الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا سيعطي نتنياهو لبوتين مقابل الجولان؟

ماذا سيعطي نتنياهو لبوتين مقابل الجولان؟

24.04.2016
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
السبت 23-4-2016
مهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقائه أول أمس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجلسة في الهواء الطلق لحكومته في هضبة الجولان السورية المحتلة أعلن فيها أن على الأسرة الدولية أن تعترف أخيرا أن الجولان سيبقى ”تحت السيادة الاسرائيلية إلى الأبد".
ما دفع نتنياهو لذلك التصريح، كما تظهر أقواله، هو أن "الأسرة الدولية" إياها تتحضّر لإنجاز تسوية سياسية في سوريا، وأن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا نشر مسودة للتسوية تتضمن عودة الجولان إلى سوريا، بينما الأمر، بالنسبة لنتنياهو هو أن "قصة الجولان انتهت"وأنه لم تعد توجد "مطالب كهذه"وأن سوريا هي "مجموعة من الأقليات المضطهدة".
يحمل إعلان نتنياهو الآنف ثلاث نقاط خطيرة، أولى هذه النقاط: هي أن الصفقة التي يعمل المجتمع الدولي على إنجازها في سوريا، حسب الفهم الإسرائيلي، هي تقاسم لسوريا وليست تسوية سياسية أبدا، وبالتالي فهذه هي اللحظة المناسبة لاقتطاع حصّة من الجسد السوريّ المنتهك تحت مباضع جرّاحي الكرملين وواشنطن، وبقية الضباع الصغار التي تقف اسرائيل على رأسهم.
النقطة الثانية: هي طبعا حكاية أن "قصة الجولان انتهت"وأنه سيبقى "تحت السيادة الإسرائيلية إلى الأبد"، وهي مسألة يمكن قراءتها على أن روسيا وأمريكا تتداولان فعلا مسائل تغيير خرائط المنطقة، وهو ما قد يفسّر الخطوات الفعلية التي يتخذها حزب "الاتحاد الديمقراطي"لتأسيس دولة كردية مقتطعة من الجغرافيا السورية، ويفسر أيضا ارتفاع آمال تل أبيب في إمكان إضفاء شرعيّة على احتلالها للجولان.
النقطة الثالثة: هي الذريعة التي يبرر فيها نتنياهو انتهاء المطالبة بالجولان بأن سوريا "مجموعة من الأقليات المضطهدة"وهو تبرير مذهل في ديماغوجيته من بلد يعتبر نفسه موطنا لإحدى أقلّيات العالم الدينية (اليهود)، يمارس احتلالا استيطانيا على شعب آخر حوّله من أكثرية إلى أقلّية، وقسّمه، ليزيد طغيانه عليه، إلى أقلّيات.
اتجاه نتنياهو للتفاوض مع بوتين يجعل الأخير بمثابة وليّ أمر الشأن السوريّ، ويذكّر، بشكل مزعج، بوعد بلفور، الذي كانت بلاده تحتلّ فلسطين وأصدرت فرمانها الشهير بجعلها وطنا لليهود، فأعطى من لا يملك أرضاً لمن لا حقّ له فيها.
يكشف الخبر الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"الاسرائيلية عن حصول إطلاق نار روسيّ على طائرات اسرائيلية فوق سوريا، للمرة الأولى، رغم وجود التنسيق الأمني الشديد بينهما، أن هناك مماحكات تجري بين الطرفين، وأن زيارة نتنياهو تدخل في إطار شد الحبال بين الطرفين كما لو كانت البهارات المشهّية قبل افتراس الضحية.
السؤال الأول الذي يطرأ على البال خلال عرض العضلات بين البلطجيين الكبيرين هو ما الذي سيعرضه نتنياهو على قيصر روسيا لينتزع منه صكّ الجولان (على افتراض أن هذا الأمر الذي لا نتخيل حصوله ممكنا)؟
الجواب البديهيّ هو مساهمة إسرائيل في دعم مرشّح موسكو في الانتخابات الرئاسية السورية التي تطبخ نتائجها منذ الآن مقابل موافقة ذلك المرشح على التنازل عن الجولان، فهل يرسو المزاد، مجدداً، على الرئيس ابن الرئيس نفسه الذي في فترة حكمه استطاعت اسرائيل احتلال الجولان؟
روسيا (وأمريكا)، باختصار، تلعبان بكل الأوراق الموجودة على الطاولة، بما فيها طموحات الأكراد في وطن قوميّ لهم (وهو حقّ مشروع لكل الأمم) وأطماع إسرائيل لتحقيق أهدافهما الاستراتيجية والآنية لكن تقديم شرعيّة لاحتلال فاضح أو اختراع دولة جديدة في المنطقة أمران يصعب، حتى على دولتين عظميين، تمريرهما بالقوانين الدولية المعمول بها، ولا يفعل فرضهما كأمر واقع غير تأجيج الصراعات الجارية وإعطاء حطب جديد للنار التي تتآكل المنطقة.