الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لا داعي لأن يقلق مجلس الأمن بعد اليوم بشأن سوريا

لا داعي لأن يقلق مجلس الأمن بعد اليوم بشأن سوريا

11.03.2018
ميسرة بكور


القدس العربي
السبت 10/3/2018
كنا نظن أن قلق مجلس الأمن سينتهي مع رحيل سكرتيره السابق القلق دائماً"بان كي مون" كنا نظن وخاب ظننا، اليوم ومع التوحش الروسي ومشايعي إيران ومحازبيها في سوريا، لاداعي لأن يقلق مجلس الأمن لأن موسكو أخذت على عاتقها إزالة مصدر ما يدعون أنه يقلقهم أن تزيل المدن السورية من على خريطة العالم.
منظومة التوحش الدولي المتمثلة بالدول التي تسمى بالكبار يصلون بل يتوسلون كي ينهي بوتين مهمة حرق وإزالة منطقة غوطة دمشق الشرقية عن خريطة العالم بأسرع وقت ومازالوا يمنحونه الفرصة تلو الفرصة المرة بعد الأخرى تحت ساتر دخان كثيف، من البيانات الشاجبة والمنددة كذباً وبهتاناً، والمطالبة بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإدخال قافلة غذائية شبه فارغة لا تثمن ولا تغني من جوع.
ولكي تبقى جذوة مشعل الأمم المتحدة متقدة، يتم الدعوة إلى عقد جلسة عاجلة للمجلس، بما يشبه التشويش الإعلامي على المراقبين للمحرقة البشرية التي ينفذها تحالف الشر الدولي روسيا بوتين وخامنئي إيران الشعوبي الحاقد على دمشق الأمويين.
ومازال البعض يردد تلك العبارات الخرقاء البلهاء التي مفادها أن منظومة المجتمع الدولي غير قادرة على وقف شلال الدماء في سوريا الوطن والانسان على يد بوتين وأشباه البشر الشعوبيين المدججين بعقيدة أن قتل أحفاد الأمويين يدخلك الجنة دون حساب أو سابق عذاب، بل تكون في الفردوس الأعلى من الجنة وربما يحملون صك غفران ممهورة بخاتم خامنئي الذي نصب نفسه وكيلا للقتل والإبادة الشاملة لعرب العراق والشام تحت عنوانين: محاربة الإرهاب المزعوم ، والثاني دعم الحكومة السورية المزعومة ايضاً، متجاهلين عمداً أن الإرهاب والتكفير كله يكمن في "ولاية الفقيه" والحقيقة الجلية أن تنظيم الأسد الذي وصل بإنقلاب عسكري في سبعينيات القرن وورث الحكم لبشار الأسد ، قد ثارعليه عرب الشام وكفروا به وبمن يدعمه ومن شايعه وحازبه.
لكن أوهام خامنئي ورغبته الجامحة في إبادة إرث الأمويين المتمثل في أهل الشام وانشاء امبراطورية شعوبية عنصرية لن تعود مهما انتفخت الأنا عند خامنئي وصمت العالم بتواطؤ على جرائمه ولا يريد أن يدرك أن أوهامه ستتحطم على صخرة الثورة السورية لأنها سنة الله في خلقه فلا يمكن للباطل أن يستمر مهما تجبر أنصاره وتوهم الورم شحماً.
لا أيها السادة المجتمع الدولي ليس عاجزا ولكنه لا يريد. يمكننا في هذا المضمار أن نسوق الكثير من الدلائل على ذلك، على سبيل المثال أمريكا التي تقود التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا والعراق قامت باستهداف ميليشيا تنظيم الأسد وإيران في أكثر من مناسبة ، كما أنها قامت منذ أسابيع ليست ببعيدة بإستهداف مرتزقة وضباط روس بالقرب من دير الزور السورية ولم تستطع موسكو التي تقود حملة تثبيت كرسي تنظيم الأسد في دمشق على جبل من جماجم وأشلاء السوريين لم تستطع أن تنبس ببنت شفة ، ومثال آخر أن التحالف الدولي سخر كل امكاناته من أجل دعم ميليشيا سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني الموضوع على قوائم الإرهاب الدولية في مدينة عفرين السورية لمنع تنظيم "الدولة" من السيطرة عليها ، وسبق هذا كله ان قامت طائرات التحالف بشن هجوم واسع في العراق دعماً لـ "الإيزيديين" في سنجار العراق وأسقطت عليهم الماء المثلج من الطائرات.
بينما يتهرب هذا التحالف من دعم غوطة دمشق ويرفض إنزال المساعدات الغذائية لهم عبر الطائرات كما فعلت مع الإيزيديين في العراق، فتوقفوا عن هذا السخف وتجرعوا الحقيقة المرة أن المجتمع الدولي لا يريد دعم ثورة سوريا، مهما كان عدد الضحايا القتلى .
على ماذا تراهن تلك الدول التي دعت لعقد جلسة مغلقة طارئة لمجلس القتل الدولي بعد صدور قرار للمجلس وبالإجماع الشهر الماضي فبراير/ شباط القرار رقم 2401 الذي يطلب من جميع أطراف النزاع السوري وقف فوري لإطلاق النار والتمسك بمراعاة الهدنة الإنسانية لمدة 30 يوما على كافة الأراضي السورية، وضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية وإجلاء المرضى والمصاب.
ألم يتابع أولئك الذين يهرولون إلى مجلس الأمن عجزه وفشله في تفعيل قراراته المتعلقة بسوريا، ألم يلاحظ أولئك أن تنظيم الأسد منع لجنة التحقيق الخاصة المكلفة بالتحري عن جرائم الحرب في سوريا من دخول سوريا وإتاحة الفرصة لها لإجراء تحقيقاتها بشكل مستقل .
إن لجوء المجتمع الدولي إلى مجلس الأمن بعد أن ثبت فشله ، هو تهرب من المسؤولية الحقيقية، في ظل المقدمات التي يملكها اولئك عن إستحالة إتخاذ أي اجراءات عملية تدين تنظيم الأسد وشركائه في الدم السوري، بسبب الفيتو الروسي الذي يقف حائلا أمام تنفيذ أي قرار لا تقبل به موسكو، أو خروجه منزوع الأنياب دون آليات تنفيذية.
إن خير شاهد على ما ندعي، قرار مجلس الأمن الأخير 4101 الذي طلب من جميع أطراف النزاع السوري وقف إطلاق النار فورا والتمسك بمراعاة الهدنة الإنسانية لمدة 30 يوما على الأقل في الأراضي السورية كلها، لضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية وإجلاء المرضى والمصابين لم ينفذ منه شيء. الذي صدر دون آليات تنفيذية وبعد أن خلعت روسيا أنيابه وجعلته عديم الجدوى ، ومع ذلك لم يتم الالتزام به، ولزيادة الاستهزاء بمجلس الأمن أعلنت موسكو بعد صدور القرار المذكور قرارا أحاديا يقضي بهدنة الساعات الخمس من أجل تهجير أهالي الغوطة الشرقية، وتركت تسع عشرة ساعة لنفسها وحلفائها من المرتزقة والميليشيات الإيرانية لتدمير الغوطة على رؤوس ساكنيها. ونطرح هنا تساؤلا مشروعا، لماذا يتم الهروب أو تأجيل التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار تحت عنوان الإتحاد من أجل السلام والتحرك الفعلي، والدعوة الفورية لإنعقاد جلسة "عامة" في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف طرد تنظيم الأسد من الأمم المتحدة بعد أن خرق تنظيم الأسد ميثاقها وأثبت عدم احترامه ، حسب المادة 6، التي نصت ،إذا أمعن عضو من أعضاء "الأمم المتحدة" في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة، هذا الميثاق الذي وقعت عليه الحكومة السورية وتعهدت باحترامه ولم تفعل كما هو واضح لكم في عدد من المناسبات ولم تحترم قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالملف السوري.
المقدمات دليل كافٍ على شكل النتائج المحتملة، إن الهرولة إلى مجلس الأمن لا يشير إلى تحرك جدي ولا يتوقع منه شيء، وباتت جلساته مدعاة للسخرية والتندر، بسبب العلم المسبق بأن موسكو التي تمتلك حق النقض لن تسمح بتمرير أي قرار لا يروق لها أو يدين تنظيم الأسد الذي نصبت نفسها مدافعة عن وجوده، وهو محاولة يائسة لإبقاء مشعل الأمم المتحدة متقدا دون فعل شيء.
مجلس الأمن تحول إلى منصة للتراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات بين الفرقاء الشركاء في عدم نصرة الشعب السوري من المحرقة التي تقودها موسكو بحقهم.
ألم يدرك المهرولون إلى مجلس الأمن خلال سبع سنين هي عمر الثورة السورية أنه لا فائدة ترجى منه ولم يتم تنفيذ قراراته.
لماذا يتم تجاهل الجمعية العامة للأمم المتحدة التي يمكنها الدعوة إلى تحويل الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية ويمكنها طرد تنظيم الأسد من الأمم المتحدة. ويمكنها ايضاً اتخاذ تدابير فاعلة لوقف التوحش الروسي سواء في مجلس الأمن أو في المحرقة السورية التي تدير دفتها موسكو.
 
كاتب وباحث سوري