الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تصريحات عصام زهر الدين تطبيق عملي لأفكار بشار الأسد

تصريحات عصام زهر الدين تطبيق عملي لأفكار بشار الأسد

24.09.2017
ميسرة بكور


القدس العربي
السبت 23/9/2017
يفتح "عصام زهر الدين" مزادًا يقول فيه ناصحًا المُهجَّرين قسرًا بفضل الطائرات الروسية والميليشيات متعددة الجنسيات التي تقاتل لتكون كلمة بشار الأسد العليا، الذي لا يستطيع أن يسمع إلا صدى صوته وبالروح والدم نفديك يا بشار، يطلب من اللاجئين عدم العودة أو التفكير بالرجوع إلى الوطن حتى لو تنازل تنظيم الأسد وتكرم عطفته بمسامحتهم، لأنه هو وزملاءه من القتلة الرخيصين لن يسامحوهم، "وعلينا أن نصدقه".
قد لا تكون هذه النصيحة المقدمة ذات أهمية بالنسبة للكثير من السوريين الذين علموا علم يقين أن تنظيم الأسد قام على ركيزتين أساسيتين، القتل دون حدود والتنكيل، ليس بالخصوم السياسيين بل بمن حلم ذات ليلة أن يتمرد أو أن يقول لا.
لكن ما لفتني ولفت الكثيرين هو رد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة على سؤال أحد الصحافيين الذي طلب إليه التعليق على ما قاله ذلك الضابط السفاح برتبة قيادي في ميليشيا الأسد، فكان رده بالقول "يجب أن يتاح الحق للاجئين في خيار العودة إلى ديارهم آمنين بإرادتهم"، الدهشة التي أصابتني وأنا استمع لقول المتحدث هي أنه لم يجد في قاموس ومفردات اللغة السياسية والحقوقية إلا هذا السخف، رحم الله بان كي مون القلق على الأقل كان يقلق. أما المتحدث يرد على تصريح علني بمجزرة شاملة وتهديد بالإبادة مكتمل الأركان، بالقول للاجئين حق الخيار، ولست على علم إن كان المتحدث السامي على اضطلاع تام على أسباب الهجرة السورية نحو الشمال والغرب، هل كان خيارهم، أم أن ذلك الضابط "الفوق متوحش" وفصيلته هي من أرغمتهم على التهجير أو القتل وهم أنفسهم اليوم يحذرونهم من الرجوع.
ما لفتني في التصريح الذي لم يدهش العارفين بتنظيم دمشق وعقليته فوق المتوحشة، إن البعض بدأ يناقش التصريح من نقطة "زهر الدين" ينتمي للأقلية الدرزية، وهذا أمر يجب أن نتوقف عنده لنقول بكل صدق دون مداهنة لأحد من الخطأ بمكان أن يكون النقاش بهذه الطريقة "الطائفية" علينا جميعًا ألا نغرق بهذا المستنقع الذي حاول ومازال تنظيم الأسد أن يجرنا إليه، فهو كان حريصًا منذ اندلاع الثورة السورية، أن يدفع لواجهة المشهد أشخاصا ينتمون لهذه الطائفة أو تلك باستراتيجية خبيثة هدفها أن يخلق هذا الشعور "الطائفي" لدى المجتمع السوري وبخاصة أن الثوار بغالبيتهم من العرب السنة، وهو أمر طبيعة كونهم العمود الفقري لسوريا، وهدف أبعد من ذلك، تسويق نفسه لدى المجتمع الدولي أنه آخر معاقل العلمانية في المشرق العربي وحامي الأقليات، وأن جنوده ليسوا فقط من فصيلته بل من الأقليات التي تتخوف من المتشددين الإسلاميين "الإرهابيين" الذين دفعتم الطائفية الآيرانية ليتصدروا المشهد الثوري ومن خلال استنبات "تنظيم الدولة".
ما هكذا تورد الإبل، دون تردد أو تملق، نقول هذا "العصام" ليس درزيًا أو يهتم لدين، كما قلنا وقال العالم الإرهاب لا دين له ولا طائفة، عصام ، الذي أراد بشار الأسد أن يصدره لواجهة الأحداث، لا يقاتل عن دين أو عقيدة أو عرق، أولئك الأشخاص عقيدتهم السلطة ومن يجلس على كرسي العرش في دمشق هو من يؤمنون به مخلصًا، والتعميم بكل حال خطأ وظلم وجهالة.
مما دفعني للتعليق على حديث زهرالدين وما تلاه من توعد "وفيق الناصر" تابع تنظيم الأسد في المنطقة الجنوبية، أن التنظيم لن يقبل المصالحات الفردية، وأن كل بلدة سترفع علم النظام على مداخلها قريبًا، نقطة في غاية الأهمية أرجو أن تسترعي انتباهكم، ألم تلاحظوا أن تنظيم بشار الأسد يتعمد أن يظهر كل ما في مخيلته من توحش وهمجية وانتقام لا متناهٍ، ألم يلفتكم الشرالمطلق أو تلكم "الكيمياء" المشتركة بين كافة متصدري المشهد العسكري والإعلامي في تنظيم الأسد، ألم يلفت انتباهكم أن قادة الميليشيا الأسدية جنرالات "التعفيش" وفحول الاغتصاب، جميعهم لا يجدون الكلام أو الحديث ولا يمتلكون القدرة على الخوض بأي نقاش خارج النص المكتوب، عليكم أن تراجعوا بعناية تصريحات سهيل الحسن، ووفيق الناصر، وعصام زهر الدين، ألم تشاهدوا أن أولئك الأشخاص منفصلون عن الواقع وكأنهم كانوا يعيشون في كهوف ما قبل التاريخ حتى أحدهم لا يستطيع تركيب جملة واحدة، وكأنهم لم يعاشروا بشرًا من قبل، هل حقًا أولئك الأشخاص تخرجوا من كليات عسكرية أو خضعوا لما يسمونه في الجيش "التوجيه السياسي والمعنوي"، ألم تلاحظوا أن كبيرهم علي مملوك سبق له أن قال إنهم كانوا رحماء مع السوريين وكان عليهم سحق الثوار من أول لحظة، هل سمعتم حديث "بثينة شعبان" مستشارة بشار، في أول تعليق لها بعد انطلاق الثورة كيف وصفت الثوار بالمرتزقة والخونة والطائفيين المارقين المنفلتين من عقال القيم والأخلاق.
هل لاحظتم أن تنظيم الأسد يتعمد أن يصدر للسوريين أقبح ما في القبح وأشر ما في النار وأسوأ نماذج التوحش حتى بات الناس يترحمون على هولاكو وإيفان الرهيب؟.
بالعودة لموضوع عصام زهر الدين "الدرزي" وسهيل الحسن "العلوي" تعيد التأكيد على أهمية عدم الانسياق وراء هذه التصنيفات والغرق في هذا المستنقع القذر والمسوغ الفاضح الكاشف لهذه الرغبة في توريطنا طائفيًّا وتقسيمنا عرقيًّا، السؤال التالي هل كان "أحمد الحسون "العربي السني" أقل تنكيلًا وكذبًا من عصام وسهيل وبثينة ووفيق الناصر؟ وهل خيب الجامع الأموي "مأمون رحمة" الذي دعا الناس للوقوف على جبل قاسيون بدل جبل عرفات، وسبق هذا كله بالدعاء لبوتين وأغلظ الإيمان أنه سيقاتل إلى جانب موسكو إذ حصل عيها عدوان، هل أولئك يمثلون "السنة" في سوريا وهل هم أقل أم أكثر وقاحة وتحريضا وتنكيلا بكل من تصفح صفحة في جريدة أو أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ألم يهاجموا الإعلام ويطلقون عليه "إعلام سفك الدم السوري"؟ ألم تتابعوا جميعًا كيف أن أشد المنافحين المدافعين عن جرائم الأسد معظمهم من السنة وخاصة المشايخ منهم؟.
أيها السادة خلاصة الكلام.. ما صرح به زهر الدين ومن قبل بثينة ومملوك ووفيق والحسون والرحمة، هو التجسيد والتطبيق العملي، لحديث بشار الأسد الأخير، حين ظن أنه في طور الانتصار "لقد كسبنا مجتمعًا متجانسًا"، وهو التأكيد لما طرحه من قبل في طور الهزيمة حين قال "نبحث عن سوريا المفيدة".
والحديث في هذا السياق طويل، هل عليّ أن أذكركم بما قاله "ماهر الأسد" حين استلمنا الحكم في سوريا كان عدد السكان ثمانية ملايين ونحن على استعداد أن نعيدهم اليوم إلى ذلك الرقم، ولكبار السن لمن عاصروا أحداث حماة ألم يطرق سمعكم قول حافظ الأسد حينها "نحن نخوض حرب قذرة ونحتاج لأشخاص قذرين لخوضها"، الأشخاص القذرون الذين خاضوا حرب حافظ على حماة هم أنفسهم الذين يقودون حرب بشار الأسد الأكثر قذارة على الشعب السوري.
في الوقت الذي تتعاطف فيه معظم الشعوب الإنسانية مع مأساة الشعب السوري بسبب العدوان الآيراني الميليشياتي عليهم، يخرج علينا من مستنقعات تنظيم الأسد ليرعدوا ويزبدوا ويهددوا ويتوعدوا ليس العدو، بل الشعب السوري المستضعف في الأرض. لو أن موظفًا صغيرًا في أي دولة في العالم قال ربع ما قال زهر الدين، لتم طرده وقدم للمحاكمة في اللحظة ذاتها، لكن دولة الأسد لن تحاسب فقاعتها الصوتية على سلوكهم الحقير، لأنهم صدى لصوتها ولأنهم لم يأتوا بجديد، فهم يعبرون ويطبقون ما قالهم سيدهم القابع في أحد أقبية قصر المهاجرين في دمشق. نقول لعصام، وزمرته " الناصر، الحسن، الحسون" ما قاله ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع في كتابه المقدمة، وهو يتحدث عن أطوار بناء الدولة، فيقول إن الحاكم يتخلص من أعوانه الأصليين الذين ثبتوه في الحكم، ولكم في غازي كنعان وجامع جامع ورستم غزالة وهشام بختيار وآصف شوكت عبرة، المصير ذاته ينتظركم بعد انتهائكم من حربكم القذرة، فهو لا يحب أن يترك خلفه صندوقا أسود.