الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أبْعـد من المنطقة «العازلة»!

أبْعـد من المنطقة «العازلة»!

11.04.2013
صالح القلاب

الرأي الاردنية
الخميس 11/4/2013
عندما يقول وزير الخارجية البريطاني ولْيم هيغ إنَّ سوريا تتحول إلى أكبر كارثة إنسانية في القرن الحادي والعشرين وعندما يهدد بشار الأسد ، في حديث مشترك لقناة «أوصال» وصحيفة «إيدنليك» التركيتين، بأنه إذا حدثت في بلده إضطرابات تصل إلى مرحلة التقسيم أو سيطرة «القوى الإرهابية»!! فإنه لابد من أن ينتقل هذا الوضع إلى الدول المجاورة ولهذا فهل من الحكمة والمنطق والعقل بعد هذا أن يبقى الأردن حتى بمواقفه الرسمية يضع يديه على عينيه ويواصل سياسات المساحات الرَّمادية..؟!.
لقد كان ضرورياً أنْ يبقى الأردن ينأى بنفسه عن التدخل في أوضاع سوريا الملتهبة وأن يبقى يتحدث ويصرُّ على ضرورة إخراج هذه الدولة الشقيقة المجاورة مما هي فيه بالوسائل السياسية ولذلك فإنه كان الأكثر إندفاعاً وحماساً لتلك المبادرة العربية التي كان عنوانها الجنرال محمد الدابي ولمهمة المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي ولقرار جنيف الثاني ولكل المحاولات التي جرت في هذا الإتجاه.
لكن عندما يثْبُتُ بالأدلة القاطعة والحاسمة على أن بشار الأسد ، بدعم من إيران وروسيا بكل أشكال الدعم، مصرٌّ على البقاء في الحكم حتى ولو أصبح الشعب السوري كله إمَّا من سكان المقابر وإما من المشردين والمهجرين في الدول المجاورة ، وفي مقدمتها الأردن، وفي أربع رياح الأرض فإنه لابد من مراجعة سياسة التعامي عن رؤية كل هذه الحقائق وكل هذه الويلات والمآسي وأيضاً كل هذه التحديات الفعلية للإستقرار والأمن الأردني وإنه لابد من إدراك ، والآن وليس غداً، بأن الإستمرار بالإختباء وراء إصبع اليد ستكون نتائجه مكلفة جداً وهذه تجارب التاريخ البعيد والقريب أمامنا وعلينا أن نتعلم منها دروساً كثيرة.
إنه بالأساس ومن حيث المبدأ لا مصلحة للأردن في أن يتدخل في كل هذا الذي بقي يجري في سوريا وعلى مدى أكثر من عامين وأنه كان من الضروري أن يبقى يتمسك بالحلول السلمية والسياسية لهذه المأساة المدمرة التي حلَّت بدولة مجاورة شقيقة لكن وعندما يَثبُتُ أنه لا أمل بأي حلول سلمية على الإطلاق وأنَّ بشار الأسد مصرٌّ على الإستمرار بسياسة :»عليَّ وعلى أعدائي» وأنه لا يهدد فقط وإنما يمارس عملية تصدير أزمته إلى الدول المجاورة وفي مقدمتها هذا البلد فإنه لابد من المسارعة لمراجعة سياسة «النأي بالنفس» وأنه لابدَّ من أنْ تتحول مواقفنا من مجرد المراقبة و»الفُرْجة» ، بينما النيران وصلت إلى أقدامنا وبينما يتقصد هذا النظام إغراق بلدنا بكل هذه الأمواج المتلاطمة من المهجرين، إلى ما يسمى سياسة «الدفاع الإيجابي» التي تعني عسكرياً المبادرة إلى مواجهة من يستهدفك على أرضه وألاَّ تسمح له بالوصول إلى أرضك أو الإقتراب منها.
إنه لا يجوز أن نبقى نلوذ بالمساحات الرمادية وبموقف اللاموقف عندما يصر النظام السوري على إستهدافنا بكل هذه الأمواج المتصاعدة من الأشقاء ، الذين يجري تهجيرهم من وطنهم ومن منازلهم ومدنهم وقراهم بالقوة والذين لا نستطيع إغلاق أبواب بلدنا أمامهم، وأيضاً عندما يواصل بشار الأسد إطلاق تهديداته بنقل ما يجري في سوريا إلى الدول المجاورة فالفرز أصبح إمَّا مع الشعب السوري والحفاظ على وحدة هذه الدولة العربية الشقيقة المجاورة وحتى بالقوة وبدعم المعارضة السورية بكل أشكال الدعم وإما مع هذا النظام الديكتاتوري الإستبدادي ومع إيران التي لم تعد هناك حاجة إلى المزيد من الإثباتات على أنها صاحبة مشروع طائفي صفوي يستهدف الشرق الأوسط كله.
إنه كان بالإمكان إيجاد مبررات قد تكون مقنعة لسياسة النأي بالنفس عندما كان هناك أملٌ بحل هذه الأزمة الملتهبة عند الخاصرة الأردنية بالطرق السياسية والوسائل السلمية أمَّا وقد جعل إصرار نظام بشار الأسد أنه لا خيار إلاَّ خيار الحسم العسكري فقد أصبح علينا أن نتخلى عن هذه السياسة التي تجاوزتها الأحداث والوقائع التي استجدت بعد عامين منذ بداية هذه الأحداث الدامية وقد أصبح ضرورياً أن ندرك أنَّ حتى المنطقة العازلة التي يجري الحديث عنها لم تعد كافية لحماية بلدنا من الفوضى وعدم الإستقرار ومما هو أكثر من هذا وبالتالي فإنه علينا أن ندعم المعارضة السورية ممثلة بالجيش الحر وبالفصائل الوطنية وبكل وسائل الدعم وكل هذا حتى لا نجد أننا مضطرون لإستخدام قواتنا المسلحة وبصورة مباشرة وعلى أساس أنه لم يعد هناك أمامنا أيُّ خيارٍ إلاَّ هذا الخيار..الذي هو آخر الخيارات!!.