الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قطع الطريق بين طهران ودمشق

قطع الطريق بين طهران ودمشق

30.04.2013
فايز الفايز

الشرق
الثلاثاء 30/4/2013
لا يمكن القبول بالمراوحة والصمت أكثر على جرائم النظام الأسدي التي ازدادت ضراوتها مؤخرا باستخدام أسلحة محرمّة، وبعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الثورة في سوريا ضد نظام الأسد الابن الذي ورث عن أبيه صلفا لا يدانيه صلف ضد شعبه، وهو الذي طالما أشبع العالم تنظيرا وأستذة في فن الدبلوماسية وصنوف الأدب السياسي لخدمة الشعوب، ثم يتناسى حين لحظة قيادية أن هناك من القيادات الكثيرين ممن سجلوا أسمائهم في صحيفة الرئاسة السورية منذ انتهاء حكم الملك فيصل حتى وصول حافظ الأسد سدة الحكم جرّاء انقلاب عسكري سيطر فيه الأسد عن طريق حكم الطائفة لحزب البعث الحاكم الذي اتخذه ذريعة ليحكم سوريا عقودا أربعة، فضلا عن حكمه لجارته الصغيرة لبنان عن طريق بث الفتنة والاقتتال والسيطرة على القرار السياسي هناك.
الأسد الابن بات أقوى من أبيه وأطول أنيابا بفضل العوامل الجغرافية والمؤثرات الدولية والأحلاف التي جعلت منه عنصر إثارة بين ثلاث دول أصغرها إيران فيما روسيا الحليف الأكبر له تستغله لتحسين شروط مفاوضاتها مع الغرب خصوصا واشنطن، أما الصين فإن مصلحتها أيضا في اختراق العالم المتقدم بواسطة الحربة السورية، لذلك يعتمد نظام بشار الأسد على هذه الروافع الثلاثة لدعمه خارجيا، فضلا عن مقاتلي حزب الله الشيعي الذي يندرج تحت القرار الإيراني، ولكن هل سيبقى هذه الثالوث قائما، ولمصلحة من؟
إذا فهمنا أن روسيا والصين تبحثان عن مصالحهما، فإن نهاية المحور الإيراني السوري تكاد قد اقتربت، بعد أن لاح في الأفق العديد من إشارات بداية النهاية للوضع العسكري السوري، وبعد أن تحل العوالق السياسية بين واشنطن وموسكو ستكون الصين بلا فائدة، وإذا تحركت القوة العسكرية الخارجية ضد نظام بشار أو رفع الحظر عن تسليح الثوار في بداية شهر مايو المقبل، سيكون ذلك بلا شك نهاية الكابوس الإيراني المزعج الذي دعم نظام الأسد وأمده بالسلاح والفوضى والمرتزقة الذين قتلوا الأبرياء من السوريين دفاعا عن النظام الدموي.
من هنا على الدول العربية المعنية تماما بالقضية السورية، والدول الأقرب إلى سوريا الشعب والأرض أن تضع خططا لاحتضان سوريا الجديدة وتدعمها لقيام نظام سياسي عربي بامتياز دون أحقاد أو ضغائن انتقامية، حتى لا يتكرر سيناريو العراق الذي انطوى على نفسه ويمم شطر طهران فقط، وبات الصراع الطائفي فيه يهدد استقرار منطقة الخليج والمحيط العربي من جديد.
إن المقاتلين العرب من شتى اتجاهاتهم العقائدية في سوريا، باتوا يشكلون تهديدا حقيقيا لكتائب النظام السوري، ومهما تكلم أحد عنهم بأن خلفياتهم التنظيمية جاءت من بيئة جهادية أو ما تسمى إرهابية كالقاعدة أو جبهة النصرة المبايعة، أو السلفية الجهادية، فإنهم لن يتراجعوا عن القتال ومحاولة السيطرة على الجيوب أو القطاعات أو حتى المحافظات في الأراضي السورية، وهم يخففون على الجيش السوري الحرّ في قتاله مع جيش النظام، رغم أن الناطق باسم الجيش الحرّ عارف الحمود قال قبل أيام أن الجيش الحرّ ليس بحاجة لمساعدة من المقاتلين، ولكنه يعلم بداخله أنه كلما فتحت الساحة للمزيد من التنظيمات المسلحة باتت مهمة النظام أكثر تعقيدا.
لهذا من المهم جدا أن ينتهي المحور الإيراني السوري الذي يسعى إلى الانتصار في المعركة، وأي تقدم يحققه هذا المحور المقاتل، سيعزز وجود إيران في غرب الشرق الأوسط، مع الملاحظة أن هدفه بالتأكيد ليس الحرب مع إسرائيل كما يدعون، بل لمحاولة تطويق بقية البلدان العربية السنية في الخليج العربي والأردن وخنق الداخل اللبناني، الذي باتت أصوات شيعية فيه تنادي بفك الارتباط مع النظام السوري، لخشيتها من مواجهة قادمة مع أعداءه في لبنان، وتصفية حزب الله الذي ظهرت نواياه الحقيقية في أنه الكتيبة المناورة لنظام الأسد العلوي في سوريا.
من هنا على الدول العربية خصوصا قطر والسعودية التي تقف إلى جانب الأغلبية السنية المضطهدة في سوريا، العمل بعناية وسرعة لمحاولة إخراج نظام قيادة سوري متكامل يكون مستعدا لقيادة سوريا المستقبل إلى المستقبل المشرق بعروبته وتقدميته من خلال اتحاد جميع الفصائل تحت قيادة سورية تضمن انتقال للسلطة بأقل الخسائر، والمحافظة على بنية الدولة في سوريا من الانهيار، ودعم نظام ديمقراطي متعدد تشترك فيه كافة أطياف اللون السوري، ولإعادة بناء سوريا الجديدة.