الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بوتين والرهان على نظام الأسد

بوتين والرهان على نظام الأسد

23.09.2015
ميسرة بكور



القدس العربي
الثلاثاء 22/9/2015
هل التدخل الروسي في سوريا بهذا الشكل المثير للاستفزاز هو مجرد محاولة يائسة من موسكو الإعادة ترميم بناء نظام الأسد المتهالك المتصدع نتيجة توالي ضربات الثوار السوريين ، إن نظام الأسد أصبح يسير بتسارع إلى مصيره المحتوم «الخلع» وبات على موسكو التواجد الرسمي على الجغرافية السورية لضمان «حصتها» من الوطن السوري ؟وهي تعلم علم يقين أن إيران باتت المتحكم الرسمي الفاعل في المناطق التي تسيطر عليها مع حلفائها «نظام الأسد والمليشيات الطائفية التابعة لإيران» .
بعبارة أخرى، هل التعزيزات الروسية للأسد ، تستهدف إيران، أو تعاظم القوة الإيرانية في سوريا على حساب الأسد وجيشة وطائفتة ، وتهدف إلى تقليص اعتماد الأسد على إيران و»حزب الله» إلى حد كبير، وهذا المعنى قد لا يروق لنظام الملالي في إيران وهي التي انفقت ملايين الدولارات على الأسد وحربه المجنونه ضد الشعب السوري الذي سار على الأسد ومشروع إيران في سوريا، وهذا لايروق ايضاً لحلفاء إيران «ميليشيا حزب الله واشقائه من الميليشيات العراقية « الذين خسروا آلاف المقاتلين في سبيل المشروع الإيراني تحت غطاء الدفاع عن الأسد ونظامه.
يمكننا قراءة هذا المشهد من خلال تفسيرات وسائل الإعلام «اللبنانية ،و الإيرانية « الممولة إيرانياً ، من خلال تقديم سيناريوهات تفسير التعزيزات الروسية، بأن هدف هذه التعزيزات التصدي للطيران الصهيوني الذي يقصف مواقع للنظام دعماً للإرهابيين»الثوار السوريين « على حد زعمهم .
على ماذا راهن الرئيس «بوتين « عندما يعلن على أن روسيا مستمرة في دعم نظام الأسد بكل أنواع السلاح وإرسال مقاتلين روس لدعم جيش الأسد بشكل مباشر ، رغم أن روسيا تعرف أكثر من غيرها أن الأسد ونظامه لا يسيطر على أكثر من «20%» من المساحة السورية هذا بحسب أكثر التقارير تفاؤلاً ، ناهيك عن المساحات التي خسرها في الأسبوع الأخير «مطار أبو ضهور» والسويداء متأرجحة على كف عفريت .
عندما تعلن روسيا تدخلها بهذا الشكل الواضح في الحرب على سوريا نحن بذلك أمام أمور لا يمكن أن تخطئها عين مراقب.
*التدخل الروسي المباشر هو إعلان نعي نظام الأسد، وأن روسيا أدركت أخيراً بأن جيش نظام الأسد لا يمكنه بحال من الأحوال أن يسترجع أيا من النقاط التي خسرها لصالح الثوار السوريين ، فضلاً عن حماية النظام والمصالح الروسية .
*النقطة الثانية بفرض أن نظام الأسد هو الذي طلب هذا التدخل الروسي ، أيضاً يشير هذا الكلام إلى نفس النتيجة والتي مفادها فقدان الأسد السيطرة والتحكم وخاصة بعد فقدانه مناطق واسعه من البلاد وتقطع طرق امداداته .
لا يجب أن نغفل عن الأخبار المتواترة عن الخلافات المتصاعدة بين جيش الأسد وشبيحته من جهة ، وبين الميليشيات ذات الولاء الإيراني من جهة أخرى، وهي المتحكمة بمجريات الأمور في مناطق النظام ، والكل يذكر أن إيران عملت على إستتباب ميليشيات طائفية مرتبطة بها وجعلت ولاءها لإيران وزودتها بكل أنواع السلاح ، مما تسبب بمشاكل، وخلافات كثيرة بين الشبيحة «العلويين» والميليشيات «الشبعية» .
روسيا تتخوف من التغول الإيراني في سوريا، وتحكمها بمفاصل الأمور هناك ، وتتخوف من سقوط الأسد بشكل سريع مما يفقدها نصيبها من الكعكة السورية لصالح إيران ، كذلك تتخوف من التقارب الإيراني الغربي الذي سيكون على حساب مصالحها ، فلم يكن هنالك بديل من التدخل المباشر للحفاظ على مصالحها ومكتسباتها في سوريا .
ربما يمكننا في هذا المقام أن نعتقد بأن التدخل الروسي المتسارع كان على خلفية انهيار حلفاء إيران في اليمن وهي حليف لروسيا بالتالي جاء التدخل بطلب من إيران للضغط على التحالف العربي في اليمن خاصة «السعودية « التي تتخذ موقفا حاسما من بقاء نظام الأسد وهو عكس الرغبة الروسية الداعمة لبقاء الأسد مهما كلف الأمر .
* . أم أن هدف التعزيزات الجوية التي ارسلتها روسيا لنظام الأسد تهدف لمنع قيام أي تحالف «جوي»عربي_ تركي ، وقطع الطريق على مثل هذا التوجه، مع أن هذا التفكير قد يعتبره البعض خاطئا ببساطة بأن تقوم الدول الحليفة للثوار السوريين بتزويدهم بأسلحة مضادة للطيران ، وهم يتمتعون بقوه عسكرية كبيرة على أرض الواقع .
بينما كانت الأوساط السياسية العربية، والدولية تترقب القمة بين الزعيمين «الملك سلمان بن عبد العزيز» والرئيس الامريكي «باراك أوباما» كانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية تنشر خبرا مفاده عن طائرات قتالية روسية ترابط في سوريا وتشارك في القتال، وأن روسيا في صدد إنشاء قاعدة جوية لها في الساحل السوري .
يبدو من المفيد جدا أن نذكر بدقة أن الاعلان عن التدخل الروسي الفاضح ،كان يواكبه استعدادات وحشود برية للتحالف العربي في اليمن ، ونذكر أيضا الهزيمة الحتمية للتحالف الإيراني الروسي وجماعة الحوثي وصالح في اليمن.
لو عطفنا الماضي على الحاضر لن نرى جديداً في الموقف الروسي ، التدخل الروسي موجود منذ زمن بعيد، ومازال الثوار السوريون يتحدثون عنه ويجدون له ما يثبته سواء بعد السيطرة على مراكز الدفاع الجوي في درعا، أو عن صور لمقاتلين روس يبثونها بأنفسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
أما الموقف الأمريكي المعلن «القلق» من الدعم الروسي ، وعن الطلب من اليونان وهنغاريا ، برفض السماح للطائرات الروسية استخدام أجوائها ، لا يتعدى أن يكون موقفا إعلاميا ، ليس له ما يدعمه على وجه الحقيقة ، فلم تعلن أمريكا عن تقديم مضادات طيران للمعارضة السورية «المعتدلة « ولم تعلن عن اجراءات سياسية، وعسكرية حازمة للتصدي لهذا التغول الروسي والتطرف بدعم نظام الأسد ، الذي أسقط الرئيس «أوباما « شرعيته عشرات المرات، وهو موقف هزيل سئم العالم سماعه من أوباما وحاشيته .
لكن في المقابل، نلاحظ أن أوباما المتردد المتهرب دوماً من استحقاق دعم المعارضة السورية ، والمحرج من الضغوط التي تمارسها عليه المملكة العربية السعودية، قد وجد له ظهيرا في التدخل الروسي ومتنفساً ينقذه من هذا الحرج ، فمن غير المعقول أن يتحرك عسكرياً في سوريا ، ويفتح المجال واسعاً لحرب مدمرة مع روسيا .
ومن جهة أخرى أعلن الرئيس بوتين أن الدعم العسكري الروسي لجيش الأسد إنما هو لمواجهة الإرهاب ومن أجل الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وهذا ما تردده الإدارة الأمريكية منذ سنتين على الأقل وهي التي حشدت تحالفا دوليا من أجل القضاء على تنظيم الدولة فمن غير المعقول أن ترفض المساعدة الروسية في الحرب عليها ، وهي كذلك تنقذ السيد «أوباما» من مأزقه بعد فشل ما سمي استراتيجية محاربة « تنظيم الدولة « التي لم يفهم أحد حتى الآن «ماهيته» ولا أحد يستطيع أن يرسم ملامح هذه الاستراتيجية الغامضة الفاشلة المستمرة بالفشل .
الإعلان الروسي الواضح في الدخول بهذه القوة، إلى جانب نظام «بشار الأسد» يشير بكل وضوح إلى أن نظام الأسد لم يعد موجودا الأمر الذي تطلب تدارك المسألة بسرعة التحرك .