الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سليماني و إخفاقات الاستخبارات الإيرانية

سليماني و إخفاقات الاستخبارات الإيرانية

13.11.2014
نجمة بزرجمهر



الحياة
الاربعاء 12-11-2014
جرت العادة في إيران على الاحتفاء بدور الابطال والإقرار بفضلهم بعد مماتهم وليس في حياتهم. ويُقبل النظام الاسلامي على الاشادة بدور القوات المسلحة، لكنه يخشى بروز شخصيات عسكرية تنقلب ذات يوم على حكم رجال الدين. لذا، وقع تداول صور قاسم سليماني، قائد عمليات "الحرس الثوري" الخارجية، وقعَ المفاجأة على كثر في إيران وخارجها. فهذا القائد، وهو في السابعة والخمسين من العمر، كان الى وقت قريب، أشبه بطيف متخفٍ أدرجته الادارة الاميركية على لائحة الارهابيين. وارتقى الى مرتبة البطل في إيران حيث نشرت وسائل الإعلام صوراً له في ميدان المعارك في العراق وهو ينسّق رد القوات الشيعية العراقية والكردية على "داعش".
ويتردد أن تسليط الضوء على دور سليماني في المغامرات الايرانية الخارجية العسكرية يرمي الى تشتيت الانتباه عن إخفاق الاستخبارات الايرانية في استباق التطورات الاقليمية، إثر سيطرة "داعش" على اراضٍ واسعة في العراق. ويرى مسؤول سابق رفيع المستوى أن نشر الصور هو علامة ضعف أكثر مما هو علامة قوة، وأنه يرمي الى إظهار سيطرة إيران على الوضع. فالصور هي رد على إخفاق كبير. وتسلم الجنرال سليماني قيادة "فيلق القدس" عام 2000. وأفلح في كسب احترام المعسكرين الإصلاحي والمحافظ. وهو مُخطط عسكري استراتيجي بارز، عُرف عنه الولاء العظيم للمرشد الأعلى. وإليه يعود الفضل في إرساء سياسة بسط نفوذ إيران وتحويلها قوة إقليمية والنأي بها عن توترات الشرق الأوسط عبر جبه الخصوم في دول أخرى، منها لبنان وسورية والعراق وأفغانستان.
ويرى النظام الإيراني ان سليماني قوَّض النفوذ الأميركي في المنطقة وأحبط العمليات الأميركية في العراق وأفغانستان. ودوره كبير في دعم "حزب الله" في حربه ضد اسرائيل وفي دعم بشار الأسد ومساعدته على البقاء في السلطة. لكن المراقبين يرون أنه لم يصب في كثير من المرات. وبعض الأخطاء هذه قديم، يعود الى الحرب مع العراق في الثمانينات. وأبرز أخطائه تلك التي ارتكبها إثر الربيع العربي في 2011. آنذاك أمل الجنرال سليماني بأن تغلب كفة بلاده في مصر والعراق ولبنان وسورية. ويقر أحد المسؤولين الايرانيين بأن طهران أخفقت في الحؤول دون إطاحة "الاخوان المسلمين" في مصر، وأن كلفة بقاء الأسد في منصبه باهظة مالياً وبشرياً، ودعمه فاقم مشكلات إيران مع تركيا ودول عربية. لكن الضربة الأشد لإيران كانت سقوط الموصل في يد "داعش" في حزيران (يونيو) الماضي. وأوفدت القيادة الايرانية المصدومة بما جرى سليماني فوراً الى العراق لحماية بغداد وبلدات كردية عراقية. وهناك، خرجت صوره في ميدان المعارك الى العلن، وأعقبتها صوره الى جانب قوات كردية. ويظهر في الصور البطولية جندياً مرتاح القسمات الى جانب مقاتلين عراقيين، لكن الصور تُظهر كذلك ان القتال اقترب من ايران. ويقول محلل سياسي إيراني ان معارك طهران العسكرية انتقلت بين ليلة وضحاها من المدن السورية القصية الى الحدود الإيرانية. وإثر بروز دور علي شمخاني، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، استنتج مراقبون أن طهران عيّنته كنظير سياسي للجنرال سليماني. وفي تموز (يوليو) المنصرم، أرسلت شمخاني الى العراق للاجتماع بآية الله علي السيستاني. وإثر الاجتماع سَحَبَت طهران تأييدها لنوري المالكي، ودعمت حيدر العبادي. ويُقال إن سليماني أيد بقاء المالكي في السلطة، واضطر الى القبول بتأييد طهران غريمه، على وقع تغيير سياستها في العراق لمواجهة "داعش".
والعقوبات على إيران تقيد قدراتها العسكرية الخارجية، ويُقال إن الرئيس حسن روحاني، رفض طلب سليماني زيادة موازنته العسكرية هذا العام، وأعلمه بأن الأولويات هي للغذاء والصحة. وعلى رغم هذه الانتكاسات، لم يتبدد نفوذ سليماني، وهو مقرب من خامنئي. ف "هو يسعى الى التأثير في السياسات الايرانية، لكنه يبقى جندياً يلتزم ما يقوله الأعلى رتبة".
* عن "فاينانشال تايمز" البريطانية، 9/11/2014، اعداد منال نحاس