الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عفرين بين مآلين… حصار بحزام أمني أو عودة لسيطرة الأسد 

عفرين بين مآلين… حصار بحزام أمني أو عودة لسيطرة الأسد 

04.02.2018
وائل عصام


القدس العربي
السبت 3/2/2018
على الأغلب، فإن مآل معركة عفرين يتجه نحو احتمالين اثنين، الأول، هو أن يكتفي الأتراك بحزام أمني يمتد من الحدود التركية بعمق بضعة كيلومترات، لتبقى المدينة البعيدة نحو أربعين كيلومترا عن الحدود بيد الأكراد، وقد يحصل  هذا السيناريو في حال زادت كلفة المعركة ومدتها، واشتدت مقاومة الأكراد المتحصنين في الجبال الوعرة، لترتفع في المقابل الضغوط الدولية والأمريكية بالذات، بسبب الخسائر بين المدنيين والانتهاكات، ولعل آخرها التمثيل بجثة مقاتلة كردية بطريقة بشعة من قبل مقاتلي الجيش الحر.
السيناريو الثاني، وهو الأكثر ترجيحا، أن تدخل قوات النظام السوري إلى منطقة عفرين بطلب من الأكراد وتستلم المواقع الحدودية المحيطة بعفرين، ليتولى النظام السوري، بالتنسيق مع الأكراد ضم القوى الكردية المسلحة ضمن أجهزة النظام، ولو بطريقة شكلية، ليبقى للأكراد هامش محدود من الإدارة الذاتية في عفرين تحت خيمة السلطة المركزية في دمشق.
في الحالتين، ستبقى عفرين بعيدة عن سيطرة تركيا، وسيبقى للاكراد قدر ولو محدود من الإدارة الذاتية، خصوصا إن اضطروا لاستدعاء النظام، وهو ما سيحصل غالبا في الفترة المقبلة. وان نظرنا للسيناريو الثاني، المتعلق باستدعاء النظام، فالاكراد طالبوا به قبل أيام في بيان رسمي، فلماذا لم يدخل النظام للآن؟ ما يحدث الان، هو لعبة عض الاصابع بين الاكراد ودمشق، أيهما يصرخ أولا!
النظام السوري لا يريد أيضا ان يزداد التوغل التركي والنفوذ الأردوغاني داخل سوريا، وكذلك إيران، ودعونا نتذكر ما حصل بخصوص قوات تركيا في أربيل، التي ارادت حكومة العبادي ومن ورائها طهران إبعادها عن لعب أي دور في منطقة يكثر فيها المتمردون على بغداد، من سنة الموصل العرب، إلى سنة اربيل الكرد البارزانيين، قبل أن تحسم إيران الأمر عسكريا، لتمكن حلفاءها الطالبانيين. لكن في الوقت نفسه، فإن طهران ودمشق، سعيدتان بالدور التركي ما دام يصب في النهاية لصالح إعادة المناطق الكردية لهيمنة دمشق وضرب الكيانات الكردية الخارجة عن بيت الطاعة الإيراني وحلفائه في دمشق وبغداد.
وهكذا فإن لعبة "عض الأصابع" بين دمشق وعفرين ستستمر إلى حين التوصل لتسوية لدخول قوات النظام، فالأكراد يطاولون في المعركة، من أجل الحصول على أفضل اتفاق ممكن مع دمشق، يبقي لهم الحد الأدنى من صلاحيات الإدارة الذاتية داخل كانتون عفرين، والنظام السوري يستفيد من نيران القصف التركي، كضغط عليهم للحصول على أكبر قدر من التنازلات للحد من صلاحيات الإدارة الذاتية للاكراد، مقابل هيمنة أكبر لدمشق، وهذا كله بتنسيق مع روسيا، التي هي من أعطى الضوء الاخضر لتركيا للدخول في هذه العملية، لتبديد مخاوفهم الأزلية من التهديدات الكردية، لتحقق روسيا هدفين استراتيجيين، اولهما، تمكين النظام السوري من السيطرة على ما تبقى من سوريا، من خلال عملية تركية تؤول محصلتها السياسية لتسليم عفرين للأسد، اما الهدف الثاني فهو بعيد المدى ويتعلق بتهميش الدور الامريكي شمال سوريا، بسحب حلفائهم الأكراد لصف موسكو، بعد إضعاف ثقتهم بقدرة واشنطن على حمايتهم، وهذا ايضا ما تريده طهران، التي تسعى لإبعاد نفوذ الامريكيين من مناطق النفوذ الايراني في العراق وسوريا، وستكون سعيدة برؤية "سلوك طالباني" جديد للاكراد في شمال سوريا!
كاتب فلسطيني من أسرة "القدس العربي"