سجن لاعتقال الشبان العائدين من تركيا و مركز تحقيق يتبع لميليشيا وحدات حماية الشعب الكردي.
كذلك فعلت مع عد من القرى العربية التي تم نهبها ثم تدميرها ،على يد وحدات الحماية الشعبية التي دخلت هذه المناطق بعد انسحاب تنظيم الدولة منها، حيث إدعت ميليشيا وحدات الحماية أن هؤلاء السكان ينتمون إلى تنظيم الدولة وقدموا لهم مساعدات ، الأمرالذي يدعونا للقول بما لايدع مجال للشك أن قوات وحدات حماية الشعب الكردي، تقوم بالممارسات نفسها التي يتهم التنظيم بممارستهاعلى المدنيين الرافضين للتنظيم.
كل هذه الأعمال العدائية ضد السكان المحليين من العرب والتركمان ،مازال PYD يحصل على دعم جوي من قبل التحالف الدولي الذي تقوده امريكا ضد تنظيم الدولة.
قد يكون من المفارقة الغريبة العجيبة أن هذه الميليشيا، وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب (PYD) المحسوبة على فرع حزب العمال الكردستاني التركي (PKK) منظمة مصنفة على قائمة الإرهاب حتى يومنا هذا.
من أنـقرة عاصمة للجمـهورية التركيـة دق الـرئيس "أردوغـان" ناقـوس الخطر، محـذراً من تفـريغ المـناطق العربية من سكانها. وقد سبقته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرلها. فإن "القوات الكردية احتجزت آلاف العرب في مناطق أمنية في شمال العراق لعدة أشهر، في حين سمحت للكرد بالعودة إلى تلك المناطق، وحتى بالانتـقال إلى مـنازل العـرب الـذين لاذوا بالفـرار.
يوم بعد يوم تزداد مساحة الأراضي التي تسيطرعليها وحدات حماية الشعب الكردي الانفصالية ، وتنحسر رقعة الجغرافية التي يسيطرعليها تنظيم "الدولة الإسلامية" كل ذلك على حساب سوريا الوطن والإنسان.
تحت ستار تحريرمناطق شمال وشرق سوريا من تنظم الدولة، تتم عمليات تطهيرعرقي تقوم بها ميليشيات كردية تقاتل إلى جوارها مجموعات من الجيش الحر ، وتحت غطاء ناري من قبل طائرات التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة "إضافة إلى تحالفهم مع نظام بشارالأسد في بعض مناطق الحسكة.
وكأن سيناريو شمال العراق والمناطق المتنازع عليها يتم تطبيقه الآن في سوريا ،من المجموعات نفسها الكردية على اختلاف انتمائها السياسي ، لكن الهدف واحد تطهير كل تلك المناطق من الوجود العربي من العراق إلى سوريا ، جرائم التطهيرالعرقي مستمرة.
من يريد دليلا على دقة ما نذكره نحيله إلى مقابلة أجرتها معه وكالة "فرنس بريس"، قال "صالح مسلم"هناك من لا مكان لهم (بين الأكراد)، منهم العرب الذين اتوا من الخارج، من بلدان أخرى أو من المنطقة، والجهاديون الذين أحرقوا منازلنا وقتلوا اكراداً". واضاف "هناك في النهاية العرب الذين جاء بهم حافظ الاسد (الرئيس السوري الراحل) قسراً إلى كردستان اعتبارا من 1974 بهدف تعريب المنطقة. إنهم ضحايا النزوح. ندعو إلى حل سلمي لهؤلاء السكان: من يستطيعون العودة إلى مناطقهم الاصلية فليفعلوا، أما الآخرون فيمكنهم العيش بسلام مع الأكراد.
ضربات التحالف الدولي الذي تقوده امريكا ضد تنظيم الدولة الإسلامية، يرسم حدود الدولة الكردية ، بشكل متعمد أوغير متعمد تظل المؤشرات على خريطة الواقع السوري، العراقي ، تشير بما لايدع مجالاً لاعتراض معترض، أو تشكيك مشكك،أن عمليات "التطهير العرقي" التي تقوم بها الميليشيات الكردية تحت غضاء ناري من قبل التحالف الدولي مستمرة لاتزال تتمدد شرقاً وغرباً ، من السليمانية في العراق إلى تل ابيض في سوريا ،المأساة مستمرة.
أكثر من خمسة عشر ألفا من سكان "تل ابيض" فروا فراداً وجماعات إلى الشريط الحدودي مع الجارة تركية ، لكن هذه المرة لم يفروا من تنظيم الدولة ، بل من تقدم ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردي ومن صواريخ طائرات التحالف ، حتى لا يتقول أحدهم نقول إنهم كانوا يعيشون في ظل سيطرة التنظيم على مناطقهم منذ أشهر عديدة لم يفروا ، لكنهم الآن وبعد قصف طائرات التحالف وهجمات الميليشيا الكردية المتطرفة ينزحون، بعدما شاهد الجميع ما فعلته تلك الميليشيا الإجرامية بعشرات القرى العربية التي خرج منها تنظيم الدولة تحت ضربات التحالف الدولي الذي يمهد الأرض امام الأنفصاليين الأكراد .
إن ما تقوم به المليشيات الكردية في بعض مناطق سوريا والعراق ، تعيد للأذهان ما قامت به العصابات الصهيونية " الهاغانا والأرغون "في فلسطين منذ ثلاثينات القرن الماضي ، ليكرسوا وجودهم على الأرض العربية ممهدَيْن الطريق على جثث مئات العرب لدولتهم المزعومة.
قد يقول أحدهم أن الأكراد لا يريدون الإنفصال لكنهم يريدون حكما ذاتيا،لذلك نقول، أول الغيث قطرة ثم ينهمر.
ألم نتعلم مما حدث في العراق من حكم ذاتي إلى الرغبة في السيطرة على منافذ الدولة الحدودية ، ومن ثم بيشمركة وأسايش ، وبعدها النفط ينبع من أراضينا ، ونريد حصة أكبر من بقية المكونات.
ومن ثم يطرح الإستفتاء على الإنفصال، والإندماج مع ما يسمى بأقليم كردستان العراق، لكن البعض لا يريد أن يفهم.
كيف يفسر أكراد سوريا والعراق عمليات الحرق والتهجيرالتي تقوم بها ميليشيات تابعة لهم ، لماذا تمنع قوات البيشمركة الكردية العرب الذين شردهم القتال من العودة إلى مناطقهم في محافظة نينوى شمال غرب العراق من العودة إلى قراهم ، وكذا تفعل فصائلهم في شمال وشرق سوريا.
يظل السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن الأكراد يسيرون بخطى حثيثة نحو تحقيق حلمهم "كردستان".
 – كاتب وباحث سياسي سوري