الرئيسة \  واحة اللقاء  \  زهران علوش والديمقراطية الجديدة!

زهران علوش والديمقراطية الجديدة!

06.06.2015
هديل عويس الهندي



القدس العربي
الخميس 4/6/2015
كَثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن دور مهمّ مقبل لزهران علوش، وترافق مع هذا زيارات لقائد جيش الإسلام لتركيا وأنباء غير مؤكدة عن زيارته للرياض، كما خرج الرجل مؤخراً بوجه جديد منفتح، يقبل بشكل الحكم الذي يختاره الشعب وعبّر عن هذا من خلال مقابلته مع صحيفة "مكلاثي" الأمريكية، هذا غير استعراض القوة الأخير الذي قام به عبر تخريج دفعة من الضباط في وضح النهار، في مكان لا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن قصر المهاجرين في دمشق.
لا شك أن الرجل طموح! فقبل خمس سنوات كان سجيناً في سجن صيدنايا، وهو اليوم قائد لجيش لا يستهان به، رغم الظروف المحدودة المتاحة له، كون مناطق نفوذه غير حدوديّة، ما يجعل وصول المساعدات إليه أصعب من الجماعات المقاتلة في المناطق الحدودية. لقد استطاع الرجل تأمين منطقة الغوطة الشرقية، وفرض سطوته بيد من حديد بعد قضائه على جميع الجماعات المناوئة له، سواء كانت أكثر اعتدالاً أو تطرفاً من جيشه، وعمل أخيراً على تأسيس القيادة العسكرية في الغوطة، التي له حصة الأسد فيها. كما يبدو أن لزهران موقفاً يجمعه بالقوى العظمى والإقليمية المؤثرة في سوريا، يبدو جليّاً مِن خلال عداءٍ شديد لـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، وعداءٍ يتزايد مع جبهة النصرة، إلا أن عليه القيام بخطوات عديدة ليكون مؤهلاً لدعم دولي لجيشه، ولا ينحصر هذا في إعادة صياغة بعض من أفكاره كي تجد آذاناً صاغية غربية، فقبله بعقود، لم تنجح شخصيات مثل ياسر عرفات باستمرارها في تصدير الخطاب ذي الوجهين، وجه غربي معتدل ومنفتح ووجه عربي مقاوم ومجابِه، مع الأخذ بالحسبان الفوارق بين الرجلين واختلاف ظروفهما، وعامل الزمن الذي تحوّل فيه الآن أي مواطن إلى صحافي.
لقد كانت لعلوش تصريحات سابقة رفض فيها الديمقراطية، وأخرى عبّر فيها عن التماهي بينه وبين تنظيم "القاعدة في سوريا". وكونه يسعى لفتح صفحة جديدة، فإن عليه إظهار الاختلاف بينه وبين التنظيمات المعادية للغرب، حتى لا يبدو أن الصراع بينه وبينهم صراع سلطة ومناطق وحسب.
ولعل أكثر النقاط الحالية، التي ستؤثر على علوش سلباً وتبقيه تحت سيف المساءلة عنها، هي قضية رزان زيتونة ورفاقها، إذ يترتّب عليه الكشف عن مصيرهم ومعاقبة الجهة الخاطفة، سواء كانت تابعة لجيش الإسلام أم لغيره من التنظيمات. إنّ إطلاقه سراح رزان ورفاقها، أو الكشف عن مصائرهم ليست قضية حقوقية وحسب، بل هو حدث له رمزيته ودلالته التي تشي بأنه بدأ مرحلة جديدة من القبول للآخر، خاصة أن زيتونة ورفاقها لم يرتكبوا ذنباً سوى التعبير السلمي عن آرائهم، وأيضا لِما لرزان من رمزية كونها من اللاعبين الذين أسّسوا لاندلاع الانتفاضة السورية، ومِن الوجوه الثورية التي يغضب لاختفائها معظم المعارضين السوريين، إسلاميين كانوا أم غير إسلاميين. هكذا قرار، سوف يعزّز من مكانة علوش الدولية، ويعطيه دوراً أكبر من دوره الحالي المنوط بالغوطة المحاصرة حالياً، وسيتمكن، وفقاً لكثير من المحللين في واشنطن، من المشاركة في حكم منطقة تمتد في الفترة الحالية من ريف دمشق حتى الحدود الأردنية عبر الكسوة.
على زهران علوش أن يأخذ من تجربة جيش الفتح عبرة، فرغم تحقيق الأخير لانتصارات في معارك عدة فإنه لم ولن يكون قادراً على مجابهة النظام، من دون غطاء جوي، ومن دون حصوله على مضادات الطائرات التي ترفض أمريكا والغرب حتى الآن تزويده بها، نظراً لأنَّ عماد الجيش الذي يقوده يتشكّل مِن قوى معادية للغرب، وتؤكد ارتباطها الوثيق بتنظيم "القاعدة" وتُعرف بمشروعها التصديري للجهاد؛ الجهاد الذي لا يعادي الأسد وحسب، بل وما تسمّيه هذه المجموعات بالمشروع "الصليبي الصهيوني العربي والصفوي"، على خلاف علوش الذي اكتفى بمحاربة المشروع "الصفوي" وضمن سياق الصراع نفسه.
يمكن لزهران علوش أن يكون رجل المرحلة، وأن يبداً بتطبيق خطابه الآخر على أرض الواقع، وأن يسمح للرأي الآخر ويصرّح بمصير زيتونة ورفاقها. بعد هذا، سيجد علوش، وبكل تأكيد، أصدقاء كثرا في العالم الغربي، رغم توجهه المحافظ. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، تتمتع بعلاقات ممتازة مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند، رغم وجود مجتمعات محافظة في هذه الدول، كما أنها تتمتع بعلاقات أكثر من ممتازة مع دول خليجية ذات أنظمة وشعوب إسلامية محافظة.
٭ كاتبة سورية ـ واشنطن