الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا فشل تنظيم "داعش" في كسب قلوب العرب السنة؟

لماذا فشل تنظيم "داعش" في كسب قلوب العرب السنة؟

15.03.2015
الطاهر إبراهيم



القدس العربي
السبت 14-3-2015
الاجتياح الخاطف لشمال غرب العراق الذي قام به تنظيم الدولة "داعش" أثار مشاعر متناقضة لدى العراقيين على ضفتي المشهد، الذين اصطفوا وراء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أصيبوا بالذهول والإحباط بانهيار الجيش العراقي الذي أنفق المليارات على أسلحته، ليتركها غنيمة سهلة بين يدي "داعش"، وما كان أبو بكر البغدادي ولا رجاله ليحلموا أن يمتلكوا مثل تلك الكمية من الأسلحة، كمية ونوعية، ما جعل تنظيم "داعش" بهذه الأسلحة جيشا مكتملا، خصوصا وقد أصبح يحكم مدنا كبرى في العراق، ويهيمن على مساحات شاسعة تستطيع كتائبه مهاجمة ما يليها من مناطق يسيطر عليها جيش المالكي.
على الضفة الأخرى من المشهد شعر المضطهدون من عرب السنة في العراق أنه حان الوقت لكي يتخلصوا من الاضطهاد الطائفي الذي تمارسه ميليشيات الحشد الشيعي في مناطق يعيش فيها عربٌ سنة بجانب الشيعة. كما تأملت المناطق التي فيها أكثرية سنية أن يتم دخولها المشهد السياسي الرسمي بتعديل ميزان الحكم، بحيث يشارك العرب السنة في حكم العراق.
نجح تنظيم "داعش" في لعبة الكر والفر التي مكنته من الاستيلاء على مساحات أخرى جديدة لم تدخل في نطاق حكمه عند استيلائه على الموصل وما جاورها. هذه المقدرة العسكرية تعود بالدرجة الأولى إلى انضمام ضباط من الجيش العراقي ممن حارب في عهد صدام حسين. وفعلا شعرعراقيون كثر بأن الحركة التي أطاحت بقادة الجيش العراقي في الموصل وما حولها يقودها ضباط عراقيون سرحهم من الجيش العراقي، الأمريكي بول بريمر، حاكم العراق، بعد اجتياح أمريكا للعراق في آذار/مارس 2003. وقد تأكد هذا الشعور لأن سكان الموصل وما جاورها لم يبدوا أي احتجاج في وجه حكامهم الجدد.
النجاح العسكري لتنظيم الدولة لم تقابله سياسة راشدة يوم اجتاح أرض المسيحيين واليزيديين وما رافقها من اضطهاد لهم، وقد عاشوا مع العرب منذ الفتح الإسلامي وحتى أيامنا، ما جعل العراقيين يرفعون حواجبهم تعجبا واستنكارا متسائلين: ما الفائدة التي يجنيها تنظيم "داعش" من هذه السياسة الخرقاء، ولم تكن هذه الأقليات يوما شوكة في حلق أحد؟
إن السياسة الخاطئة التي اتبعها تنظيم "داعش" مع السكان السنة والمسيحيين والقسوة التي اتبعها معهم، بل والقتل الذي كان يمارسه عليهم، جعلت السكان في محافظة الرقة وفي شمال العراق يهجرون ديارهم. قد تكون هناك مبالغة في أعداد من قتلهم تنظيم "داعش"، لكن إعلان هذا القتل على صفحات اليوتيوب جعل صفة القتل والذبح تلتصق بالتنظيم، بل إن اللباس البرتقالي الذي كانوا يُلْبسونه لمن يذبحونهم والذي يشبه اللباس الذي ألبسه الأمريكيون لمعتقلي غوانتنامو، جعل البعض يتساءل عن حقيقة العلاقة بين تنظيم الدولة وواشنطن؟
اليوم تجري عمليات استئصال لتنظيم "داعش" في محافظة صلاح الدين في العراق. ومن يتابع الفضائيات التي تنشر أخبار القتال هناك، يلحظ أن المواطن العربي السني يشعر بارتياح عندما يوقعون القتلى في صفوف الحشد الشعبي والجيش العراقي الذي يحوي عددا قليلا من السنة، مع أن هذا المواطن كان يمتعض من ممارسات تنظيم الدولة "داعش" واستهانته بحياة من يحكم عليهم بالإعدام لذنوب هامشية، ومن الطريقة التي يتم بها الإعدام.
بمقارنة بسيطة بين "داعش" و"جبهة النصرة" التي وضعتها واشنطن على لائحة الإرهاب، إلا أن هذه تحظى بتعاطف كبير من الأهالي في المناطق التي تسيطر عليها جبهة النصرة في سورية. فلم ترتكب الجبهة مجازر كما فعل "داعش". وعندما قامت النصرة بإنهاء وجود جبهة ثوار سورية التي يقودها جمال معروف من محافظة إدلب، قوبل ذلك بارتياح شعبي. هذا الأمر تم مع "حركة حزم"، التي أخرجتها جبهة النصرة من الساحة، والفصيلان ممن ترضى عنهما واشنطن. لذلك لم يجدا من يتعاطف معهما من المواطنين السوريين. دعك مما يقوله محللو الأخبار.
بالعودة إلى المعارك الجارية في صلاح الدين، فإن قلة من العرب السنة من يتمنى أن ينتصر الجيش العراقي والحشد الشعبي على تنظيم "داعش"، لأنهم يتخوفون مما سيفعله الحشد الشعبي، كما جرى في منطقة ديالى وسامراء من قتل على الهوية. فالعرب السنة في تكريت يتخوفون من مذابح تحل بهم إذا ما انتصر الحشد الشعبي، انتقاما من قبيلة صدام حسين.
٭ كاتب سوري