الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تفاهمات مع أعداء الثورة السورية!

تفاهمات مع أعداء الثورة السورية!

26.11.2017
وائل عصام


القدس العربي
السبت 25/11/2017
تبدو الحكومات التي دعمت الثورة السورية، وعلى رأسها السعودية، وكأنها سعيدة بتورطها، كجزء من المشكلة في سوريا، بعد أن فشلت في أن تكون جزءا من الحل، فبينما اصطفت إلى جانب الثورة السورية عند انطلاقتها، ودعمت بعض فصائلها، وطالبت بإسقاط الأسد سواء بـ"المفاوضات أو الحرب" كما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في تصريحاته التي أصبحت محلا للتندر، استدارت هذه السياسات 180 درجة، لتصبح اليوم ضاغطا أساسيا على المعارضة السورية للقبول ببقاء الأسد.
صحيح أن بقاء الأسد ونظامه، بات أمرا واقعا أنتجه الحسم العسكري المتواصل منذ عامين، لدمشق وحلفائها، والصحيح أيضا، أن جزءا غير يسير من الإخفاق لفصائل الثورة عسكريا ومدنيا، يتحمله فريق الداعمين وعلى رأسهم الرياض، ولسنا في صدد ذكر الأسباب التي تم التطرق لها كثيرا في السابق، لكن التساؤل هنا، حول هذا الحماس المتصاعد لبعض الحكومات التي دعمت الثورة السورية يوما، قبل أن تنخرط أكثر فاكثر في تفاهمات مع أعداء الثورة، وتصبح مرتكزا لعملية تأهيل النظام، وتدخل في هذا الإطار، إضافة للرياض، سياسات أنقرة أيضا، بينما واصل حلفاء النظام في طهران وموسكو، بثبات، منذ سنوات، جهودهم بإصرار وعمل دؤوب، محكم التخطيط، للدفاع عن النظام، عسكريا وسياسيا، ولم تتحول أو تتبدل مواقفهم، في أصعب المراحل، مراعاة للضغوطات الدولية والواقع المعزول لدمشق في بدايات الحراك السوري، إلى أن نجحوا بعد سنوات، في تثبيت حليفهم الأسد، ولكن الأكثر من ذلك أنهم نجحوا في ضم أعدائه، لصفهم، واستخدموهم لشرعنة رؤيتهم ومشروعهم في سوريا، من دون أن يحقق حلفاء الثورة أيا من وعودهم ومصالح حلفائهم الثوار .
وليس الغريب والمستهجن فقط، أن تتراجع سياسات دولة ما، وتتبدل للتخلي عن حلفائها ورؤيتها السياسية في بلد ما كسوريا، ولكن الأغرب أن تتحول لداعم لأعداء حلفائها الثوار، فهم كمن يريد الاستثمار في السوق، سواء صعدت الأسهم أو هبطت، يريد ربحا، بائعا كان أو مشتريا، وهذه النظرة الضيقة، لا تمنح سياسات الدول، قدرة على تحقيق حتى مصالحها الخاصة، من دون أن تكون مرتبطة بمصالح اعدائها في أغلب الأحيان، وما تفعله أنقرة في سوتشي، والرياض من ضغط على المعارضة، للإعلان بقبول النظام، هو شرعنة بلا مقابل، فلن تحصل هذه الدول على مكاسب ذات قيمة، لأن ايران وروسيا تدركان انه وبفضل دعمهما هما، بقي الأسد، لا بفضل تعاون الدول التي دعمت المعارضة. وهكذا فإن الأسد عمليا لم يعد بحاجة لموافقة المعارضة بعد حسمه العسكري، وكان من الممكن وببساطة، أن تأخذ هذه الدول التي دعمت الثورة، موقفا محايدا، وتستقيل من المواجهة، وتنسحب، من دون أن ترتكب هذه الخطيئة المضاعفة والخدمة المجانية.
كاتب فلسطيني من أسرة "القدس العربي"