الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أخيرا نزع العرب عن النظام السوري شرعيته..

أخيرا نزع العرب عن النظام السوري شرعيته..

02.04.2013
خيرالله خيرالله
المستقبل

المستقبل
الثلاثاء:2 -نيسان -2013
اخيرا حزم العرب امرهم. قالوا بصوت واحد أنه لا يمكن لنظام امضى اكثر من اربعة عقود في ابتزازهم بشكل يومي الاستمرار في ذلك الى ما لا نهاية. كانت قمة الدوحة حدّا فاصلا. وضعت حدّا لشرعية نظام لا علاقة له بالشرعية وضع يده على سوريا في العام 1970 وسمّاها "سوريا الاسد". ليس معروفا الى اليوم كيف وجد هذا النظام المنبثق عن انقلاب عسكري لنفسه شرعية، علما أنّ كلّ ما يتقنه هو اذلال السوريين والمتاجرة بفلسطين والفلسطينيين ولبنان واللبنانيين وكلّ ما تقع يده عليه.
كان النظام السوري، الذي اتخذ العرب للمرة الاولى موقفا حقيقيا منه، خبيرا في الابتزاز ولا شيء آخر غير الابتزاز. لم يعرف يوما قيمة سوريا والسوريين. لذلك، كان، مثله مثل أي نظام يعادي شعبه في حاجة الى شرعية. كان في معمعة مستمرة هي معمعة الهرب الى الخارج. هذا ما فعله معمّر القذّافي. وهذا ما فعله صدّام حسين. بات معروفا كيف انتهى القذّافي وقبله صدّام حسين. لماذا اذا اضاعة الوقت في التساؤل عن كيفية انتهاء النظام السوري. النهاية معروفة. المسألة مسألة وقت فقط. اما لماذا اطالة حياة النظام السوري، فهذا عائد الى سبب واحد هو ان هناك من يريد تدمير سوريا وتدمير ما بقي فيها من مؤسسات، بما في ذلك الجيش السوري، على غرار ما حصل في العراق...
ما حصل في قمة الدوحة، بفضل شبه اجماع عربي، يتمثّل في أنّ العرب اقدموا على خطوة كان مفترضا بهم الاقدام عليها في العام 1975 عندما بدأت الحرب الاهلية في لبنان. كانت تلك حربا اهلية كما كانت في الوقت ذاته حروب الآخرين على ارض لبنان. لم تكن تلك الحرب التي وقف خلفها وغذّاها النظام السوري سوى مؤامرة على لبنان واللبنانيين والفلسطينيين في الوقت ذاته. كان مطلوبا من الفلسطينيين الاعتداء يوميا على السيادة اللبنانية وعلى مؤسسات الدولة اللبنانية من اجل تبرير التدخل السوري في لبنان.
بدأ التدخل بحجة حماية المسيحيين من المسلمين ومن الفلسطينيين، علما ان سلاح الميليشيات المسيحية وسلاح الفلسطينيين والمسلمين اللبنانيين كان مصدره واحد. كان النظام السوري المصدر والممر لهذا السلاح الذي كان يوزع بالتساوي على كلّ من يريد تخريب الوطن الصغير.
استمر التدخل السوري بعد ذلك باشكال مختلفة من اجل تحقيق هدف واضح يتمثّل في وضع اليد على لبنان. وقد لعب النظام السوري من دون ادنى شكّ دورا رئيسيا في دفع المسيحيين في مرحلة معيّنة في اتجاه اسرائيل وذلك كي تسهل عليه عملية السيطرة عليهم بحجة أنّهم يتعاونون مع "العدو الغاشم".
تبيّن لاحقا أن المتعاون الحقيقي الوحيد مع هذا "العدو الغاشم" كان النظام السوري الذي نفّذ كلّ ما يريده العدو بدءا باثارة النعرات الطائفية والمذهبية في سوريا ولبنان والعمل بشكل دؤوب على ابقاء هذه النعرات حيّة.
وسط كلّ ما جرى في لبنان، كان النظام السوري يوزّع شهادات في الوطنية. كان يخوّن من يشاء ويرضى على من يشاء. ولكن في كلّ وقت من الاوقات كان يلعب على حبل تغذية الحساسيات المذهبية والطائفية من اجل تبرير وجوده في لبنان وخلق شرعية ما له...ولو كان ذلك على حساب كلّ لبناني وفلسطيني وعربي كان يعتبر لبنان بوابته الى كلّ ما هو حضاري في هذا العالم.
بحثا عن شرعية ما هرب القذّافي الى التشاد في مرحلة معيّنة. وتدخل في لبنان بشكل وقح. ووصل به الامر الى لعب دور اساسي في دعم جماعة جبهة "بوليساريو" التي تستخدم في عملية استنزاف المغرب انطلاقا من الجزائر.
اما صدّام حسين، الباحث بدوره عن شرعية ما، فقد خاض حربا مع ايران بعد سنة من توليه الرئاسة صيف العام 1979. وكان يفكّر في كلّ وقت في كيفية التدخل في لبنان قبل ان ينتهي بمغامرته المجنونة في الكويت، وهي المغامرة التي اوصلته في نهاية المطاف الى حيث وصل.
تأخر العرب كثيرا في الاقدام على مبادرة سحب الشرعية من النظام السوري. ولكن ان يفعلوا ذلك ولو متأخرين، يظل افضل من ان لا يقدموا ابدا. فقد تبيّن اخيرا أن العامل الحاسم وراء سحب الشرعية من النظام كان الشعب السوري نفسه الذي ما زال منذ ما يزيد على نصف قرن يقاوم نظام ظالم وصل الى السلطة عبر انقلاب عسكري في الثامن من آذار- مارس 1963.
اثبت الشعب السوري عبر الخطاب الذي القاه الشيخ معاذ الخطيب، الذي شغل مقعد سوريا في القمة العربية، أنّه يرفض الاستسلام. أكد أنه قادر على استعادة وحدته على الرغم من كلّ ما فعله النظام العائلي- البعثي الذي كان في واقع الحال نظاما طائفيا سعى في كلّ وقت منذ العام 1970 الى اقامة ما يسمّى حلف الاقليات. هذا الحلف الذي جرّ الويلات على سوريا والسوريين وادى الى كوارث حلت بلبنان واللبنانيين.
في اساس كلّ ما حصل كان البحث الدائم عن شرعية. لم يكتشف النظام في الماضي ولن يكتشف يوما أن مثل هذه الشرعية لا يمكن ان يحصل عليها لا عبر احتلال لبنان ولا عبر المتاجرة بالفلسطينيين وقضيتهم ولا عبر اقامة حلف ذي طابع مذهبي مع ايران. حتى العرب كفروا به اخيرا بعدما عجز عن التصالح مع شعبه مع ما يعنيه ذلك من نتائج على الارض. النتيجة الاولى هي الرحيل اليوم قبل غد، ولا شيء آخر غير ذلك