الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التحقيق الدولي باستخدام الكيماوي .. السحر إذ ينقلب على النظام السوري

التحقيق الدولي باستخدام الكيماوي .. السحر إذ ينقلب على النظام السوري

10.04.2013
علي الرشيد

الشرق القطرية
الاربعاء 10/4/2013
لا يزال النظام السوري يعتقد أنه بحجب المعلومات وتزييفها، وتغييب أو منع وسائل الإعلام يستطيع قلب الحقائق، وخداع الرأي العام والمجتمع الدولي، وإقناعهما بروايته الرسمية، ظنا منه بأن ذلك سيغير من الوقائع على الأرض، أو القناعات به، بعد أن ثار شعبه ضده طلبا للحرية والكرامة منذ أكثر من عامين
لم يبق نوع من الأسلحة بكافة صنوفها، البرية والجوية البحرية، الخفيفة والثقيلة، قذائف الطائرات والمدافع والصورايخ الباليستية والسكود، والغازات والأسلحة الكيميائية إلا واستخدمها النظام الدموي ضد شعبه، ومع ذلك فإن النظام ينكر أنه يقوم بقتل شعبه، والأنكى أنه يحاول تلبيس هذه الأفاعيل الإجرامية للجيش الحر والحراك الثوري لخلط الأوراق، من أجل وصمهما بالإرهاب على طريقة المثل: "رمتها بدائها وانسلت".
ولأن موضوع الأسلحة الكيميائية بالغ الحساسية، على الأقل بالنسبة للغرب، ليس بالضرورة من منظور أخلاقي، وإنما حرصا على أمن الكيان الصهيوني أو وقوع السلاح بأيدي جهات يصنفها في خانة الإرهاب، فقد حاول النظام السوري أن يلصق تهمة استخدامه بالجيش الحر وجماعات النصرة والقاعدة، في منطقة خان العسل قرب حلب، الشهر الماضي، وذهب أبعد من ذلك عندما قال وزير إعلامه إن حكومته ستتوجه للمنظمات الأممية للادعاء والشكوى على الدول التي سلّحت المعارضة بأسلحة محرمة دوليا، وستطالب بالتحقيق الدولي في هذا الحادث تحديدا، لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر، عندما طالبت الأمم المتحدة بالتحقيق في كل المزاعم التي أثيرت من قبل حول استخدام أسلحة كيميائية في سوريا، وليس في الحادثة التي حاك النظام خيوطها وأراد التحقيق بها حصرا، لحاجة في نفسه.
لقد انتفض النظام والمدافعون عنه عندما علموا بأن تحقيقات الأمم المتحدة ستطال مناطق غير حلب، أي أنها ستشمل جميع المواقع والمناطق التي تثور مزاعم عن أن أسلحة كيماوية استخدمت فيها، كما ورد على لسان بان كيمون الأمين العام للمنظمة الدولية، بما في ذلك حمص ودمشق حتما، حيث يوجد لدى المعارضة شكوك شبه مؤكدة باستخدام جيش النظام للسلاح الكيمائي ضد الثوار والمدنيين فيهما. وبسبب ذلك أعربت الخارجية الروسية عن غضبها من توسيع نطاق التحقيق ودعمها لرفض حليفها ـ النظام السوري ـ له، وقارنت بينه وبين التحقيق الذي سبق الغزو الأمريكي للعراق.
ويبدو أن النظام رتّب لحادثة ضرب خان العسل التابعة لحلب بسلاح كيميائي، بعناية فائقة على نحو، يُظهر تورط الثوار فيها، وكان يريد أن يتم التحقيق بها حصرا، لتوصله إلى عدة أهداف تخدمه ـ كلها أو بعضها ـ:
ـ محاولة نفي تهمة استخدامه للأسلحة الكيمائية، والتي تؤكد القرائن أنه استخدمها في الشهر الحادي عشر لعام 2011، عند اقتحام حي بابا عمرو بحمص، ثم في دمشق بعد ذلك. أو الأقل كي يساوي فعله بفعل الضحية.
ـ تبرير استخدامه للسلاح الكيميائي بزعم أن الثوار استخدموه قبله (رد فعل أو دفاع عن النفس)، خصوصا أنه ربما سيستخدمه بصورة أكبر كما تشير التوقعات، كلما دنت ساعة سقوطه النهائي.
ـ محاولة العزف على وتر مخاوف الغرب من وقوع السلاح الكيماوي في أيدي الجماعات الجهادية، للتأكيد على أن ثمن رحيله سيكون باهظا، كما سبق أن ردد ذلك مرارا وتكرارا، لعدة أسباب، ومن ضمنها تهديد الأمن القومي لإسرائيل ودول أخرى، بسبب خروج الأمور عن السيطرة، وتفلت زمام الأمور، ومن ثم وقوع الأسلحة الكيمائية، بيد هذه الجماعات.
لكن النظام غفل أو تغافل عن جملة أمور لعل أهمها:
ـ إمكانية أن يطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحقيق شامل، كما حصل فعلا، بغضّ النظر عن دوافعهم من وراء ذلك.
ـ أنه سبق له أن أقرّ وللمرة الأولى في يوليو 2012 بامتلاك أسلحة كيماوية، وهدد باستخدامها إذا تعرض لتدخل عسكري غربي، وإن ادعى حينها أنه لن يستخدمها في أي ظرف ضد شعبه.
ـ أن المجتمع الدولي قد حمَّله المسؤولية ـ وتحديدا رأس هرمه: بشار الأسد ـ عن تخزين وحفظ هذا السلاح، واعتبر أنها تقع على عاتقه وحده، بما في ذلك أي انفلات للسلاح الكيميائي أو انتقال له.
قد لا تكون الولايات المتحدة في طلبها للتحقيق الدولي في استخدامات السلاح الكيميائي آبهة لما لحق الشعب السوري بسببه، أو بسبب أسلحة الدمار الأخرى والأسلحة المحرمة دوليا، وإنما لخشيتها على أمن حليفتها إسرائيل، وخوفها من وصول هذا السلاح للجماعات الموالية للأسد كحزب الله، أو لجماعات جهادية سورية ثائرة.
ومع ترنح النظام بفعل قوة ضربات الثوار في الآونة الأخيرة ستكون عين الأمريكان والأمم المتحدة مفتوحة على السلاح الكيميائي بصورة أكبر، لأنهم سيتوقعون أن يلجأ لاستخدامه بشكل أوسع مما مضى أو يحاول تحريكه ونقله، في محاولة منه لإطالة عمره أو الانتقام قبل رحيله، لذا سيحاولون التدخل فورا وضبط هذا السلاح، وبذلك يكون طلب النظام بالتحقيق الأممي في حادثة خان العسل قد جرت عليه ما لا يحمد عقباه.
وبغض النظر عن الاختلاف في الدوافع حول التحقيق في استخدامات السلاح الكيماوي فإن ذلك سيصب في خانة الشعب السوري الذي يعاني من جرائم هذا النظام، وربما يضع حدا لمجازره، وفي صالح الثورة السورية التي سيتضح أنها بريئة من استخدام السلاح، خصوصا أنها لم تعترض على طلب التحقيق