الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حصار تدمر ثمرة الانسحاب الروسي وهدنة الفصائل مع الأسد

حصار تدمر ثمرة الانسحاب الروسي وهدنة الفصائل مع الأسد

27.03.2016
وائل عصام


القدس العربي
السبت 26/3/2016
 بعد موجة الابتهاج بالانسحاب الروسي "الإعلامي" من سوريا، ظننا أن الفصائل المسلحة في سوريا ستبدأ بعمليات مسلحة لاستعادة ما تم احتلاله بسبب التدخل الروسي، لكن هذا لم يحصل، بل أن كل الفصائل ما تزال تعلن التزامها بالهدنة، التي وقعتها مع النظام في ظل الضغط الروسي السياسي والعسكري.
أي أن مفاعيل التدخل الروسي لا تزال مستمرة، بعد أن حقق أهدافا سياسية وميدانية، ولعل الهدنة التي أبرمت هي أوضح هذه الأهداف، فهي تعني إنهاء، أو لنقل تجميد الخيار المسلح بالنسبة لقوى المعارضة، وبالتالي فإن النظام ليس بحاجة لفائض قوة عسكرية روسية، لأن المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة لم تعد تشكل تهديدا، بانطلاق أي هجمات منها باتجاه مناطق النظام، وهكذا فإن اعلان الانسحاب الروسي جاء بعد ضمان حماية النظام وضمان مكتسبات التدخل وحمايته على المدى المنظور..
القوات الروسية لا تزال موجودة، وما حدث ليس سوى ترشيد وتخفيف لدور القوات الروسية التي ظلت في قاعدة حميميم وغيرها من المواقع القتالية في تدمر.
الدعم الأمريكي للخطوة الروسية بالانسحاب ولمسار الهدنة الذي دعمه الروس وبقوة، بل وتدخلوا في الوفود المفاوضة للمعارضة، هذ الدعم الأمريكي والدولي والعربي الرسمي يأتي في سياق الوصول للأهداف النهائية لتصفية الثورة السورية، بتحويل فصائلها وقواها من هدف إسقاط النظام، الذي تم الاعتراف بشرعيته، إلى هدف قتال الجهاديين وجلهم من أبناء القوى الثورية والفصائل السنية، الذين ما زالوا مصرين على قتال النظام بمعزل عن المسار الدولي الرافض لذلك، والداعم للتسوية الإقليمية مع راعية الجهاديين الشيعة ايران.
وهكذا فإن قوات النظام ارتاحت تماما من عبء جبهاتها مع فصائل الهدنة، وقامت بسحب معظم قواتها وأسلحتها الثقيلة من حلب المدينة وجنوب حلب وسهل الغاب شمالا، ومن بعض مناطق ريف دمشق، حيث جيش الإسلام المهادن جنوبا، وحشدتها على جبهة تدمر لقتال تنظيم الدولة.. وهذا يعني أن فصائل الهدنة باتت ضمنيا في صف النظام في معركته مع الجهاديين، وإن بشكل غير مباشر، من خلال هدنة تؤمن لقوات النظام ظهر قواتهم، بل سحبها بالكامل نحو مواقع القتال مع الفصيلين الرافضين للتسوية "الدولة الاسلامية" و"النصرة".
ورغم أن تدمر تمثل أول ثمرة لهذا التحالف الضمني الجديد بين النظام وخصومه السابقين من فصائل الهدنة، ومن معهم من أنظمة عربية وتحالف دولي في المعركة ضد الجهاديين، إلا أن الوضع الميداني يظهر أيضا بطء تقدم قوات النظام بعد ثلاثة أشهر من القصف المستمر على أطراف تدمر، فالقوات لم تتقدم سوى بضعة كيلومترات في تلك الاشهر، وما زالت حتى كتابة هذا التقرير لم تسيطر على تدمر المدينة، ولعل ذلك نابع من أن تنظيم الدولة يدرك أن تدمر بموقعها الاستراتيجي تعتبر بوابة تحرس معاقله الصحراوية الممتدة من الأنبار والبعاج في العراق، نحو بادية الشام في تدمر غربا، وهي تمثل للنظام السوري مدخلا للتمدد نحو دير الزور والرقة اللتين ستحاطان بفكي كماشة حال وصلهما النظام جنوبا، حيث سيهاجمهما الاكراد شمالا.
النظام يتقدم حتى الآن في هذا المخطط العسكري لتدمر، خاصة أن لا جبهات ساخنة لديه في باقي ارجاء سوريا. وهكذا فإن الحرب في سوريا لم تعد بين نظام وثوار سنة، بل تتحول الان لمواجهة بين طرفين فقط، النظام وحلفائه الشيعة، والاكراد ومعهم الحلف الدولي ضد الإرهاب الذي يضم انظمة عربية كانت داعمة للثورة ومعها فصائل الهدنة الثورية والإسلامية المرتبطة إما بالانظمة العربية أو بالداعمين الدوليين، أو حتى بالداعمين الروس، كجيش الثوار المدعوم روسيا، وفي الخندق الثاني بقيت فصائل الجهاديين الممثلة بتنظيم الدولة والنصرة وجند الاقصى وبعض المجموعات الجهادية الصغيرة المقربة منهم.
٭ كاتب فلسطيني من أسرة "القدس العربي"