الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا… أن تفهم متأخرا خير من أن لا تفهم أبدا

روسيا… أن تفهم متأخرا خير من أن لا تفهم أبدا

23.03.2016
منى مقراني


القدس العربي
الثلاثاء 22/3/2016
حصدت طائرات السوخوي أرواح السوريين مدنيين ومعارضين منذ أن بدأت عملياتها في 30 أيلول/سبتمبر 2015، وإستبقت حربا تخشى أن تكون أراضيها مسرحا لها في ما بعد،ذلك بتصفية "بعض"المقاتلين الشيشان الذين جاءوا إلى سوريا أو "جيئ بهم" لتسويد" وجه المعارضة وطمس طبيعة الثورة السلمية ووصمها بالتطرف والإرهاب. قبِل و لبّى "القيصر الجديد"عرض النظام السوري المتمثل في تسليم "سوريا المفيدة" لروسيا مقابل حفظه من السقوط الذي كان وشيكا في حينه..
وبالفعل تمكنّت القوات الروسية بالتنسيق مع الميليشيات الإيرانية بنسختيها "العربيتين" اللبنانية والعراقية، من ترجيح كفّة النظام في بعض المناطق وإسترجاع نفوذها،أو لنقل على الأقل إستطاعت أن تقيم توازنا عسكريا، تحجز به كرسيا في المقبل من الأيام على طاولة "المقاولة السياسية السوداء"….
لكن يبدو أن احلام العودة إلى المياه الدافئة لم تجد حنكة أو حكمة روسية تجعلها على الأقل تتأنى قبل دخول المستنقع السوري، ونسي أو تناسى الروس نقطتين في غاية الخطورة والأهمية ،الأولى متعلقة بطبيعة النظام السوري المافيوي الذي قتل وهجّر وسجن ودمّر وطنا بأكمله ورفع شعار "الأسد أو لا احد" والذي كان يخطط على ما يبدو، لإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة إن لزم الأمر،ذلك بإغراق روسيا أكثرفأكثر في الداخل السوري وإشعارها بحتمية القتال للذود عن مصالحها الإستراتيجية وكأن سوريا أصبحت روسيا. هذا النظام قام بكل ما من شأنه إطفاء نار غلّه وإنتقم بأقذر وأبشع الطرق من الشعب السوري ومن العالم الذي ساند"شعارات طبعا" هذا الشعب لنيل حريته ،وإستطاع أن يجمّع كل المخلّفات الفاشية على مدار تاريخ الإنسانية ليشفي هوسه السلطوي. نظام على هذا القدر من الشرو التدمير ،كيف يقبل بالتنحي بعد 5سنوات من الإبادة المادية والمعنوية لشعبه؟.
النقطة الثانية خوض غِمار هذه الحرب المعقدة سياسيا وجغرافيا ومذهبيا إلى نهايتها يعتبر هدية لأمريكا "التي ظلّت تتراوح مواقفها من إرهاب الدولة الذي يمارسه بشار الأسد بين القلق والقلق الشديد؟" وإن ظنّ الروس أن المكاسب ستكون أعظم ، ولم يكن الضوء الأخضرالذي أخذه الروس إلاّ أمنية أمريكية جعلها القيصر حقيقة وواقعا، فقد تكبّد الروس خسائر فادحة وأستنزفوا،خاصة مع إنهيار اسعار البترول.
طبعا لن نغفل بعض العوامل الجانبية لكنها مؤثرة وأثرت بالفعل متمثلة في الدور الذي لعبته الدبلوماسية الخليجية ،التي قامت بما تعلم يقينا أن الروس سيرضخون له في النهاية ،وذهبت لحد القيام بخطة تدخل عسكري بالتنسيق مع تركيا وتأكيدها على وجوب وضع حد لهذا الدمار الذي تخشى إن بقي على ماهو عليه أن يصلها بشكل أو بآخر، النبأ الذي لم يكن وقعه مريحا بالنسبة للروس بدون شك وإن أبدت صلابة.
تصريح وليد المعلم وزير خارجية نظام الأسد بأن الرئيس السوري خط أحمر، قبل توجّهه للمحادثات التي تجري حاليا في جنيف ، كانت كما يرى المحلّلون القشة التي قصمت ظهر البعير،فقد إستشعر أخيرا على ما يبدو سيد الكرملين خطورة الوضع وأن الحرب "إن إستمرت"لن تضاهي خسائرها الأرباح المزعومة، خسائر خرافية لن يقوى على تعويضها خاصة في الوضع الراهن،وأن جنون الأسد بالسلطة أمر فاق توقعه ولم يجد له مخرجا،لذلك أعلن إنسحابه قبل"أن ينهي مهامه" وغادرت بذلك الطائرات الروسية قاعدة حميميم الجوية، ودخل أنصار النظام في حالة من الهلوسة الممزوجة بالرعب والترقّب حول مآلهم ونظامهم الطائفي الذي وقفوا إلى جانـبه.
لكن سيبقى السؤال مطروحا لمن يعرف تاريخ ومواقف روسيا مع "أصدقائها العرب"،بكم باع الروس رأس الأسد؟ لاتوجد إجابة آنية لاشك ، سننتظرربما وثائق ومراسلات "ويكيليكسية" تكشف النقاب عن ما دار ويدور في "سوق النخاسة السياسية" في المكان والزمان المناسبين، وعلى قول أشقائنا المصريين :ياخبر بفلوس، بكرة…..