الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تركيا… موعد التدخل في سوريا

تركيا… موعد التدخل في سوريا

07.07.2015
أيمن خالد



القدس العربي
الاثنين 6/7/2015
يتمنى الأمريكان تدخلاَ عاجلاَ من قبل تركيا في سوريا، على شاكلة التدخل الايراني الفظ، ومع أن التدخل التركي في سوريا هو مقبل، لكنه لن يكون قريباً وهو بين عامي 2018 -2017 لأن ما يجري على الأرض يحتاج فترة زمنية حتى تتضح معالمه، فكل ما تقوم به تركيا هو نوع من الدبلوماسية العسكرية، وهي بالأساس رسائل موجهة إلى القوى الحقيقية الداعمة التي تعمل على إطالة الحرب في سوريا.
ويريد الأمريكان أيضاً من التدخل التركي أن يكون في أوج الصراع الدائر، وهم عملياً سهلوا حركة الأكراد العسكرية على الأرض، لكي تشعر أنقرة بالقلق، وهم مستعدون أيضاً للطلب من المعارضة التركية تأييد أي خطوة تدخل حالية، وهدف أمريكا هو اقتصاد تركيا، المرتبط بحالة الاستقرار، وفي النهاية تدرك أمريكا أن هذا هو السبيل الوحيد لإضعاف قوة تركيا. ويدرك الأمريكان أيضاً أن رهانهم على المعارضة التركية هو رهان على حصان بثلاثة أرجل، لا يستطيع ان يحمل على ظهره شيئا. ويعلمون أن تركيا ليست مصر، التي يمكن قيام انقلاب عسكري فيها، ويعلمون أيضا أن تركيا بعد الانتخابات بحكومة مشتركة، أو حكومة تصريف أعمال وحتى في أسوأ حالاتها، فالوجه الذي سيحكمها سيكون خصماً عنيداً للغرب، وإذا لم يفعل ذلك فلن يدوم، لذلك فإن الزج بها في أتون الحرب في الوقت الحالي هو مسألة أمريكية بحتة، لا تركيا كقوة اقليمية فاعلة.
العام الحالي في سوريا هو عام تصريف الأعمال للقوى الدولية، التي ستحدد مسارات المرحلة المقبلة. فالتمدد الذي حصل في المنطقة الجنوبية لصالح المعارضة سيصل الى مرحلة حرب الخنادق، بمعنى التوقف لأجل غير مسمى، بينما ستكون الجبهة الثانية في منطقة القنيطرة مرحلة شاقة وصعبة، وهي عملياً المطلوب تصعيدها في المرحلة المقبلة، وسيأخذ شكل التصعيد محورين اثنين، الأول الانقسامات الداخلية بين صفوف المعارضة، والثاني مسألة الدخول الايراني بقوة، وقد نشهد دوراً إسرائيلياً غامضاً، لكنه سيكون.
وأما في جبهة دمشق فلا تعديل يذكر، غير أن جيش الاسلام سيتحول الى مجموعة من امراء الحرب، وانقسامات داخلية، وعملية تصفية حسابات واغتيالات، لأن صورة المرحلة المقبلة تقتضي تغييراً في البرامج السياسية، وهو ما يعني هذه التصفيات، وهذا يعني أن نظام الأسد باق لفترة أطول، وأن الحديث عن نهاية الأسد هذه السنة هو نوع من خداع الغرب للقوى العسكرية على الأرض، مثل جيش الاسلام الذي تلقى هذه الرسالة، وكذلك الائتلاف المعارض، الذي سيجد نفسه في نهاية المطاف مجرد جمعية خيرية تجمع الأموال لأعضائه المقيمين في الفنادق.
وفي الملف ذاته، هناك تحويل مجريات الثورة السورية من اسقاط الأسد إلى القلق من الاصطدام بالأقليات، وهي المعادلة التي أوقفت معركة مطار "الثعلة" ومعركة "حضر" في القنيطرة، وهي أيضا المعادلة التي تريدها اسرائيل لأنها ترغب بتغيير ديموغرافي على الأرض، تقوم قوى محددة بتهجير سكان السويداء الى القنيطرة التي تسيطر عليها المعارضة، وهي خطوة خطرة، تريد اسرائيل من ينجزها لها، بقصد تشكيل حزام أمني من الدروز في المنطقة، بما يستنزفهم بشكل كبير، على شاكلة جنوب لبنان سابقاً.
أما "تنظيم الدولة"، فالأمريكان غير معنيين بمقاتلته في العمق، وهم يقومون بعملياتهم العسكرية على القشرة الخارجية لنقاط تمدد التنظيم، الذي هو عملياً وحتى لا نخلط الأمور، قوة عسكرية صلبة تسيطر على مناطق صحراوية شاسعة من المستحيل نزول قوات برية تستطيع منازلته فيها، لأن استراتيجية التنظيم لا تقوم على أساس عامل الأرض، وإنما حركة البشر، وهذه عمليا يعني حرب السنوات الطويلة بين كر وفر، كما أن وجود التنظيم هو مفيد لأمريكا نسبياً لأنه يستنزف ايران ويضع قوتها وجبروتها في الرمال. أما في ما يتعلق بالتطورات العسكرية الكردية، فالأكراد تريدهم أمريكا لهدف واحد فقط، وهو استخدامهم كقوة برية في مواجهة "تنظيم الدولة"، ولن يكون الأكراد بالنسبة لأمريكا أفضل من جنوب السودان أو مقاتلي دارفور في السودان، ولا يجرؤ الأمريكان على زجهم في مواجهة تركيا، لأن المعادلة ستكون ساخنة جداً.
بهذا الشكل وأمام هذه المعادلات، لا داعي للتدخل التركي قبل بدء الحصاد النهائي عام 2017 والسبب لأن الامريكان والايرانيين لا يزالون يحملون اثقال الحرب على ظهورهم ويحاولون إيجاد من يحمل معهم هذا العبء، خصوصاً بعد فشل الحوثيين ودخولهم في مستنقع حرب السنوات، وبعد فشل إيران في تحقيق إنجاز مميز في العراق، وبعد فشل أمريكا في قراءة صحيحة لما يحدث في مصر، لأن سيناء أصبحت أفغانستان العرب، وستجذب اليها كل جهاديي افريقيا، فالأعوام المقبلة هي معركة تنظيم ولاية سيناء ليست في حدود السياحة مثل تونس، بل في قناة السويس لإلحاق أكبر الأضرار بالاقتصـــاد الأوروبي ذاته، لذلك فتركيا غير معنية بالنزول إلى الأرض ومشاركة الأمريكان والإيرانيين أثقالهم.
الاتراك سيلعبون مع الامريكان لعبة الأمريكان ذاتها مع الدول الكبرى في الحرب العالمية الثانية، حينما دخلوا لحسم الحرب بعد انهاك الجميع، فإذا كانت عناوين الأعوام المقبلة هي سيناء وقناة السويس ومعان في جنوب الأردن، والطريق الى مكة المكرمة، فإن الأتراك سيتريثون، وهم سيدخلون إلى الأراضي السورية بقوتهم العسكرية السليمة من دون قتال، سيدخلون فعلاَ.
٭ كاتب فلسطيني