الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بعثية الحلول المرسلة للسوريين

بعثية الحلول المرسلة للسوريين

20.02.2016
أسامة إبراهيم



القدس العربي
الخميس 18/2/2016
منذُ الربيع الماضي تمرُّ المسألة السورية بحالة حرجة للداعمين المفترضين أولاً كما للأعداء بإحراجٍ أشدُّ وطأة، فلا هم انتصروا وحققوا وعودهم لأتباعهم بعودة الأمن والأمان الذي يسرُّ الصديق ويغيظ العدى، ولا هم توصلوا لتسوية أوغير ذلك، ما فتح المجال لكل من ليست له مصلحة بالثورة السورية أن يدلي بدلوه ويقيس مدى وطريقة حفاظه على مصالحه، منذُ الربيع والمجتمع الدولي يرسلُ للشعب السوري على لسان سوريين خبراء وعاقلين منظرين ويستطيعون خطاب الشارع الثوري وتوعيته إن صح القول لمضار الاستمرار بالثورة وعدم التمسك بثورة وحقوق الشعب كاملة التي نادى بها بثورة الحرية والكرامة.
نُقِلَ إليَّ منذ فترة لقاء بين سوريين، تحدث فيه من تحدث عن السوريين الجوابين في المحافل الدولية ويمثلون أنفسهم طبعاً والسوريين إن صحَّ المقام هنا ووافق المقال، للأمانة لم أتذكر بعد أن انهى فلان الفلاني مداخلته إلا المناوبات في شعب الحزب التي كان يكلفنا بها الرفاق من الشعبة ونحن طلاب ثانوية يوم الجمعة حصراً، وتكون المناوبة لكل مجموعة طلاب عدة ساعات في مقر الشعبة، وهومن التفاهة بمكان أن تناوب في مكان لا يقترب منه أحد أساساً وليس فيه أي مطامع للحرامية أوضعاف النفوس على حد تعبير علاء الدين الأيوبي في برنامج الشرطة في خدمة الشعب، هذه المناوبات كانت تتم برضى الطلاب وموافقتهم على أن يكونوا يوم الجمعة في شعبة حزب البعث العربي الإشتراكي لتنفيذ مهمة حزبية طوعية كما إتفقَ على تسميتها، وبالفعل كنا نجلس لعدة ساعات نقضيها في التسلية ولعب الورق، ليكون أهم مفاجأة نتعرض لها هي اتصالا من أمين الشعبة، اوموجه في المدرسة أوأمين الفرقة الحزبية للمدرسة، نترك المناوبة لاصدقاء آخرين ساعة يحين دورهم، ينتهي اليوم ونعود لدوام المدرسة لنفاجأ في اليوم التالي بمرور نائب المدير وأمين الفرقة والموجه بعمل يشبه حال دورية مخابرات، ليسألونا عن سرقة تمت ذاك اليوم، ومن كان بالضبط مناوباً من الطلاب وما هي أسماؤهم وهل غادر أحدٌ منهم، وبلهجة هادئة ومطمئنة بأنهم يعرفون السارق وبوسعهم الإمساك لكنهم ربما لا يريدون فضحه أمامنا وغير ذلك من إجراءات الحفاظ على خلق الامانة بوصفه الجمعي، يقف الثلاثة بجانب بعضهم ويحاولون أن يتحصلوا على جواب من أحد المناوبين ولكن لا سبيلَ لذلك، ويعطوننا فسحة من الوقت للتفكير والإبلاغ عن السارق، ويمضون إلى شعب أخرى، فالمناوبة عادة ما توزع بين شعب الصف الواحد، أي العاشر والحادي عشر كما تدعى في سوريا، يكررون نفس الخطاب بذات الطريقة لطلاب الصفوف الأخرى.
لنجدَ بأنفسنا ونحن طلاب ويافعين دون أن نستخدم حاسة الشم في أنف بدري أبوكلبشة الذي لا يخطئ أوميكانيزمات شارلك هولمز المحقق الأسطورة، لنجدَ أن لا سرقة حصلت ولا من يحزنون، إنما مجرد تكنيك لتعليمنا الشك ببعضنا وبأن الحزب والرفاق حاضرون وساهرون على مصلحة الشعبة والحزب إياها وما نحنُ إلا أداة بسيطة تستخدم للبرهنة على أن الحزب أهم من أي إنسان أوأي سلوك وقيم إنسانية، فأخلاقنا فداءٌ للحزب وقيمنا كذلك في أي لحظةٍ أراد أوأراد الرفاق في مراتب مختلفة الإثبات لأنفسهم بأن الحزب هومفهوم لا يقبل حتى الشك بوجوده العتيد أوحاجة الناس والمجتمع له باعتباره أداة تقييس لتراجع القيم الإنسانية ذات لحظة.
مناسبة المقال هي تلك الرسائل التي يحملها سوريون لسوريين من هنا وهناك تدخلهم في مناخ أن ثورتهم أنتهت وما يتم ديبلوماسياً ماهوالا من تداعيات أنهاء والإجهاز على الربيع العربي. القول بأن جيلا بحاله تربى على ذلك ولوأنه يرفض تلك القيم مثلا لكن لا يُشكُّ أبدا أنه تأثر بها ويجيدُ إستخدامها، مهما تحقق النصر الشخصي والإذعان والقبول الناتج عن عمق فهم لما يريده المجتمع الدولي من السوريين واستحالة أن يعيشوا ثورتهم كما أرادوها، نستطيع القول بأن ليس لأحدٍ الحق بأن يفتي بما ستؤول إليه الحال بالسوريين وثورتهم. والأيامُ دولٌ والأيامُ بيننا.