الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيماوي سوريا يحير الأمريكيين والإسرائيليين

كيماوي سوريا يحير الأمريكيين والإسرائيليين

02.05.2013
ماجد أبو دياك

السبيل
الخميس 2/5/2013
فقدت أمريكا مصداقيها في المنطقة منذ أمد بعيد، حين رهنت سياستها بأمن الكيان الإسرائيلي ومصالح واشنطن السياسية. وها هي تنكشف عورتها في سوريا حينما التزمت بأنها لن تسكت عن استخدام النظام السوري الكيماوي، ولكنها عادت لتقول إنه لا يكفي للرد على النظام تأكيدات أن النظام استخدم الكيماوي، حتى لو جاءت هذه التأكيدات من أجهزة مخابراتها!
التردد الأمريكي تجاه كيماوي سوريا يأتي من الارتباك في الموقف الإسرائيلي الذي لم يقرر بعد ما هو الأفضل لصالحه: سقوط النظام أم بقاؤه، منشغلا في معركة طاحنة مع المعارضة الإسلامية المصممة على الإطاحة بحكم الأسد وعائلته.
يرى الإسرائيليون-ومعهم الأمريكيون- أن سقوط النظام يحمل مخاطر كبيرة من أهمها انهيار الدرع الواقي أمام الحدود الممتدة بين سوريا والكيان الغاصب، وإمكانية سقوط أسلحة كيمياوية بيد المعارضة، أو حتى نقلها لحزب الله الذي يقاتل كتفا إلى كتف مع النظام السوري؛ للحيلولة دون سقوط حليفه وحليف إيران القوي في المنطقة.
وفي المقابل، يرى قادة الكيان أن انتصار النظام على معارضيه، أو حتى توازن معادلة القوى معه سيهشمه وسيجعله ألعوبة بيد الأمريكيين لكي يدعموه في حربه على ما يسميه الإرهاب الإسلامي. ولكن المشكلة في هذا الخيار أن النظام أصبح قاب قوسين أو أدنى من السقوط، فهو يخسر ويتراجع كل يوم أمام إصرار المقاتلين الإسلاميين الذي يتسلحون بعقيدة وإيمان لا يقهر.
ولهذا السبب تنافق أمريكا للمعارضة السورية، وتقرب التيارات العلمانية منها وتدعي دعم المعارضة بما تسميه السلاح الدفاعي، وذلك في وقت تستعد لتوجيه ضربات للمقاتلين الإسلاميين؛ لإضعاف شوكتهم وجعلهم غير قادرين على تشكيل تهديد لجيرانهم (إسرائيل وغيرها).
ويعبر الكاتب الإسرائيلي دان مرغليت عن هذه الحيرة فيقول: «أيهما أفضل بالنسبة لإسرائيل؟ هل أن تهاجم الأسد وتشجع الأمريكيين على فعل ذلك، أم تقف جانبا وتأمل أن يطول التعادل في الحرب الأهلية في سوريا قدر المستطاع؟ وإذا كان هذا هو الإمكان الأفضل فلماذا نشتكي الأمريكيين الذين لا يحققون تهديدهم بالرد بالقوة العسكرية على استعمال السلاح الكيميائي؟».
لقد أجاب الأمريكيون عن هذا التساؤل، ويبدو أنهم قرروا أن أفضل خيار متاح هو استمرار الوضع الحالي؛ بمنع المعارضة من امتلاك سلاح ثقيل، أو دعمها بالطيران لتحقيق انتصار سريع على قوات الأسد كما حصل مع القذافي الهالك. ولكن هل يريح هذا الخيار الأمريكيين وحلفاءهم؟ والجواب هو لا قاطعة؛ لأن تقدم المعارضة مستمر على الأرض وخسارة الأمريكيين إن لم يتدخلوا محققة في بلد يسعون لانتزاعه من روسيا كمنطقة نفوذ خالصة لهم، وهم يحاولون إجبار الطرفين على الحل السياسي، وهذا الأخير لم تثبت نجاعته حتى الآن!
إلا أن الخط الأحمر عند الأمريكيين والإسرائيليين هو تسرب هذه الأسلحة لحزب الله، وجوابه عند الإسرائيليين واضح وهو توجيه ضربات لهذه الأسلحة في حال تم رصدها بالتعاون مع الأمريكيين (هذا إن تم رصدها أصلا).
وفي هذا السياق تمارس بريطانيا دور المحرض على تسليح المعارضة، ولكن ذلك لا يبدو مسعى صادقا؛ لأن الإجماع الغربي هو غير ذلك للأسباب التي ذكرناها آنفا.
إذاً هي حيرة امريكية إسرائيلية غربية في التعامل مع ملف سوريا. ويقع في ذيل اهتمامات هؤلاء الشعب السوري وتخليصه من تسلط النظام الطائفي. ويدفع ذلك إلى الاعتقاد أن الأمور لن تتحرك، ما لم تحدث اختراقات كبيرة بانتصارات المعارضة على قوات النظام، وهو ما سيدفع الغرب عندئذ إلى تقديم تنازلات للمعارضة، والقبول بها على حالها، ومحاولة تحجيم من يسميهم «المتطرفين» في المعادلة.