الرئيسة \  واحة اللقاء  \  «سايكس - بيكو» جديدة بنكهة أميركية - روسية!

«سايكس - بيكو» جديدة بنكهة أميركية - روسية!

09.05.2013
د. وائل الحساوي

الرأي العام
الخميس 9/5/2013
حاولت تفسير ما ذكره وزيرا الخارجية الأميركية والروسية في مؤتمرهما الاعلامي من اتفاقهما على تشكيل حكومة انتقالية موقتة في سورية من النظام والمعارضة لإدارة البلد الى ان تنتهي المشكلة، فهل يعني ذلك ان يُطلب من بشار الأسد ترشيح شخصيات معتدلة تابعة للنظام أمثال وليد المعلم او ماهر الأسد لتجلس مع الجيش الحر او ائتلاف المعارضة؟! وهل سيتفق الطرفان على توزيع الحقائب الوزارية بينهما فيحصل ممثلو النظام على سبيل المثال على حقيبتي الدفاع والداخلية بينما يتولى الثوار وزارتي التربية والمالية؟!
وهل سيطلب المجتمعون من الثوار إلقاء السلاح لأن النظام السوري سيضمن التحول السلمي في سورية وعودة الشعب السوري الى دياره وتعويضه عما أصابه - دون قصد - من رتوش من النظام، وهل سيطلب وليد المعلم من السوريين عدم المؤاخذة على قتل عشرات الآلاف؟
والعجيب هو ان وزير الخارجية الروسي كان يكرر القول بأن العصابات الاجرامية في سورية - ويقصد الثوار - سيعملون على تفتيت سورية إن تمكنوا من الحكم، فكيف سيتم تمثيل لمعارضة في الحكومة الانتقالية إن كانوا جميعا عصابات إرهابية؟!
إن ما تم بين الروس والأميركان لا يمكن تسميته إلا بأنها مؤامرة جديدة ضد الشعب السوري لا تقل إجراما عن اتفاقية (سايكس - بيكو) التي قسمت فيها بريطانيا وفرنسا الدول العربية فيما بينها لتستعمرها وتحكم شعوبها بالحديد والنار.
ولئن كنا لا نلوم الروس المجرمين على موقفهم لأن أياديهم ملطخة بدماء الشعب السوري منذ اندلاع الثورة ضد النظام، وأسلحتهم الفتاكة ما فتئت تقتل عشرات الآلاف من الأبرياء في سورية، لكن العجب من موقف الولايات المتحدة الأميركية التي كانت تخفي حقيقة موقفها المنافق من القضية السورية وتراوغ في بيان موقفها المبني على عدم رغبتها في سقوط نظام المجرم بشار الأسد الذي حمى ربيبتها إسرائيل 43 عاما من كل ما يهددها، كما قام بتدبير المؤامرات المتواصلة ضد الفلسطينيين واللبنانيين وتأمين جانبهم حماية لإسرائيل.
لقد جاءت ثورة الشعب السوري على جلاديه كالصاعقة على الولايات المتحدة التي رفعت شعار الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، وحاولت المماطلة بقدر الامكان في اتخاذ موقف حقيقي، وقد أخبرتكم منذ الشهر الاول لاندلاع الثورة بأن لهجة الرئيس الأميركي أوباما تدل على تخاذل أميركا بل وتآمرها ضد سورية، فقد كرر أوباما قوله بأنهم يشعرون بالقلق مما يجري في سورية، ثم ظننا بأن إعادة انتخابه رئيسا ستغير من موقفه، ثم تكلم عن ان استخدام السلاح الكيماوي هو خط أحمر، وبعد ان ثبت استخدام نظام بشار للكيماوي قال أوباما بأنه يحتاج الى وقت للتحقيق، ثم ذكر بأنهم يحتاجون لمزيد من التأكد ثم قال بأنهم قد تأكدوا ولكن لا يعلمون من كان وراء استخدام الكيماوي.
أقول للثوار في سورية، لا تحملوا الهم، فالنصر قادم بإذن الله رغما عن أنف العالم كله، وهو من عند الله تعالى وليس من أميركا وروسيا، ويكفي بأن هذه المواقف المتآمرة قد كشفت للعالم كله حقيقة تلك الأنظمة المتآمرة عليكم كما كشفت حقيقة أنظمة تتكلم باسم الإسلام وترفع رايته.
لو كنت مكان الثوار لقفلت أبواب النقاش والتفاوض مع جميع تلك الدول المتآمرة ولاعتمدت على الله تعالى وحده لتحرير سورية، فالشعب السوري الذي ضحى بتلك التضحيات الكبيرة لن يضيره ان يصبر سنة أخرى وأن يضحي بضعف ما ضحى به من رجال، ولكن سيثبت للعالم بعد ذلك بأن هؤلاء الذين يدعون بأنهم حماة الحريات وبأنهم القوى التي تدير العالم وتقول للشيء: كن فيكون، هؤلاء ليسوا إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ ولا يملكون حولا ولا قوة أمام إرادة الشعوب إذا أرادت الحصول على حريتها.
يقول الشاعر عبد الرحمن صالح العشماوي في قصيدته يا بلادي:
قدّمي يا أمتي كشف الحساب
فلقد بان لنا درب الصواب
ولقد أشرقت الشمس فما
عاد يُجدى صاحب الغدر نقاب
إنها الأحداث يا أمتنا
تكشف الزيف لنا من ألف باب
إنما الكون كتاب صادق
فاقرأي يا أمتي هذا الكتاب
أنا، كم ناديت يا أمتنا
وبعثت الشعر من قلبي خطاب
أنا، كم ناديت ألا تركني
لذئاب ترتدي فينا الثياب
أنا، كم ناديت ألا تمنحي
عهدك الصادق أشباه الكلاب
كيف ترجو أمتي عزتها
من دعي يحسب الصقر غراب؟
الشعارات التي يرفعها
كذب محض وشك وارتياب
إنني أسأل قومي بعدما
سال من ثغر الطواغيت اللعاب
هل رأيتم ملحدا يسعى الى
نصر دين، إن هذا لعُجاب
هل يصون الدم من في كفّه
من دماء المستباحين خضاب
ما عرفنا «البعث» إلا جيفة
لا يرى موقعها إلا الذباب
 
د. وائل الحساوي