الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بقاء الأسد وتوجيه بنادق "المعارضة المعتدلة" نحو "الجهاديين"… أهداف التسوية الروسية

بقاء الأسد وتوجيه بنادق "المعارضة المعتدلة" نحو "الجهاديين"… أهداف التسوية الروسية

18.10.2015
وائل عصام



القدس العربي
السبت 17/10/2015
لا خلاف جوهري بين الروس والأمريكيين حول صيغة الحل السياسي في سوريا، هم متفقون على بقاء "الدولة"، وبقاء الجيش النظامي، وتشاركهم في هذا الموقف السعودية، الدولة الراعية لـ"المعارضة المعتدلة".
كما أن هناك اتفاقا على محاربة "الإرهاب".. النقطة العالقة الآن هي بقاء شخص الأسد، ويبدو إصرار الأمريكيين والمعارضة المعتدلة وداعميها السعوديين هو إصرار من باب حفظ ماء الوجه أكثر منه نقطة خلاف جوهري. فحتى لو افترضنا تنحي الأسد وأبرز معاونيه، وظلت دولته الأمنية العميقة التي بناها والده لأربعين عاما، وظل الجيش النظامي الذي يسيطر عليه ضباط طائفته، التي تشكل عصب النظام حقيقة، فماذا سيكون قد تغير من أطراف الصراع الأساسيين في سوريا؟! لا شيء. إن مجرد القبول ببقاء جيش النظام، هو بحد ذاته خيار مر بالنسبة للولايات المتحدة والدول العربية الداعمة للمعارضة، كقطر والسعودية، فهذه الدول دعمت ولسنوات، عشرات الفصائل من أجل محاربته، ومجرد القبول ببقاء الدولة السورية هو بقاء للنظام الذي قامت الثورة السورية ورفعت شعارها الأبرز لإسقاطه.. لكنها مجرد تعابير بديلة لحفظ ماء الوجه، فيوصف النظام بالدولة. إن مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية في نظام طائفي مرتبط بحلف إقليمي عقائدي لا تتأثر بذهاب شخص أو حتى عائلة، فالنظام نفسه في سوريا هو مؤسسة من مؤسسات النظام الإقليمي الإيراني، والأسد ليس سوى مدير عام لإحداها في فرعها السوري. هذه التنازلات التي قبلت بها دول الاعتدال العربي والأمريكيين في سوريا هي نتيجة فشلهم في إدارة النزاع، إقليميا مع الإيرانيين، ولم يعد هذا الأمر خافيا على كل مراقب واقعي.
ولكن المثير، أن الروس والإيرانيين بالذات راغبين بتجريع خصومهم المزيد من الكأس المر بإصرارهم على بقاء شخص الأسد، معتبرين أن بقاءه يرمز لانتصار ساحق كما يعتقدون، رغم أنهم ليسوا مضطرين لذلك، فحتى لو رحل الأسد وظل النظام والجيش فهذا يعني نجاح الإيرانيين والروس والعلويين في سوريا بتخطي التمرد الذي هدد دولتهم لأربع سنوات.
الروس إذن يشنون عملا عسكريا لترجيح كفتهم بشكل حاسم بالمفاوضات، بحيث يبعد أي خطر عن النظام في الجيب الحيوي الذي تحدثنا عنه، لذلك بدأوا فعلا بالتركيز على إبعاد قوات المعارضة من مناطق النظام الاستراتيجية، سهل الغاب وغرب خط دمشق حمص حماة نحو اللاذقية، وعلى ما يبدو فإن الحملة الروسية ستحقق تقدما، وإن كان على مرحلة زمنية أطول، وبسياسة القضم للقرى ستتمكن من استرجاع مواقع تجعل النظام في وضع تفاوضي أقوى، لإرغام الامريكيين والدول المعتدلة على تجاوز نقطة الخلاف الوحيدة تقريبا. فأطراف النزاع الأساسيين، وكما قلنا، الروس والأمريكيين والسعودية وإيران متفقين على كل شيء تقريبا، بقاء الدولة والجيش، ومحاربة الإرهاب، وعندها إذا تمت الصفقة السياسية، لن يكون من الصعب على الأمريكيين والدول العربية الداعمة لفصائل المعارضة ترويض غضب المعارضين "المعتدلين"، فبعض المناصب الحكومية البراقة قد تغري الكثير منهم بتليين "مواقفه المعتدلة" ! كما انهم قد ينشغلون حينها على النزاع أيهما سيحصل على موقع رئيس الحكومة السورية الذي سيمنح لشخصية سنية "معتدلة" صلاحيتها الفخرية ستكون أقل حتى من رؤساء حكومات الأسد السابقين! كما لن تجد الدول العربية المعتدلة والولايات المتحدة صعوبة في ترويض مواقف الفصائل العسكرية والجيش الحر الخاضع أصلا لنفوذها الخارجي، عكس تنظيمات "النصرة" و"تنظيم الدولة"، وتوجيه بنادقهم لقتالهم كونهم الرافضين المتعنتين "غير المعتدلين" للحل السياسي الذي سيضمن بقاء أجهزة النظام الاساسية، وهو ما حدث في العراق تماما عندما اتفق الأمريكيون والايرانيون وفصائل سنية موالية للامريكيين و"أنظمة الاعتدال" على مواجهة "القاعدة"، عندما رفضت العملية السياسية، وحينها ستتوحد في سوريا كما في العراق جهود اعداء الامس وحلفاء اليوم (الروس والايرانيين والامريكيين والسعودية) لمواجهة عدوهم المشترك "الجهاديين".. الذين سيصبحون حينها، ويا لها من مفارقة، وحدهم الباقين المقاتلين لتحقيق غاية مطلب الثورة الاول "إسقاط النظام".
 
كاتب فلسطيني من اسرة "القدس العربي"