الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دي ميستورا و"البندقة" الأممية

دي ميستورا و"البندقة" الأممية

22.02.2015
خليل مقداد



القدس العربي
السبت 21-2-2015
الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة في سوريا والرئيس الأسد جزء من الحل
هي مقولة لم تصدر عن النظام السوري ولا عن حلفائه أو المقربين منه، بل عن المبعوث الأممي إلى سوريا إستيفان دي ميستورا، المولود لأم سويدية وأب إيطالي وعمر ناهز 68 عاما وسبع لغات هي السويدية والإيطالية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والعربية العامية، والعديد من المناصب الرسمية في إيطاليا والأمم المتحدة.
دي ميستورا الذي شغل منصب نائب وزير خارجية إيطاليا والمتخصص في برامج الأغذية والزراعة والإغاثة وجمع الأموال من خلال المهام المتعددة التي كلفته بها الأمم المتحدة وفي أكثر من بلد حول العالم من أوروبا إلى آسيا فأفريقيا، هو رجل سياسي مخضرم عركته ميادين السياسة ودهاليزها وبالتالي هو رجل لا تنقصه الحنكة ولا الخبرة السياسية ولا يمكن أن يقع في زلة لسان كهذه.
الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة في سوريا والأسد جزء من الحل، سنفترض جدلاً أن هذا الكلام صحيح لكننا وفي المقابل يحق لنا أن نسأل أين هو هذا الحل؟ وماهي طبيعته؟ فبعد أربع سنين على مأساة شعب ووطن لابد وان تكون هكذا تصريحات مقرونة بأفعال وخطط عمل تؤدي إلى إنجاز هذا الحل الذي يتحدث عنه السيد دي ميستورا، فالمبعوث الأممي لا ينطق عن الهوى بل عما يراه من سياسات ومواقف للدول الكبرى، وبالتالي فإن هكذا تصريح هو في المحصلة نابع من قناعة هذا الرجل بمواقف الدول الفاعلة في المؤسسة الأممية.
لقد عاش الشعب السوري وعلى مدى أربع سنين مأساة القرن الحادي والعشرين ليس فقط لأنه عانى من القتل والتهجير والدمار والتجويع ولا لأنه صبر على القصف بكافة أنواع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة بل لأنه عانى أيضاً من تآمر وتخاذل دولي مارس سياسة التسويف والمماطلة حماية لنظام أجرم بحق شعبه فمد له الحبل على الغارب تاركا الشعب السوري الأعزل في مواجهة نظام مجرم مدعوم بإحتلال إيراني ميليشياوي إرتكب بحق السوريين العزل أكثر من 44 مجزرة كبيرة موثقة.
لقد مارس مجلس الأمن البندقة السياسية بحق الشعب السوري فكانت وتيرة المواقف الدولية تتغير صعودا وهبوطا مع تغير الأحداث على الأرض، فكانت الأدانات الخجولة في البداية ثم قرارات غير ملزمة تساوي بين الجلاد والضحية ومسرحيات فاشلة إستخدمت فيها كل من روسيا والصين الفيتو بحق مشاريع قرارات لم ترق بحال من الأحوال إلى مستوى المأساة التي يعيشها السوريون فمجلس الأمن الذي يمثله السيد دي ميستورا لم يصدر حتى قرارا واحدا ملزما يسهم في وقف جرائم النظام بحق السوريين والتي تنوعت بين الذبح والقتل تعذيبا أو ضربا الى حرق البشر أحياء واموات وإستخدام الصواريخ وبراميل الموت وصولاً إلى إستخدام السلاح الكيميائي بحق المدنيين العزل النيام.
الأمم المتحدة التي أرسلت المبعوث تلو الآخر كانت محكومة بقرار إتخذته دوائر صنع القرار الحقيقية في العالم ومنذ إنطلاق ثورة الشام المباركة قبل أربع سنين، ومؤداه تدمير البنية التحتية للدولة السوريا وإستجلاب القوى المتصارعة إقليميا وحتى عالميا إلى الساحة السوريا وصولا إلى إستنزافها وإن على حساب الدم السوري وبطريقة لا أخلاقية ولا إنسانية، فكان التسويف والوعود الكاذبة بدء من تصريحات آية الله باراك حسين أوباما حول عدم شرعية بشار وضرورة رحيله وصولا إلى مبادرة السيد دي ميستورا بضرورة إنجاز هدنة في حلب التي إستعصت على الإحتلالين النصيري والصفوي. حلب التي تعتبر أكبر واوسع الجبهات على الساحة السورية والتي تفتح الطريق إلى العراق وتركيا وتستنزف الإحتلالين النظام وإيران، وبشكل كبير وتوفر خطوط إمداد لوجيستية مهمة لمختلف الفصائل المتواجدة في المنطقة ونقطة عبور مهمة للاجئين السوريين من وإلى تركيا، التي باتت تعتبر المتنفس الوحيد للسوريين.
المؤسسة الأممية ممثلة بالسيد دي ميستورا الذي أطلق عليه السوريون لقب وزير خارجية بشار، تحاول وبطريقة لا أخلاقية إعادة إنتاج وتسويق رئيس مجرم مارس ويمارس عملية تطهير عرقي بحق شعب كامل، وهو ما يعتبرموافقة ضمنية على ما يرتكبه من جرائم وبالتالي تواطأ وشراكة منحت المجرم غطاء ماكان لينجح في الإستمرار لولاه فأمدت بعمر هذا النظام المجرم الذي بات يعتبر إحتلالاً طائفيا وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فنجح في تدمير كافة أسس العيش المشترك بين السوريين من خلال توظيف طائفته وزجها في حربه القذرة التي يشنها على السوريين السنة مدعوما بميليشيات شيعية وقوات إيرانية.
إن ما يقلق المؤسسة الأممية اليوم ليس العدد الكبير للضحايا من السوريين والذي فاق المليون شخص ولا الجرائم البشعة التي تمارسها ميليشيات الاحتلال الإيراني في سوريا بل هو خروج الوضع عن السيطرة في ظل التغير الحاصل على الخارطة العسكرية، وهو ما دفع باتجاه تشكيل التحالف الدولي الذي ينسق وإن من تحت الطاولة مع الاحتلال الإيراني ووكيله النظام في دمشق، فباتت التحركات منصبة على توحيد الجهود والتفرغ لقتال التنظيمات الجهادية على إختلاف أنواعها وإن تحت مسمى الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية الذي بات الخطر الداهم حتى بالنسبة لإسرائيل.
الدول الكبرى الممسكة بتلابيب المنظمة الدولية التي تعمل حسب توجهات هذه الدول تغض النظر عن الجرائم المنظمة بحق السوريين وتقدم الحماية للمجرم ثم تطالب السوريين بقتال التنظيمات الجهادية في سوريا التي باتت اليوم دولة محتلة من قبل ميليشيات شيعية طائفية متعددة الجنسيات سمح لها باستباحة الدماء والأعراض والأموال وإرتكاب جرائم حرب يشعة ومن منطلق طائفي وهو ما يؤسس لحرب قذرة طويلة الأمد،وستمتد نارها لتحرق الجميع.
خليل المقداد - محلل سياسي ومعارض مستقل