الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هدنة أم اتفاقية تقسيم روسية أمريكية وحرب استراتيجية على العملاق التركي؟

هدنة أم اتفاقية تقسيم روسية أمريكية وحرب استراتيجية على العملاق التركي؟

01.03.2016
غادة الشاويش


القدس العربي
الاثنين 29-2-2016
اتفق اللاعبون الكبار على التقسيم والخرائط الجديدة ومناطق النفوذ. وما على اللاعبين الإقليميين الصغار الا الدخول في بيت الطاعة والا!.. هذا ما يشي به اتفاق الهدنة المعلن المشكوك في نجاحه، وتشي به ايضا تصريحات وزير الخارجية الأمريكي كيري حول الهدنة واحتمال التقسيم ان لم يتوقف اطلاق النار.
وتشير التسريبات إلى ان الأمريكيين والروس اتفقو ا على الإبقاء على الرئيس الأسد حتى نهاية العام 2017 ريثما يتم القضاء على القوى الإسلامية المعتدلة منها والمتشددة والتي ترى فيها روسيا وأمريكا واسرائيل خطرا أمنيا يمكن ان يملأ فراغ السلطة في سوريا، وتنظر اليه بنفس العين التي تذكرها بأفغانستان والشيشان وهجمات 11 ايلول. كما تم الاتفاق على قيام كيان كردي في الشمال السوري الغني بالغاز وعلى الحدود الجنوبية لتركيا تتقاسم فيه النفوذ روسيا وأمريكا بحيث يتمتع الاميركيون بنفوذ على منطقة شرق الفرات والروس على غربه، حيث سيكون الكيان الكردي مقدمة لتفتيت تركيا وشن حرب استراتيجية عليها، وإقامة كيان كردي متواصل مع عمقه الانفصالي في تركيا، يضمن قيام جوار صديق للدولة العلوية الممتدة من الساحل السوري شمالا وحتى دمشق وريفها جنوبا، حيث التواجد العسكري الروسي في اللاذقية ليس بعيدا عن الحدود التركية.
الموقف في الشمال
القصف الروسي على مناطق الشمال السوري والدعم الأمريكي للتقدم الكردي وتجاهل أمريكا للغضب التركي وتفضيلها ارهابيي YPGعلى دولة ذات وزن جيوسياسي وعضو في الناتو كتركيا، يأتي في سياق رغبة اميريكية بالحفاظ على الاتفاق الذي تم تحت الطاولة مع الروس لتقاسم الشمال الغني بالغاز، ولشن حرب استراتيجية على تركيا العدالة والتنمية، والتي يرى فيها الاميركيون والروس والإسرائيليون والإيرانيون وبعض دول العربية خطرا استراتيجيا كبيرا. فتركيا العدالة والتنمية مولود يجب ان يوأد قبل ان يتحول إلى رقم إقليمي صعب، خصوصا وأنها رقم 18 على العالم في القوة الاقتصادية وعاشر أقوى جيش في العالم لديه خبرة استثنائية في حرب الجبال وقدرة على التعامل مع أحدث الأسلحة التي ساهمت عضوية تركيا في الناتو في تلقيها والتدرب عليها، فضلا عن ان تركيا ستكتفي ذاتيا في مجال التصنيع الحربي وستستغني عن الولايات المتحدة والمانيا بحلول 2023 حيث ترى اسرائيل في تركيا العدالة والتنمية داعما للمقاومة الفلسطينية، وان تركيا ترمي إلى دعم غزة كنقطة لضرب الاحتلال في العمق في الضفة ووراء الخط الاخضر واختراق مصر لازاحة السيسي وإعادة حكم الاخوان. وهذا في حين يرى الإيرانيون في تركيا خصما اقليميا قويا جدا يتمتع بعمق سني ويمثل حنينا لشعوب المنطقة للعودة إلى المظلة العثمانية في ظل التغول والتوحش الإيراني المذهبي الدموي على شعوب المنطقة، والتوحش الإسرائيلي، والاتفاق الاميريكي الروسي الإيراني على الهيمنة على المنطقة وتسليمها لطهران واسرائيل.
يدرك الاتراك ان القصف الروسي تم بضوء اخضر أمريكي وبتشجيع إيراني – أسدي لتهجير ما بقي من سكان المنطقة الشمالية تمهيدا لتغيير ديمغرافي،وكذلك لاغراق تركيا ومن خلفها دول اوروبا بحركة لجوء جديدة كانتقام على إسقاط الطائرة الروسية، ودعم مناوئي الأسد، وكرد على الدور الاوروبي في القرم.
الاتراك بدورهم سيستمرون في القصف ان لم تلتزم روسيا بالهدنة، وتركيا تغلق حدودها نكاية بالروس في وجه حركة لجوء جديدة. وفي حال ان تركيا لم تتلق الدعم الكامل من الناتو، ستسمح بتدفق اللاجئين علنا إلى اوروبا الغربية، الأمر الذي دفع الالمان وبعض الدول الغربية إلى تأييد االتحرك التركي، ودعم إقامة منطقة عازلة في الشمال السوري منعا لتدفق اللاجئين، كما يتوقع ان تحاول تركيا ان تستدرج روسيا إلى اشتباك يقع ضمن حدودها (حدود الناتو)، والذي سيجد نفسه مضطرا للرد على اعتداء وقع على دولة عضو.
االروس ضغطوا ايضا على لاعبيهم الصغار في سوريا، حيث ترفض طهران تنحية الأسد، ووقف النار وتميل والأسد إلى التصعيد العسكري، و استثمار التفوق المنجز مؤخرا على الأرض عبر الغطاء الجوي الروسي، للتمدد إلى نقاط ابعد من الدولة العلوية على الساحل، والتي تعتبر الخيار الوحيد لبقاء الأسد.
عصيان الأسد للاوامر الروسية، كشف ان الاخير تلقى دعما من طهران لرفض الهدنة و الانتقال السياسي، والتمتع بحق الترشح، وهذا ما اكدته محادثات وزير الدفاع الروسي مع روحاني في طهران، حيث ذكر الاخير انه لولا الدور الروسي لانهار الأسد والميليشيات الشيعية على الارض وان على طهران ان تنصاع هي وميليشاتها والأسد لاوامر التنحي، جاء الرد باردا من روحاني والذي اكد على ان طهران لن تقبل بوقف اطلاق نار قبل ازاحة الثوار بالكامل من المنطقة الشمالية والجنوبية الواقعة على الحدود الأردنية الإسرائيلية التي تريدها طهران ورقة بديلة عن الجنوب اللبناني.
ودول الخليج مستاءة من صفقات اس 300 وصفقات سوخوي 30، التي ستكسر التفوق الجوي العسكري ا لخليجي على طهران المتفوقة في مجال الصواريخ الباليستية، وترى فيها اخلالا للتوازن العسكري بين الافرقاء في المنطقة،و ردا روسيا على التسريبات التي قالت ان السعودية قد تخرق القرار الاميركي وتختار في مواجهة القصف الروسي الخيار الافغاني، وتزود الثوار بمضادات طيران Manbads التي قد تلغي فاعلية الغطاء الروسي الجوي للاسد وميليشيا طهران، وترى ان صفقة اس 300 قد تعدل الميزان لصالح إيران في اليمن، اذا تم تزويد الحوثيين بها.
ترمي السعودية إلى تنفيذ تدخل بري عبر قوات خاصة، وبغطاء جوي من التحالف في المنطقة الجنوبية، على عكس الاتراك المهتمين بالشمال الذي يرونه عاجلا وملحا، وينظر الروس والأسد إلى تسلم الأردن المعابر في المنطقة الجنوبية على انه مقدمة لمنح السعودية قاعدة جوية و عبور لوجستي لقوات خاصة إلى سوريا تتولى مهام الاشتباك مع قوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله المتمركزة على بعد 20 كم من الحدود الأردنية، كما سجلت حركة قصف روسي غير مسبوقة للثوار في مثلث الحدود الأردنية السورية مع كيان الاحتلال ترمي إلى ازاحتهم شرقا وتمكين الكتيبة 71 للجيش السوري ودعمها،الامر الذي سبق وعبر ت عنه المؤسسة الامنية الإسرائيلية بالرضا ومؤكدة ضرورة التعاون الامني مع طهران والأسد ضد "منظمات الجهاد العالمي".
لكن لوحظ معها تحليق كثيف للطيران الحربي الإسرائيلي والروسي!! في السماء السورية!! ما يشي اما بتفاهمات روسية إيرانية اسرائيلية، أو احتمال تحول مثلث الحدود الجنوبية إلى منطقة حرب خطرة جدا ان لم تكن هذه التفاهمات موجودة،و ستتطلب تدخلا اميركيا. ولعل هذا ما قصده كيري بتدخل محدود للتحالف، وربما ضم الجزء الجنوبي إلى الأردن الذي زود من قبل أمريكا بثلاثين بطارية باتريوت، ما يعني ان امن اسرائيل في الواجهة، وان الأردن قد يتلقى ردا صاروخيا من قبل طهران والأسد أو اجتياحا داعشيا منسقا معهم، لسماحه بتدخل بري للسعوديين بغطاء جوي أمريكي ضد الوجود الإيراني وبأيد روسية نظيفة.