الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مسرحية "فك الحصار عن مطار كويرس شمال حلب"

مسرحية "فك الحصار عن مطار كويرس شمال حلب"

18.11.2015
الطاهر إبراهيم



القدس العربي
الثلاثاء 17/11/2015
جاءت تفجيرات برج البراجنة في الضاحية الجنوبية مساء يوم الخميس 12 تشرين الثاني الجاري، التي تبناها تنظيم الدولة خبطة على رأس الحزب أفقدته صوابه. وما لها لا تكون كذلك وفيها أعضاء كبار في حزب الله، سقطوا في معقله الرئيسي، وجاءهم التفجير من حيث لم يكونوا يحتسبون ليتركهم أثرا داميا بعد عين.
لسنا مختلفين حول إدانة ما وقع في برج البراجنة. لكننا نختلف فيما إذا كان هناك جرائم أفظع
تقع يوميا في غير لبنان أم لا؟ تخلّف قتلى أكثر مما خلف تفجير برج البراجنة يقوم بها ابتداء أعضاء في حزب الله، وهم لا يدرون أن الجزاء من جنس العمل.
حزب الله أول من قام بجرائم أفظع من هذين التفجيرين. فعلى سبيل المثال، الهجوم الإجرامي الذي شنه على جيرانه سكان مدينة القصير فقتل منهم من قتل ورحل منهم من رحل، وقد قال الله تعالى الذين يسمون به حزبهم زورا وبهتانا:"ولوأنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم". قتل حزب الرجال والنساء والأطفال ولم تأخذه فيهم لومة لائم، ولا أخذه ما يأخذ الإنسان من عطف على جيرانه على الأقل.
ليس هذا فحسب، فإن عناصر حزب الله وإيران وميليشياتها شنوا حرب إبادة، ليس فقط على مقاتلي أهل السنة في سوريا، بل على المدنيين وفيهم النساء والأطفال، وقد اصطف حزب الله مع كل من شن حربا على أهل السنة في سوريا مثل موسكو. مع أن بوتين جعلها حربا صليبية باركه فيها القسس والرهبان، في حين يزعم حزب الله وإيران زورا وبهتانا أنهم أهل الإسلام وحماته.
عودا إلى برج البراجنة وما جرى بها. فقد قتل 43 قتيلا وأكثر من مئتي جريح، تبناها تنظيم الدولة "داعش". فهي جريمة يجب أن تشجب، بكل ما في الكلمة من معان وأبعاد. لكن يستحق الشجب أيضا ما يحصل في سوريا.
أعود لأسأل هؤلاء الشاجبين لهذه الجريمة وإلى اللهجة الحادة التي استعملت في الشجب، خصوصا من كان منهم من أهل السنة في لبنان! فأين كانت لهجتهم عندما كان حزب الله يوقع في السوريين الجرائم.
زعماء في الطائفة السنية في لبنان! والشهادة لله،إنهم كانوا يشجبون الجرائم التي يقترفها حزب الله بحق السوريين، لكن على استحياء وكأنهم يؤدون واجبا مفروضا عليهم. بينما حسن نصر الله كان يخرج بعد كل جريمة يوقعها هو وحلفاؤه في أهل السنة في سوريا بوجهه القبيح، دون أن يطرف له جفن.
نحن هنا لا ندافع عن تنظيم الدولة. فقد اقترف جرائم مخزية في حق السوريين السنة في سوريا. كانت أولى جرائمه في حق قيادات من جبهة النصرة وأحرار الشام، عندما حرروا الرقة فأخذهم تنظيم الدولة بالحيلة والغدر فقتلهم. كذلك ما فعله مجموعة منه حين دخلوا بيت رجل جريح في إحدى قرى إدلب فأجهزوا عليه هو وأسرته، وغير ذلك كثير.
مسرحية فك الحصار عن مطار "كويرس":
يقع هذا المطار شمال شرق حلب. وكان فك الحصار متوقعا بأن يقوم تنظيم الدولة بالانسحاب منه بعد أن أفسح النظام الطريق أمام تنظيم الدولة ليستعيد مواقع من المعارضة في ريف حلب ومنها مدرسة المشاة، التي كان الاستيلاء عليها نصرا عظيما قبل أكثر من سنتين. وجاء اليوم الدور على تنظيم الدولة ليرد له الجميل فتح الطريق للنظام إلى مطار كويرس. وبالمناسبة كان المحاصرون من النظام في المطار حوالي مئة عنصر، ولا يستفيد منه النظام، وهو في مكان معزول عن أراض يحتلها النظام، وكان فك الحصار قضية نفسية لا أكثر ولا أقل.
كيف تاه نصر الله بين خطتي جبهة النصرة وتنظيم الله؟
من المعروف عن خطط جبهة النصرة أنها لم تكن ترسل الاستشهاديين إلا إذا كان أمامها عدو يقاتل. أما تنظيم الدولة فكان يرسل انتحاريين ضد تجمعات، سواء أكانوا مقاتلين أم غير مقاتلين، وسواء أكانوا من النظام أو من الفصائل الجهادية. وباعتبار أن جبهة القلمون كانت تسيطر عليها جبهة النصرة، كان نصر الله مطمئنا. فالضاحية الجنوبية لن يأتيها استشهادي من قبل جبهة النصرة. نام نصر الله في العسل ليستيقظ على منام موحش يصفعه فيه تنظيم الدولة! وأي صفعة؟ في برج البراجنة، فتخلف 43 قتيلا وأكثر من 200 جريح والحبل على الجرار.