الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لحظة دمشق المريضة!

لحظة دمشق المريضة!

29.04.2013
صالح القلاب

الرأي الاردنية
الاثنين 29/4/2013
ما دام أن خيارات النظام السوري للخروج من هذا المأزق هي ،كما قال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، :إمَّا حل سياسي وفقاً لما عرضه بشار الأسد في خطابه الشهير في السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي أو الإستمرار في محاربة «الإرهاب» «فلدينا جيشٌ قوي ودولة قوية» فإن هذا يعني أن هذا النظام مصرٌ على خيار الحرب لأنه يعرف انه من غير الممكن أن تقبل المعارضة بما عرضه الأسد لأن ما عرضه هو إستسلام هذه المعارضة بدون لا قيد ولا شرط.
وحقيقة أن هذا الذي قاله فيصل المقداد يشير إلى أنَّ هذا النظام قد أصبح في ورطة فعلية فهو يطرح حلولاً سياسية لا هي معقولة ولا هي مقبولة ومنها هذا الحل المشار إليه آنفاً الذي طرحه بشار الأسد في خطاب يناير (كانون الثاني) الماضي والذي عرض فيه التفاوض مع المعارضة ،التي وصفها في هذا الخطاب ذاته بأنها «عصابات مسلحة تأتمر بأمر الخارج»، على أساس إلقاء السلاح والتسليم بشروطه التي أهمها بقاؤه في السلطة وعدم تنحِّيه.
ولعل ما يؤكد أن بشار الأسد ونظامه قد أصبحا في مأزق فعلي من الصعب الخروج منه من خلال التسويات والحلول السياسية أن فيصل المقداد هذا قد لجأ ،لإخافة من يعتبرهم أعداءً، إلى تهديد الولايات المتحدة بهجمات إرهابية كهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 الشهيرة وإلى التحذير من أن «المقاتلين الإسلاميين» سينشرون نار الإرهاب في أنحاء العالم إذا إستمرت أميركا بدعمها للمعارضين السوريين المسلحين!!.
والمعروف أن هذا ما كان فعله نظام صدام حسين الذي عندما دارت الدوائر عليه ،كما يقال، وعندما تأكد من إقتراب لحظة دفع الحسابات التي كان يهدده بها الغرب والولايات المتحدة لم يجد ما يفعله سوى التهديدات الفارغة والقول أنَّ المصالح الأميركية في العالم كله سوف تصبح أهدافاً للإسلاميين ولـ»الأحرار»..وحيث عندما وقعت الواقعة وبدأ هجوم النهاية لم يكن هناك وفي الكرة الأرضية كلها إلاَّ تفجير قنبلة صغيرة من صنع محليٍّ في أحد شوارع «أثينا» الخلفية أعلنت مسؤوليتها عنه منظمة مغمورة وهمية.
والخوف ،وهذا وارد في ضوء هذا المأزق، أن يلجأ نظام دمشق إلى الأسلحة الكيماوية ،التي كان لجأ إلى إستخدامها صدام حسين ضد الأكراد في مذبحة «حلبجة» الكارثية الشهيرة، وأن لا يكتفي بإستخدامها ضد الشعب السوري والمعارضة السورية ،وفقاً لتقصِّيات الإستخبارات الغربية والتقصِّيات الأميركية، بل سيذهب إلى أبعد من هذا بإستخدامها ضد الدول المجاورة بحجة تحولها إلى مراكز لإطاحة بشار الأسد وإلى قواعد للمعارضة السورية والحقيقة أنَّ تجارب التاريخ تؤكد أن هكذا أنظمة لا تتورع عن القيام بما هو غير متوقع وغير معقول وإن هكذا رؤساء وقادة لا يترددون في إستخدام أكثر الأسلحة خطورة عندما تصبح الآفاق أمامهم مسدودة ومغلقة.
إنه غير مستبعد ولا مستغرب أن نسمع ذات يوم قريب هذه الزمر الداخلية والخارجية التابعة والمؤيدة لهذا النظام الذي بات يغرق في دماء شعبه حتى العنق تهتف :بـ»الكيماوي» يا بشار فهذا ما كان فعله «الصَّداميون» الذين كانوا لا يعرفون حقائق الأمور والذين كانوا يعيشون في الأوهام على «الهوامش» والذين ،كما هو معروف، قد سارعوا إلى الفرار بجلودهم عندما حانت لحظة الإمتحان وبدأت الدبابات الأميركية تزحف على بغداد العظيمة كما زحفت عليها جحافل البرابرة المغول في لحظة تاريخية كانت أيضاً مريضة!!.