الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مع النظام "العلوي" ضد العلويين

مع النظام "العلوي" ضد العلويين

25.03.2018
فادي آدم


القدس العربي
السبت 24/3/2018
معادلة غريبة ليست بالجديدة لكنها ظهرت بوضوح خلال الحرب السورية بعدما كانت تستتر لعقود تحت قناع العيش والتعايش والمداراة والخوف قبل الحرب.
ملخص هذه الفكرة المتناقضة هي ازدواجية عملية ونفسية عاشها السوريون جمعت بين رضوخهم وتعايشهم وتعاملهم مع النظام الذين يسمونه سرا وبالتضامن بالنظام العلوي في الوقت الذي يضمرون فيه احتقارا وكراهية غير معلنة للعلويين.
ولا أتحدث هنا عن القطاع الواسع من الشعب السوري المقهور المجبر بطبيعة الحال على الرضوخ لنظام فاشي قمعي لا يرحم لكني أتحدث عن طبقة برجوازية عليا سنية بشكل خاص تعاملت اختياريا مع النظام، وكونت معه شبكات مصالح وعلاقات نفعية واسعة النطاق ليست اقتصادية فحسب بل اجتماعية أيضا بما فيها علاقات مصاهرة وزواج في الوقت الذي كانت تلك الطبقة السنية المتحالفة من النظام تنظر للعلويين على أنهم طائفة أو فئة او حتى طبقة رثة مارقة بعيدة عن الإسلام غزت البلاد واستولت على خيراتها
لا يمكن أن نأخذ الشعب السوري المقهور بجريرة هذه الطبقة السنية المتمولة "الكلاس" فهو كان مضطرا إلى إظهار شيء واضمار شيء تعايشا مع ظروف أقوى من الجميع رغم أن الطبيعة العاطفية للشعب كانت تجعله يتعاطف أحيانا في مناسبات أو ظروف معينة مع العلويين الفقراء لاسيما حين اختلط العلويون مع بقية المجتمع السوري عبر أبنائهم الجامعيين أو العاملين والموظفين فبدت حقيقة هذه الطبقة من المجتمع السوري.
لم تنته هذه المسألة المحيرة عند هذا الحد فالأمر المثير حقا جرى بعد ذلك، وعلى نحو فاقع، مع بداية الغزو الأمريكي للعراق، فقد أعلن مشايخ النظام السنة الجهاد ضد الأمريكيين في العراق، وراحوا يجمعون المتطوعين للقتال في مساجد حلب وبعض المدن، كانت هذه سابقة في تاريخ النظام أن يسمح علنا بالدعوة للجهاد ويقدم دعما لوجستيا للمقاتلين وصولا إلى الحدود العراقية، فعل النظام ذلك خوفا على بقائه في الحكم بعد أن استشعر الخطر من سقوط نظام صدام أو رضوخا لقرار إيراني ربما، لكن لا شك كانت مصلحة بقائه هي العامل الأقوى في مقاتلة الامريكان في العراق.
المجاهدون السوريون الذين تم تجميعهم ونقلوا إلى الحدود تزودوا داخل سوريا أو في العراق بعدتهم النظرية الجهادية فيما يسمى بـ "ضوابط التكفير " ومن ضمن هذه الضوابط تكفير "الرافضة" وهم في مذاهب الفقه الأربعة الشيعة والعلويون والاسماعيليون والدروز.
كان جهاديو سوريا إذن يدافعون عن النظام العلوي فعليا في الوقت الذي يكفرون فيه العلويين ولو نظريا.
استمرت هذه المعادلة الغريبة وصولا إلى الحرب السورية ففي خضم هذه الحرب القذرة نكتشف أمثلة عديدة تؤكد نظريتنا هذه "دعم النظام عمليا وتكفير الطائفة"، من تلك الأمثلة واقعة معركة كفرية والقرى العلوية العشر في ريف اللاذقية التي اجتاحتها قوات جبهة النصرة بتمهيد وتعاون من النظام وفق شهود من أبناء تلك القرى أكدوا أن النظام سحب قواته قبل ثلاثة أيام من بدء الغزو النصراوي وترك العلويين المدنيين دون أي حماية لا أهلية ولا عسكرية.
هنا تم تطبيق المعادلة حرفيا تم قتل مدنيين علويين من قبل الإسلاميين التكفيريين خدمة لسياسة النظام في ريف الساحل العلوي وجوهها دفن اية بذور لمعارضة علوية معلنة على نطاق واسع.
جبهة النصرة منعت تظاهرة درزية في السويداء ضد النظام باستباقها بشن حملة دعائية على الجبل.
اما المثال الفاقع على صحة هذه المعادلة فيأتي من تنظيم الدولة في منطقة سلمية حيث انسحبت قوات النظام وشليحته من إحدى قرى السلمية، مما سمح للتنظيم بغزوها وارتكاب مجزرة فيها بحق المدنيين، وكلهم معلومون للنظام، كما انسحب النظام أكثر من مرة من بعض نقاطه العسكرية وسمح للتنظيم بالاستيلاء على أسلحة وذخائر.
تنظيم الدولة وبعض المنظمات الجهادية قتلت مدنيين علويين واسماعليين وبعضهم معارض للنظام، فقط بسبب انتمائهم الطائفي.
سمح النظام أكثر من مرة بعبور قوافل ضخمة تابعة لتنظيم الدولة عبر البلاد وفي وضح النهار ومؤخرا نقل قوات من داعش إلى حماه تبريرا لقصفها. وبعد.. أين تتقاطع هذه الوقائع وإلام تنتهي؟
نعتقد أن ما ننتهي إليه يجب أن يطمئن العلويين أن العداء السني لهم في سوريا هو عداء نظري فحسب يصح وصفه بأنه تكفير فقهي أو عداء اسلامي "فولكلوري" وليس عداء حقيقيا فعليا مجسدا.
التقطت هذا الاستنتاج وثيقة تاريخية علوية أطلقت قبل سنتين تحت اسم " الابتدار العلوي" لم تحظ باي اهتمام من المجتمع السوري وتم تجاهلها خصوصا من قبل المعارضة السورية.
تقول هذه الوثيقة أن الاضطهاد الذي وقع على العلويين السوريين لم يكن من قبل السنة السوريين بل كان تحديدا من الإمبراطورية العثمانية وتقترح هذه الوثيقة مد اليد للسنة السوريين باعتبارهم شركاء تاريخ ومستقبل وأبناء وطن واحد.
لكن الملفت أن النظام "العلوي" أدان هذه الوثيقة العلوية الوطنية وأوعز لأحد مشايخه وهو متمشيخ علوي شاب غير معروف، لإدانة هذه الوثيقة والبراءة منها وإعلان الولاء للنظام.
 
كاتب سوري